“وأد فتنة الخوارج” تحت هذا العنوان رفعت قيادة داعش في العراق لواء القضاء وملاحقة أي من “الخوارج” بحسب التسمية التي تم تداولها في أوساط الجهاديين.
أزمة قديمة جديدة ومتلاحقة نشأت في العراق وبطبيعة الحال امتدت وطُبقت على واقع الحال في افريقيا حيث يحاول داعش ويستميت لإحكام قبضته.
فكما عمدت قيادة داعش العليا إلى التخلص من القيادات الأجنبية/المهاجرة البارزة عبر تكليفهم بتنفيذ هجمات انتحارية، وإرسالهم إلى نار المعارك للتخلص منهم، على المنوال نفسه استمرت سياسته في افريقيا ولعل قتل أبي بكر شيكاو خير دليل على نوايا داعش وعداوته لأفراده الأجانب.
عندما أعلن القيادي السابق في التيار السلفي بالأردن سعد الحنيطي، انشقاقه عن تنظيم داعش، كاشفاً عن «سطوة الأمنيين» والقياديين العراقيين على التنظيم، وسط معلومات عن أن الحنيطي كان قيد الإقامة الجبرية لدى التنظيم كان ذلك قبل اندحار التنظيم في العراق وسوريا لكن ما نشا عليه التنظيم فهو مستمر فيه اليوم عندما قررت القيادة المركزية التمدد نحو افريقيا.
داعش وسرّ التمييز العرقي
تنص المادة 8 من دستور التنظيم على أن اللغة العربية هي لغة التواصل بين المجموعات العاملة تحت كنف التنظيم، على الرغم من أن عدداً كبيراً من عناصر التنظيم ليسوا بعرب، فالتنظيم استبعد غير الناطقين باللغة العربية من استلام مناصب قيادية فيه.
يقول المحلل الاستخباراتي من مركز “بول وارك” للاستخبارات النيجيري، جيس عطا، “اللغة العربية تبقى لغة التواصل الوحيدة بين الجماعات، ومع مرور الوقت شهدنا تمييزاً كبيراً من الناحية العرقية في التنظيم تجاه المجموعات المحلية، خاصة عندما يتعلق الأمر باللغة والثقافة وجمع القطع الأثرية، وكان ذلك واضحاً خلال سيطرة التنظيم على مناطق في سوريا والعراق في عام 2014”.
“داعش” استغل اللغة العربية في تحقيق طموحه السياسي
ارتكزت جذور تأسيس التنظيم على اللغة العربية، فالتنظيم اعتمد عليها كوسيلة جذب لكن مع الوقت اثبتت الوقائع أن داعش: عمد إلى استبعاد كل الأفراد الأجانب وحرمانهم من أي مناطب قيادية.
حاول تطبيق أسس وقواعد لا تتماشى مع تنوع الإتنيات ومصالحها وتقاليدها ولا سيما في افريقيا، وأبعد من ذلك كانت علامة فارقة ارادته بالتخلص من أفراده الأجانب من خلال أما تهميشهم أو إزاحتهم من المشهد.
داعش يتوسع في افريقيا ولكن..
تطرق المحلل الاستخباراتي من مركز “بول وارك” للاستخبارات النيجيري، جيس عطا، في لقاءه معنا، إلى وضع التنظيمات الجهادية في وسط وغرب إفريقيا في لقاءه، والتي شهدت ضربة قاسية مع الإعلان الفرنسي، في 16 ستمبر/ أيلول الجاري، عن قتل زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” عدنان أبو وليد الصحراوي في غارة جوية فرنسية استهدفت معقله في منطقة الساحل.
يرجع عطا انتشار تنظيم “الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا” إلى تدهور الاقتصاد في تلك المنطقة وارتفاع نسب البطالة بين الناس، مما أدى إلى ازدهار هذا التنظيم في الغرب الإفريقي، على حد تعبيره.
ويقول: “من عملي، في التحليل الأمني، لاحظت زيادة في أنشطة تنظيم “الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا” من عام 2018 حتى هذه الفترة، بالرغم من الأزمة الداخلية، كان هناك نمو مطرد، وإن لم يكن بوتيرة متصاعدة طوال الوقت، فقد كانت هناك منحدرات وارتفاعات كبيرة”.
وحول جغرافية انتشار التنظيمات الجهادية في إفريقيا، يقول: “قبل ثلاثة أشهر، عندما كنت أنظر إلى خريطة الحوادث، رأيت نيجيريا وتوغو وغنانا وبنين حيث أطلق عليهم تسمية “قوس العنف”، وفي الشمال، تواجه النيجر وبوركينا فاسو وجوداً واسعاً للمقاتلين الجهاديين في تلك المنطقة، ونحو الشرق لديك تشاد والكاميرون حيث يوجد فيهما سلسلة من انتشار الجهاديين وسط ضبابية مشهد قضاياهما الداخلية”.
وأشار إلى أن التنظيمات التابعة لـ”داعش” تنفذ هجمات استراتيجية، قائلاً: “هناك شيء يجب أن تلاحظه بين هذه الجماعات هو أن هجماتها لا تستهدف المدنيين ولكنها تستهدف أهداف صعبة مثل العسكريين ومسؤولي الأمن الداخلي في نيجيريا والكاميرون والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو”.
واعتبر أن نيجيريا وبنين وتوغو وساحل العاج موجودة حالياً في دائرة من العنف، “في شمال غانا، شهدنا عمليات توغل لكن عناصر الأمن الغانيين تمكنوا من صد تلك الهجمات لكن داعش يواجه اشكالية هنا تتمثل بتواجد مجموعات مسلحة أكثر شراسة وهي جميعها مسلحة ولن تقبل بالتأكيد الإنصياع إلى مقررات قيادة داعش بعيداً من مصالحها الخاصة.
فهل يحفر داعش قبره في افريقيا؟ وهل يغرق في مستنقع الأزمات والإختلافات الإتنية؟