جهاديو “الشمال السوري” يتبادلون الاتهامات بالعمالة لداعش
تواصلت الخلافات الدائرة بين هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا)، وبين تنظيم حراس الدين (فرع القاعدة السوري)، وذلك على خلفية دعوة أمير التنظيم الأخير “أبو همام السوري” لحل المشكلات العالقة بين الطرفين، عن طريق الاحتكام للمنظر الجهادي “أبو قتادة الفلسطيني” أو أي هيئة مستقلة.
ونشرت قنوات تابعة لهيئة تحرير الشام، التي تُسيطر على إدلب في شمال سوريا، على تطبيق تليغرام للتواصل الاجتماعي، معلومات وتفاصيل جديدة عن عدد من قادة “حراس الدين”، قائلةً إن فرع القاعدة السوري يتعاون وينسق مع خلايا تنظيم داعش في شمال البلاد.
وذكرت قناة “الشمالي الحر”، (شبه رسمية)، أن “أبو يحيى الجزائري”، الشرعي البارز في “الحراس”، يكفر قيادة “الهيئة” ويدعو لاستئصالها، ويدير عدة خلية سرية متخصصة في تنفيذ هجمات إرهابية ضد أفراد “تحرير الشام”، مضيفةً أن بينه وبين تنظيم داعش (الذي يكفر الهيئة والقاعدة معًا ويقاتلهما)، تنسيق واتفاق.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2020، داهم مسلحو جهاز الأمن العام (التابع للهيئة)، مقرات مجموعة “أبويحي الجزائري”، في قرية تلعادة (تابعة لناحية الدانا منطقة حارم شمالي إدلب)، ودارت اشتباكات بين الطرفين، وتمكن مسلحي الجهاز من السيطرة على مقرات “مجموعة الجزائري”، ومصادرة الأسلحة والذخائر الخاصة بها.
وأشارت قناة “الشمالي الحر”، إلى أن “أبو ذر المصري”، شرعي بارز بالحراس، أسس وقاد خلايا أمنية متخصصة بالاغتيالات واستهداف حواجز ومقرات هيئة تحرير الشام بالتنسيق مع خلايا تنظيم داعش، واجتمع مع “أمنيّ داعش” للتنسيق وترتيب الهجمات ضد الهيئة، قبل أن يلقي جهاز الأمن العام القبض عليه في أبريل/ نيسان 2021.
ولم تشر المنصات الإعلامية التابعة لـ”تحرير الشام”، إلى فصل أبي يحيى الجزائري، وأبي ذر المصري، من تنظيم حراس الدين، في يوليو/ تموز 2019، رغم أنها نشرت قبل أيام قرار فصله، في معرض ردها عن الخلافات الداخلية في التنظيم التابع للقاعدة.
وفي نفس السياق، قالت القناة المحسوبة على هيئة تحرير الشام، إن أبو درغام الساحلي (مرافق قاضي حراس الدين المقتول “أبو عمر التونسي”)، كان تابعًا لحراس الدين ومبايع لداعش في نفس الوقت، وكذلك كان أبو حسن الجمل (أحد الكوادر الطبية في حراس الدين)، مردفةً أنهما شارك في هجمات ضد هيئة تحرير الشام، قبل أن تعتقلهما الهيئة في 30 أغسطس/ آب الماضي، بعد مداهمة مكان اختبائهما في جسر الشغور (شمال غرب إدلب).
ووصفت “الشمالي الحر” قيادة تنظيم حراس الدين العليا بأنها مخترقة من قبل تنظيم داعش، مضيفةً أن “أبو عمر المصري”، مرافق أبو همام الشامي، أمير تنظيم حراس الدين، مبايع لداعش ومتزوج من اثنتين من نساء التنظيم الأخير، زاعمةً أن عمله الأساسي الذي كان مكلفًا به من قيادة داعش، هو رصد حركة أفراد الهيئة، وتحديد إحداثيات بيوتهم ومقراتهم ورفع المعلومات لخلايا الدواعش الأمنية، وذلك قبل إلقاء القبض عليه من قبل الجهاز الأمني التابع لهيئة تحرير الشام/ جهاز الأمن العام.
حراس الدين ترد على اتهامات تحرير الشام
في المقابل، قال أبو محمد نصر، الجهادي المحسوب على القاعدة في سوريا، إن رمي التنظيمات والجماعات الناشطة في الشمال السوري بتهمة “الدعشنة”، يهدف إلى وصم كل الجماعات الخارجة عن دائرة التفاهمات الإقليمية والساعية لمواصلة الهجمات ضد النظام السوري والجيشين التركي والروسي، دون الالتزام بالاتفاقات المبرمة مع قيادة هيئة تحرير الشام.
وأضاف أبو يحيى الشامي، المحسوب على حراس الدين، أن اعتراف كوادر حراس الدين المعتقلين لدى هيئة تحرير الشام بالعمل مع داعش، لا يمكن الاعتداد به لأن تلك الاعترافات انتزعت تحت الإكراه، أثناء مكوثهم في سجون جهاز الأمن العام.
ومن جهته، قال أبو الحسن الكويتي (علي العرجاني)، القيادي السابق بجبهة النصرة، إن قيادة هيئة تحرير الشام الحالية، تعتنق فكر داعش وتعمد إلى استخدام ممارسات التنظيم مع مخالفيها، بينما تتهم غيرها بالانتماء إلى التنظيم.
واحتدمت الخلافات بين هيئة تحرير الشام، وتنظيم حراس الدين، مؤخرًا، وذلك بعد مرور عام على شن الهيئة حملة مركزة على التنظيم، واعتقالها لعدد من قياداته وكوادره الفاعلين.
وبدوره، أصدر المجلس الشرعي العام التابع لهيئة تحرير الشام، بيانًا للرد على دعوات أبو همام الشامي، أمير تنظيم حراس الدين، للتحاكم إلى هيئة قضائية مستقلة في الخلافات الدائرة بين الطرفين.
وقال المجلس الشرعي، إن الهيئة سبق وحذرت قيادة حراس الدين من إطلاق تهم التكفير والتخوين ضدها، بغير وجه حق، لكنها لم تستجب وأصبحت تلمح بشكل واضح إلى وجود علاقة بين الهيئة وبين التحالف الدولي (عملية العزم الصلب).
ولفت المجلس الشرعي لهيئة تحرير الشام إلى أن عدد كبير من خلايا تنظيم حراس الدين، انضموا إلى مفارز تنظيم داعش الأمنية الناشطة في شمال سوريا، ونفذوا هجمات واغتيالات وتفجيرات عديدة، مؤكدًا على رفضه النزول على دعوات التحكيم التي أطلقها أبو همام الشامي، قائلًا إن هناك أنواع عديدة من “التحاكم الشرعي”، وإنه لا يقتصر على التحاكم إلى شخص أو جهة معينة، واعتبار الرافض له ممتنعًا عن “حكم الشريعة بشوكة”.
وعلى الجهة الأخرى، أصدر سامي العريدي، الشرعي العام لتنظيم حراس الدين، بيانًا للرد على المجلس الشرعي للهيئة، قائلًا إن إطلاق أي حكم عليها أو على غيرها يخضع إلى ضوابط شرعية معتبرة، مضيفًا أن التنظيم لا يتعامل حتى الآن مع الهيئة على أنها طائفة ممتنعة بشوكة.
واعتبر “العريدي”، الذي يمكث في مكان غير معلوم بشمال سوريا هربًا من ملاحقة هيئة تحرير الشام، أن المجلس الشرعي لهيئة تحرير الشام يشوش على دعوات أمير حراس الدين، وذلك لأن موقفهم ضعيف ولا يريدون التحاكم إلى قضاء مستقل.
واختتم الشرعي العام لتنظيم حراس الدين بيانه بالقول إن أعضاء الهيئة الشرعية للتنظيم، أصبحوا إما معتقلين لدى الجهاز الأمني للهيئة أو مطاردين خوفًا من اعتقاله أو هربًا من ملاحقة التحالف الدولي لهم.