الشيخ الدحوري للقاعدة: خروجكم حتمي
منذ العام 2011 ومحافظة أبين، كما مناطق عديدة من جنوب اليمن، تعاني من إرهاب القاعدة التي كانت قد احكمت قبضتها حينها على المحافظة وأعلنتها إمارة لها.
وللسنوات التي تلت شهدت المدن الرئيسة للمحافظة معارك كر وفر بين القاعدة وذراعها أنصار الشريعة والقوات الحكومية، فتارة تسيطر القاعدة وتارة تستطيع القوات الحكومية دحرها وتحرير المدن التي كانت قد وقعت بقبضتها، نتج عن ذلك دمار كبير في البنى التحتية لمعظم مدن محافظة أبين، خصوصًا عاصمتها زنجبار ومدينة جعار بمديرية خنفر.
في العام 2016، تشكلت لجنة وساطة قبلية بمحافظة أبين بين القوات الحكومية وتنظيم القاعدة، أفضت إلى خروج القاعدة سلميًا من زنجبار وجعار، وتسليمها للقوات الحكومية. وكانت لجنة الوساطة قد توصلت لاتفاق مع القاعدة على أن يبقى أبناء أبين من أفراد القاعدة في منازلهم دون أن يتعرضوا لمضايقات طالما ليس عليهم أي تهم، مقابل خروج جميع أفراد القاعدة ممن هم من خارج المحافظة، كما أعطيت لها مهلة أسبوع لنزع الألغام التي كانت مزروعة على الطريق الساحلي الرابط بين أبين وعدن.
بالرغم من تطبيق ذلك في حينه، فإن القاعدة تقوم بين حين وآخر بهجمات على نقاط أمنية، يروح ضحيتها عسكريون ومدنيون يمنيون.
أخبار الآن التقت مع رئيس لجنة الوساطة القبلية، الشيخ شائع سالم الدحوري وهو واحد من أبرز مشائخ أبين، وسألته عن كيفية تكوين اللجنة آنذاك والدواعي التي أنشئت لها أساسًا. فقال الشيخ الدحوري إن “اللجنة تكونت عندما كانت القاعدة موجودة في زنجبار وخنفر، وأثناء وجودها من الطبيعي أن يتضرر الأهالي من القصف وقصف الطيران. مجرد وجود القاعدة في أبين وزنجبار سبب مشكلة بالنسبة للأهالي، لأنها تسببت في قصف الطيران، وهذا ما أثر على النساء والأطفال”.
وأضاف الشيخ الدحوري أن بعض المشائخ والشخصيات الاجتماعية من أبين تواصلت مع القاعدة دون أن يؤدي ذلك لاتفاق، موضحًا أنه عقب ذلك “جمعنا من كل حي واحد من أبناء زنجبار وجلسنا، وتم اختياري كرئيس اللجنة وبعدها جلسنا مع القاعدة، وتحدثنا معهم”.
التائبون عن فكر القاعدة في أبين يعيشون آمنين في بيوتهم
وحول كيفية إقناع قيادات القاعدة بالخروج من المدن وتسليمها لمؤسسات الدولة الأمنية والشخصيات الاجتماعية ومباشرة السلطات المحلية مهامها، أوضح الشيخ الدوحوري قائلًا، “تحدثنا معهم وأوضحنا بأنه لا يمكن لهم أن يستمروا طبعًا، وقلنا لهم من الأفضل لكم أن تخرجوا، بل إنما خروجكم هو شيء حتمي، ولستم الدولة”.
وبيّن أنهم أخبروا قيادات القاعدة بأنه، “يجب أن يكون هناك وجود للدولة من أجل أن توفر الخدمات الأساسية للحياة والضرورية للبقاء. ولهذا طرحنا عليهم مواضيع أن وجودكم يؤثر علينا، وأننا في حالة غياب الدولة”، مؤكدًا أن الدولة لم تترك القاعدة أن تبقى، ولهذا كان هناك قصف للطيران، وكان يؤثر على الأطفال ما تسبب بالأمراض والخوف الهلع بين الأطفال”.
وبخصوص بنود الاتفاق مع القاعدة نظير خروجها من زنجبار وجعار، بيّن رئيس لجنة الوساطة القبلية أن “بنود الاتفاق جاءت في في نهاية المطاف، أما أوله فكان عندما حاولنا إقناعهم وتوصلنا معهم إلى قناعة بالخروج، كانت هناك شروط من قِبلهم، وتم قبول بعضها”، موضحًا أن طلب القاعدة تلخص في رغبتها بأن يبقى أفرادها من أبناء زنجبار ممن كانوا يعملون بالأجر اليومي، وفقدوا أعمالهم عقب سيطرة القاعدة، وحاولوا إثر ذلك بسبب العوز أن يناصروها أو يدعموها ولو لوجستيًا بغية العيش.
وبسؤاله عن أي صعوبات أو ربما تهديدات واجهتهم من قبل القاعدة، قال الشيخ شائع سالم الدحوري أنه لم يكن هناك تهديدات، “فنحن كنا نتحاور معهم، هناك من كان ينصحنا من الناس والمسؤولين بالابتعاد عن هذا لاطريق الوعر، خصوصًا أن أحدًآ لم يفاوض القاعدة، وأعتقد أنه على المستوى الإقليمي أيضًا لم يقم أي أحد بمفاوضة القاعدة والوصول معها إلى حلول، كانت نيتنا طيبة وكانت نيتنا سليمة، لا أهداف لها سوى أن المعاناة في الحياة هي التي فرضت علينا المحاورة مع القاعدة”.
ورأى الشيخ الدحوري أن انضمام أبناء محافظة أبين إلى القاعدة لم يكن مبنيًا على عقيدة، بل من باب العوز والحاجة، قائلًا، “أنا أرى وطبعًا من وجهة نظري الشخصية التي قد تكون أقرب إلى الخطأ منها إلى الصواب، لكن أثناء الحوار معهم نرى أنه كان من باب العوز، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول أعوذ بك من الفقر والكفر، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول ما دخل الفقر المدينة إلا وقال الكفر خذوني. ولهذا أرى أنه من باب العوز”.
كذلك أكد الشيخ الدحوري توبة بعض المنتمين سابقًا للقاعدة، لافتًا إلى معرفته باثنين ممن تابوا، وقال، “بعد الحوار أعرف اثنين منهم قد تابا، واحد في الجهة الشرقية وواحد في المنطقة الوسطى، عادوا والآن موجودون، بمعنى قد خرجوا عن إطار الفكر القاعدي، والآن يعيشوا حياة سليمة”.
الشيخ شعتل: العوز سبب قيام البعض باتباع القاعدة
هذا الكلام أكده كذلك الشيخ محمد شعتل أحد أبرز المشائخ بمديرية خنفر وعضو لجنة الوساطة القبلية لإخراج تنظيم القاعدة من زنجبار وخنفر.
قال الشيخ شعتل أن “انضمام أكثر الشباب من أبناء أبين إلى القاعدة ليس ناتجًا من عام 2015، بل إن أبين تعاني من حروب وحصار ودمار منذ عام 2011، ومنذ ذلك الوقت ضغطت الظروف على الشباب، فكان الشاب لا يجد لقمة عيشه ولا ما يسد به نفسه للأكل، فاضطروا أن يتبعوهم، لا عن عقيدة ولا عن مبدأ القاعدة ولكن بسبب الجانب الاقتصادي والمادي الذي جعلهم يشتركون في مثل ذلك”.
وردًا عن سؤال حول توبة قيادات أو أفراد من القاعدة، أوضح الشيخ شعتل أنه “بعد دخول الجيش إلى أبين وكان على رأسهم العميد عبد اللطيف السيد، قائد الحزام الأمني في مجافظة أبين، عاد كثير من الشباب ممن كانت لهم نوايا مادية ولم تتلطخ أيديهم بالدماء، على أساس أنهم يرجعون وعليهم الأمن والأمان ألا يتعرض لهم أحد، واجتمعنا مع السيد عبد اللطيف وكان متجاوبًا، وأخبرنا أنه أي شخص لم تكن يده ملطخة بالدماء فهو آمن في بيته وأي من اعتدى عليه فأنا حاميه، فرجعوا كثير من الشباب، وفعلًا لم يمسهم أحد ولم يقترب من بيوتهم”.
كذلك أشار إلى أن غالبية الذين رجعوا “هم أبناء مدينة جعار ونحن متعايشون معهم يوميًا، وحياتهم طبيعية، وبعض الشباب منهم لديهم دافع بأن يخدموا أرضهم، حتى أن بعضهم انضم إلى الحزام الأمني وعملوا مع العميد عبد اللطيف السيد لأنه يدري بأن بنواياهم ليست نوايا عقيدة بل بسبب الفقر واليوم هم من أبرز الشباب وأشجعهم في أبين”.
وتابع الشيخ شعتل ب القول، “نحن عندنا شباب فعال، ممكن أن يبني مصانع وطرقات ويساهم في الإعمار. عندنا ثروة يمكن أن تبني بلدانًا غير اليمن، فعلى السلطة اليمنية ألا تهمل الشباب، إهمل الشباب من 20 سنة وهو يتربى عاطلًا عن العمل، جالسًا عند أمه، لا يبحث عن لقمة العيش أو ما يؤمن به زواجه، يجعل شبابنا يذهبون وراء تيارات غير مرضية وغير صالحة لهم أو لأوطانهم، إذا قامت الدولة بتشكيل لوائين، تجعلهما حرسًا للحدود أو حراس أمن أوغير ذلك، واستقبلت عبرهما الشباب وأبعدتهم عن طريق الخطأ، فلا يجب إهمال الثروة البشرية والحقيقية لليمن”.