“لم أكن أتوقّع سيناريو كهذا لأنّ أوكرانيا بلد مسالم جدّاً، ولم نهاجم جيراننا يوماً”.. بتلك الكلمات بدأت السفير الأوكراني في لبنان إيهور أوستاش حديثه في لقاء خاص مع “أخبار الآن“، مشدّداً على أنّ “الأوكرانيين مستعدون لطرح كلّ الحلول الممكنة بالطرق الديبلوماسية والسلمية”.
- السفير الأوكراني إيهور أوستاش لأخبار الآن: مستعدون لطرح كلّ الحلول الممكنة بالديبلوماسية والسلمية
- أوستاش: حزب الله يلتزم الحياد حتّى الآن وآمل أن يبقى كذلك طيلة فترة العدوان الروسي على أوكرانيا
- أوستاش: روسيا تعجز عن استقطاب دعم من الدول المتحضرة فتطلب ذلك من سوريا
- أوستاش للسوريين: أرجوكم حاربوا من أجل سوريا ولا تمنحوا روسيا فرصة إقحامكم في هذا الهجوم الدموي
واعتبر أنّ “تلك حرب بوتين على أوكرانيا، فالقصة طويلة وتخللتها معارك كثيرة بين روسيا وأوكرانيا بدءاً من العام 2004″، قائلاً: “لقد خسر بوتين معركته الأولى خلال الثورة البرتقالية التي هدفت في الحقيقة إلى وقف ما يسمى بالمرشح الرئاسي المدعوم من روسيا فيكتور يانوكوفيتش، وكذلك حملة التزوير والمشاكل الجسيمة التي سببها لأوكرانيا والأوكرانيين، فتلقى بوتين جواباً بالرفض في الثورة البرتقالية. أمّا الثورة الثانية فكانت ثورة الكرامة حيث تكرّرت الحالة نفسها عندما حاول بوتين وقف انضمام أوكرانيا إلى الإتحاد الأوروبي، وحينها دفع مبلغاً قدره 3 مليارات دولار ليانوكوفيتش لقاء ثمن الحرية الأوكرانية”.
“إنّها حرب بوتين ضدّ أوكرانيا”
وتابع: “بعبارات أخرى، تلك كانت المعركة الثانية التي خسرها بوتين. لسوء الحظ، يعتبر خبراء وصحافيون عرب كثر أنّ تلك الحرب هي بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، لكن بوسعي أن أؤكّد لكم أنّ الصورة واضحة بنظري، فتلك حرب بوتين ضدّ أوكرانيا”.
ووأشار أوستاش إلى أنّ “الشعب اللبناني عاش الظروف نفسها وعانى الأمرّين، مضيفاً: “يمكنني الآن أن أقارن بيروت بكييف، وعاطفياً يقف السياسيون اللبنانيون حتى الحكومة اللبنانية إلى جانبنا، وأنتم تعرفون أنّ الحكومة اللبنانية أصدرت بياناً خاصاً جدّاً أدانت فيه العملية العسكرية الروسية، وكما ذكرت لقد كتب بدم اللبنانيين وبدم الكثيرين منهم ممن ناضلوا من أجل الحرية والإستقلال وحتى من أجل العائلة والدين، ونحن كذلك نعيش الوضع نفسه في أوكرانيا ونحارب من أجل حريتنا واستقلالنا، وكلي ثقة أنّ الشعب اللبناني متضامن اليوم مع الشعب الأوكراني”.
وأوضح: “حتى بعد صدور البيان عن وزير الخارجية اللبنانية، أكّد عليه رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية اللبنانية، وذلك يعني دعماً قوياً لم نكن نتوقعه. حتى أنّ لبنان صوّت لصالح أوكرانيا في الأمم المتحدة، وتلك رسالة قوية لكل الدول العربية، ويمكنني أن أقول لكم إن الدول العربية اتخذت موقفاً مختلفاً جدّاً، لكن اليوم هناك موقف موحّد صدر بالإجماع عن جامعة الدول العربية للتصويت لصالح أوكرانيا ضد الغزو الروسي، وكان لبنان أول بلد عربي يقف بجانب أوكرانيا ويدعمها”.
“أرجوكم حاربوا من أجل سوريا ولا تمنحوا روسيا فرصة إقحامكم في ذلك الهجوم الدموي والجائر والشرس”
السفير الأوكراني إيهور أوستاش
وعن دعوة روسيا السورريين إلى المشاركة بالحرب في أوكرانيا، قال: “حصلت محاولة من الجانب الروسي لدعوة الكثير من المحاربين السوريين، ويقال إنّ عددهم يناهز الـ 20 ألفاً، لكن ذلك الأمر غريب جدّاً بنظرنا. أولاً لأنّه يصعب كثيراً على السوريين المحاربة في أوكرانيا خصوصاً في ذلك الشتاء القارس، وبالتالي يشكل الطقس تحدياً صعباً جدّاً على السوريين اليوم أصدرت سفارتنا بياناً خاصاً أدانت فيه محاولة روسيا إقحام سوريا في هذا النزاع”.
وتابع: “بنظري ذلك يعني أنّ روسيا تعجز عن استقطاب دعم من الدول المتحضرة ولم يبق أمامها سوى أن تطلب من الدولة الواقعة تحت سيطرتها أي سوريا، لمساعدتها على القتال لصالحها. لذلك الصورة واضحة للغاية برأيي. ليس هناك من دولة واحدة في العالم المتحضّر تدعم روسيا. كما أشعر أنّ السوريين ليسوا متحمّسين كثيراً لهذا الإقتراح لأنهم ليسوا على علم كبير بتلك الحرب، وآمل أن يكونوا قد علموا بالخسائر الفادحة التي منيت بها روسيا بعدما خسرت 12 ألف جندي، وبالتالي لن يكون القتال في الأراضي الأوكرانية سهلاً. وهنا أودّ أن أخاطب كل السوريين الموجودين ربما أمام شاشات التلفزة وأقول لهم أرجوكم حاربوا من أجل سوريا ولا تمنحوا روسيا فرصة إقحامكم في هذا الهجوم الدموي والجائر والشرس”.
وتوجّه السفير الأوكراني عبر “أخبار الآن” إلى الشعب اللبناني شاكراً له الدعم، قائلاً: “في الأيّام القليلة الماضية التقيت بعدد كبير من اللبنانيين وهم يدعمون أوكرانيا بشكل كبير. فالشيعة والسنّة والمسيحيون يناهضون جميعاً الحرب. ففي القرن الحادي والعشرين هذا ليس بأسلوب مناسب لاتخاذ قرارات معينة إن كان هناك فرصة للمساعي السلمية وللجهود الديبلوماسية، لكن في القرن الحالي العدوان مستهجن، وأعلم أنّ الشعب اللبناني بأسره تقريباً يناهض العدوان. كما أعرف أنّ موقف حزب الله وحده كان محايداً. حتى لو حصلت جهود لإقحام لبنان في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعرف أن معظم اللبنانيين سيواصلون دعم أوكرانيا”.
وعن احتمال انخراط حزب الله في الحرب، ردّ بالقول: “أنا أتابع موقف حزب الله وحتى الساعة لا أرى أيّ مشكلة متعلقة بمشاركته، وحتّى أنّ الموقف الإيراني واضح للغاية، وقد أصدر مرشد الجمهورية الإيرانية بياناً يناهض فيه الحرب، وتلك رسالة مهمة جدّاً للمجتمع الشيعي في لبنان برمته. لديّ النية في لقاء قادة شيعة خصوصاً رئيس المجلس النيابي اللبناني للحديث عن الوضع وبعض السياسيين التابعين لحزب الله كحزب سياسي. أنا واثق من أنّ موقف حزب الله في هذا الوضع سيكون محايداً وأشعر بدعم كبير بفضل الرسائل الكثيرة التي أتلقاها من اللبنانيين الشيعة”.
وتابع: “أنا أشعر بدعم كلّ المجموعات اللبنانية. كما نحاول اليوم أن نجمع مساعدات إنسانية وأقمنا حفلات خيرية كثيرة لأجل أوكرانيا وقد جمعنا مساعدات كثيرة للاجئين والجيش الأوكراني خصوصاً من المواطنين اللبنانيين العادين الذين جاؤوا إلى السفارة وأحضروا بعض المساعدات للأوكرانيين. اليوم نحاول أن نرسل الرزمة المقبلة من المساعدات الإنسانية التي تبلغ زنتها 10 أطنان وسنرسلها عن طريق بولندا. ذلك يعني أنه حتى على هذا المستوى يدعم اللبنانيون العاديين أوكرانيا بشكل كبير”.
وعمّا إذا يدعو حزب الله للبقاء على الحياد، قال أوستاش لـ”أخبار الآن“: “لا أرَ أيّ إجراءات وقائية ولا أيّ تحرك في اتجاه كهذا. ليس هناك أي إشارة على التحسن. أنا أتابع موقف حزب الله عن كثب وهو واضح جداَ بالنسبة لي الآن. فهو يلتزم الحياد وآمل أن يبقى كذلك طيلة فترة العدوان الروسي على أوكرانيا”.
“أنا واثق أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موجود الآن في مخبأ محصّن ولديه كم هائل من المشاكل مع الشعب الروسي لأنّه سرق مستقبل روسيا من شعبها”
السفير الأوكراني إيهور أوستاش
ولدى سؤاله عن العبرة أو الدرس من انخراط روسيا في الحرب السورية، أجاب: “إنّنا نتحدث عن الديمقراطية والحكم الإستبدادي. أنظروا إلى روسيا حيث الصورة جليّة جداً. فبوتين موجود في السلطة منذ 20 عاماً والنظام الحاكم في روسيا هو نظام توتاليتاري. بينما الوضع مغاير تماماً في أوكرانيا، ففي غضون 30 عاماً تعاقب 6 رؤساء على السلطة. كما يمكنكم أن تقارنوا رئيسنا الشاب والبطل الحقيقي زيلينسكي الذي يحارب يومياً في شوارع كييف إلى جانب الشعب الأوكراني. أما الرئيس الروسي فأنا واثق أنه موجود الآن في مخبأ محصّن ولديه كم هائل من المشاكل مع الشعب الروسي لأنّني واثق أنه سرق مستقبل روسيا من الشعب الروسي، وتلك مسألة خطيرة سيتعين عليه أن يواجهها في روسيا”.
وتابع: “لقد تسبب بمشاكل كبيرة في سوريا على مرّ سنوات ومنها مشكلة اللاجئين التي يواجهها لبنان اليوم بسبب وجود مليوني لاجىء سوري تقريباً على أراضيه. ذلك يعني أنها مشكلة خاصة بالأنظمة التوتاليتارية وتلك المشكلة مهمة في سوريا وأنا واثق أنها ربما ستعالج بعد انتهاء الغزو الروسي لأوكرانيا. أتمنّى أن تصبح سوريا بلداً مختلفاً وأن يحدث فيها بعض التغيير. كما أحلم بأن يأتي يوم يتمكن فيه كل الشعب السوري من أن يقرر مصيره على الأقل لتنظيم انتخابات حرة ولانتخاب رئيس جديد وحكومة جديدة وبرلمان جديد في البلاد. قصة سوريا قصة محزنة جداً. كما يحزننا ما تسببت به روسيا بحق السوريين”.
وحول ما إذا كان هناك تواصل نظيره الروسي في لبنان، قال: “نتواصل على الأغلب بشأن المعلومات الواردة عن الحرب، ومن جهة أخرى يمكنني أن أتفهم الديبلوماسية الروسية، فالديبلوماسيون الروس محترفون ولكن ما يفعلونه اليوم لا يصدّق لأنهم يكذبون على اللبنانيين والروس بشأن تلك الحرب التي لا يسمّونها حرباً، بل يطلقون عليها إسم عملية عسكرية خاصة، وهي تشبه بالنسبة إليهم عملية نزع أسلحة. يتحدثون فقط عن دونباسك ويقولون أن تلك الحرب هي من أجل دونباسك لكنهم يقصفون كل الأراضي الأوكرانية والمدنيين والأطفال، فقد سقط زهاء 90 طفلاً في تلك الحرب إلى جانب ألفي مدني. دماء هؤلاء تلطّخ أيادي الديبلوماسيين الروس لأنهم ديبلوماسيو الكذب فهم يكذبون على وسائل الإعلام اللبنانية والعالم بأسره لسوء الحظ”.
وختم أوستاش حديثه لـ “أخبار الآن” بأنّه “متفائل حيال مستقبل أوكرانيا لأنّنا متراصّون ومتحدون اليوم، فالأوكرانيون الناطقون باللغة الروسية والناطقون باللغة الأوكرانية على حد سواء، بتنا نشكل اليوم عائلة كبيرة واحدة ونحظى بدعم كبير من العالم بأسره، فكلّ العالم المتحضر يدعم أوكرانيا ونشعر بهذا الدعم كل يوم. في أوروبا مثلاً يمكنكم أن تروا كيف تضاء كل العواصم باللونين الأزرق والأصفر. كما يمكنكم أن تروا كيف فتح الأوروبيون أبواب منازلهم أمام اللاجئين الأوكرانيين في الدول الأوروبية، ولدينا دعم لوجستي تقدّمه الولايات المتحدة وكندا واليابان وكوريا والعالم بأسره، ما يعني أن ثمّة فرصة بعد انتهاء المرحلة العسكرية لنبدأ خطة “مارشال” الجديدة الخاصة بأوكرانيا كي تتمكن من إعادة بناء ما تهدّم بدعم من أصدقائنا. وأرى أوكرانيا الجديدة والحديثة والذكية جداً في قلب الإتحاد الأوروبي لأنّ هناك صورة واضحة ورسالة جليّة من الدول الأوروبية بأن أوكرانيا ستصبح قريباً جزءاً من الإتحاد الأوروبي”.
شاهدوا أيضاً: مفتي أوكرانيا يدعو لمساندة بلاده والوقوف بوجه بوتين