الوثائقي يكشف عن حياة الأوكرانيين في وجه القصف والخوف والموت بعد اندلاع الحرب
شرّدت الحرب مواطنو أوكرانيا وشتتهم، تراهم هاربين من جحيمها فقد نزحوا عن مدنهم وتركوا منازلهم متخذين من الملاجئ ملاذاً آمناً يؤويهم، فيما تعتبر محطات القطار وجهتهم الأخيرة في بلدهم والهدف هو أن تقلّهم إلى دول أخرى تحميهم.
وفي مقابل معاناة النزوح والتشتت والقهر، تبقى عيونهم شاخصة على كل الأحداث وتترقب مع عيون العالم أجمع ما ستحمله الأيام المقبلة من أحداث، لأن تلك الأحداث سوف ترسم مستقبل أوكرانيا وربما أوروبا وشكل العالم الجيوسياسي بكامله.
يأخذنا وثائقي “التسجيل الأخير” إلى عمق المعاناة الأوكرانيّة، حيث تجوّلت كاميرا صحافي أوكراني وثّق الساعات الأخيرة قبل الحرب والأيام الأولى بعد اندلاعها مسلّطاً الضوء على حياة الأوكرانيين تحت القصف وفي وجه الموت.
يستعيد الوثائقي في الأيام القليلة التي سبقت الحرب وقوف الناس في أوكرانيا أمام النصب التذكاري الذي يخلد ذكرى من استشهد من أهلهم وجنودهم للدفاع عن أمن أوكرانيا وسلامها بوجه روسيا سابقاً، كان الجميع يصلي ويأمل بألا تحصل الحرب، رغم أن الأخبار التي كانت تأتي من الحدود لا تبشّر بالخير، فروسيا تحشد جنودها هناك عند الحدود الروسية – الأوكرانية تحضيراً للحرب، والمحللون والمراقبون يرسمون ملامح الأيام المقبلة ويتوقعون التداعيات والنتائج في حال وقعت تلك الحرب. لكن ضمن هذا المشهد العام، كيف كانت عليه تفاصيل الحياة بين الناس؟ كيف يتعايشون مع الصراع؟ كيف ينامون ويستيقظون في أيام ليست كبقية الأيام وهم ينتظرون إذا ما كانت الحرب ستقع أم لا؟
تغيّر كل شيء في أوكرانيا مع سقوط أول قذيفة ودوي أول صافرة إنذار في العاصمة كييف، فصوت صفارات الإنذار لم يُسمع في أوكرانيا منذ الحرب العالمية الثانية.
شوارع المدينة خاوية والناس تهرب من الخوف، والحرب المنتظرة قد بدأت بالفعل. هرع الناس إلى الملاجئ، ويوثق التقرير محادثاتهم التي تهتم بشكل أساسي بكيفية تأمين الأمور الأساسية التي يحتاجونها في الملجأ. جلسوا هناك بحالة من الذهول وسط صوت القذائف المدوية في الخارج وهم يتناقلون أخبار يومهم كيف أنها كانت عاديّة وليس كأن الحرب ستحصل.
في اليوم التالي استفاق أهالي كييف على الدمار، ولم تكن الحرب وحدها تلاحقهم بل المفخخات والأكياس المشبوهة أيضاً التي كانوا يجدونها في منازلهم وحدائقهم وسياراتهم
في اليوم التالي استفاق أهالي كييف على الدمار، ولم تكن الحرب وحدها تلاحقهم بل المفخخات والأكياس المشبوهة أيضاً التي كانوا يجدونها في منازلهم وحدائقهم وسياراتهم والتي تحمل أجهزة إشارة تستهدف الصحافيين والمصورين بشكل خاص وقد تم استهداف منزل أحد الصحافيين دون غيره من قبل المخرّبين وكان ذلك إشارة إلى أن على الصحافيين الإختباء في الملاجئ كي يتمكنوا من إكمال عملهم بعيداً عن أعين المخربين واستهدافهم.
وتشهد رفوف المتاجر الخاوية من المواد الغذائية على هلع الناس، فقد قصدوا المتاجر ليشتروا كل ما يمكن لهم شراؤه ولم يبق على الرفوف إلا الأشياء التي لا تؤكل.
المقاهي والمطاعم مقفلة والشوارع فارغة، والحياة التي كانت المدينة تضج بها قبل أيام اختفت، وليس هناك إلا صفارات الإنذار تقتحم صمت المكان. ورغم الرعب والخوف الواضح في المشاهد، غير أن عزم الأوكرانيين على الكفاح والمقاومة يتقدّم على كل مشهد، فعلي الرغم من أن طريق الهروب لا يزال مفتوحا إلا أن السكان يتمسكون بأوكرانيا ولو على حساب حياتهم، وعلى الرغم من أنهم لا يملكون خبرة عسكرية فهم يتحضرون للقتال ويريدونه على الرغم من أنهم دون سلاح.
على الرغم من أن طريق الهروب لا يزال مفتوحا إلا أن السكان يتمسكون بأوكرانيا ولو على حساب حياتهم
ينظفون الدمار من الشوارع ومحطات القطار، يبنون السواتر الترابية ويضعون العوائق الحديدية لإعاقة تقدم الدبابات الروسية، ويستخدمون الكحول لتحضير قنابل المولوتوف.
وفي المقابل تحوّلت محطات القطار إلى مراكز تجمّع تعج بالأطفال والنساء الذين يفترشون الأرض وينتظرون القطار الذي سيهرب بهم من جحيم الحرب تاركين خلفهم أحلامهم وذكرياتهم وحياتهم في المدينة التي لن تتركهم أينما ذهبوا.