القاعدة في اليمن تتوعد اليمنيين
نشرت مؤسسة الملاحم الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بياناً ”بخصوص إنشاء المجلس الرئاسي الجديد“ في اليمن الذي أُعلن عنه في ٧ أبريل الجاري بقرار من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وذلك بعد مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي. المجلس الذي يرأسه الدكتور رشاد العليمي يضمّ شخصيات تمثل شمال اليمن وجنوبه.
لمشاهدة التفاصيل بالفيديو:
ومن مهامه ”التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام.“
ماذا تريد القاعدة؟
في سبع صفحات، هاجم التنظيم المجلس الرئاسي كفكرة وأشخاص وأهداف. واعتبر أنه ”إعلان الانهزام بتسليم الأمور للحوثي تحت عنوان المصالحة والسلام.“
في الأثناء، عتب تنظيم القاعدة على حزب الإصلاح، ممثل الإخوان المسلمين في اليمن، والمقرب من علي محسن الأحمر، الذي عزله هادي من منصب نائب الرئيس في مقدمة الإعلان عن المجلس. التنظيم اعتبر أن الحزب قدّم ”تنازلات“ وفوّت ”فرصة التمكين والاستخلاف في اليمن.“ كما دعا ”شباب حزب الإصلاح وقواعده“ إلى أن ”يسعوا في تعديل المسار“ الذي اتخذته ”قيادتهم التائهة.“
وفي معرض تأكيده عداءه للحوثيين ودول الجوار على حد سواء، قدّم التنظيم ”رؤيته لحلّ“ في اليمن يقوم على ما يشبه ”الدولة الداعشية.“ فتعهد بمواصلة القتال ”حتى نجتث المشروع الحوثي وكافة الأنظمة الجاهلية من أرض اليمن كلها، بغض النظر عمّا إن ”تصالح القوم أو لم يتصالحوا، وقفت حربهم أو لم تقف.“
ماذا نفهم من البيان؟
القاعدة في اليمن تقرر اليوم أن تفيق من سباتها حتى تساهم في إفشال المجلس الرئاسي، متذرعين بأنه يخدم الحوثيين. والسخرية هنا أن موقف الحوثيين من المجلس يكاد يكون مطابقاً لموقف القاعدة منه!
وهنا، لا بد من النظر إلى سلوك القاعدة في العامين الماضيين تقريباً. فالقاعدة في اليمن تمرّ في أسوأ أحوالها مع تعدد الولاءات فيها وتشتت أهدافها – من قبيل أنها تخلت لصالح الحوثيين عن مناطق كانت تقليدياً معهم مثل قيفة والصومعة في محافظة البيضاء؛ حتى يبدو أن كل ما يفعله التنظيم يصب في مصلحة الحوثيين بما في ذلك الاغتيالات الأخيرة في أبين وعدن التي يتفاخر بها أنصار القاعدة.
فإما أن القاعدة وزعيمها خالد باطرفي يتعمدون التعاون مع الحوثيين وإما أن الرجل فشل في إدارة التنظيم بحيث ضاعت بوصلته. في الحالين، القاعدة تخدم الحوثيين.
جيّد أن أقرّ التنظيم في بيانه هذا بأن الحوثيين يمثلون مشروعاً ”تبعيته للمشروع الإيراني … يهدف للتوسع والتمدد الإقليمي للمذهب الشيعي ومعتنقيه بقيادة إيران على حساب أهل السنة.“ لكن، هل التنظيم مستعد لمواجهة حقيقة أن واحداً من مخضرمي القاعدة القلائل الباقين، سيف العدل، يقيم في إيران ويعيش هناك بحرية؟ وأنه، وغيره من عناصر القاعدة الأوائل، لم يعودوا رهناً بإقامة جبرية في ذلك البلد كما يدّعي البعض؟ والشاهد هنا هو اغتيال رفيقِ سيف العدل، أبي محمد المصري وابنته في سيارته في واحد من أغنى شوارع طهران في أغسطس ٢٠٢٠. والشاهد الآخر هو أن والد زوجة سيف العدل، أبا الوليد المصري، يعيش ويعمل في طهران رغم أنه غادرها إلى مصر بعد ”الربيع العربي“ ليعود إليها عبر الدوحة.
تحصيل حاصل
هذه الفكرة التي انتهى إليها بيان القاعدة بمواصلة الحرب ”تصالح القوم أو لم يتصالحوا، وقفت حربهم أو لم تقف“، جاءت تحصيل حاصل بعد أن نجحت القاعدة ومعارضو المجلس الرئاسي في تهريب ١٠ عناصر من سجن سيئون في حضرموت يوم الخميس ١٤ أبريل. عارفون وصفوا بعض هؤلاء بأنهم ”قياديين.“
مصدر قريب من مكافحة الإرهاب في حضرموت أرسل لنا صوراً قال إنها للفارّين المذكورين في بيان وزارة الدفاع اليمنية. لم نستطع التحقق من هذه الصور عن طريق مصدر مستقل؛ فنعرضها كما وصلتنا.
فرار سجناء القاعدة لا يُبشر بخير. في اليمن، تمكن تنظيم القاعدة من تهريب ١٦٠٠ عنصر في أربع هجمات بين العامين ٢٠١١ و٢٠١٦ وهي الفترة ”الذهبية“ للتنظيم.
المصدر يعتقد أنه سيكون لهؤلاء شأن في شنّ هجمات تُعطل تقدم المجلس الرئاسي وتُثخن جراح اليمنيين في المناطق المحسوبة على السنة وخاصة في عدن وبوابتها إلى العالم: المطار.
المحلي والعالمي
قد يرى البعض في بيان القاعدة في اليمن تحولاً في سياسة التنظيم من العالمية إلى المحلية. البيان، وإن ركّز على اليمن، إلا أنه لم يكن واضحاً في عدائه لدول الجوار -بل والعالم. فختم بتأكيده العداء لـ ”السعودية وأمريكا والمجتمع الدولي.“ فهل سينحصر قتالُه العالمَ في اليمن أم سيمتد إلى الخارج؟ هذا غير واضح.
لكن لفت في هذا المجال تعليق جاء في حساب أبي محمود الفلسطيني على التليغرام. أبو محمود هو تلميذ منظر الجهادية أبي قتادة الفلسطيني؛ ومعروف بمناصرته هيئة تحرير الشام التي انسلخت عن القاعدة وتوجهت إلى المحلية. يَعتبر أبو محمود أن على قاعدة اليمن حتى ”تحقق أي إيجابية“ في مسعاها هذا بالتركيز على الداخل اليمني، أن تعمل على ”فك الارتباط بالخارج وحل التنظيم والانخراط مع القبائل، والبدء ببناء مشروع حقيقي قابل للحياة والاستمرار“ على أساس أن ”مشروع القاعدة التقليدي لم يعد له أي وجود على الأرض لأن الواقع تجاوزه وأصبح خارج التاريخ والجغرافيا.“