“الوضع في ماريوبول محزن جدّاً ومحبط، وبحسب الأخبار التي تردنا من هناك، فهي كالجحيم على الأرض”… بتلك العبارة بدأت النائبة في البرلمان الأوكراني إينّا سوفصن حديثها لـ “أخبار الآن” عن آخر التطورات ميدانياً في ماريوبول وغيرها من المناطق الأوكرانية، لاسيّما لناحية الشرق.
- الوضع في ماريوبول صعب للغاية والأوكرانيون يطالبون بأسلحة ثقيلة للصمود بوجه روسيا
- النائبة الأوكرانية إينّا سوفصن لأخبار الآن: سنظل نحارب حتى نربح والتخلّي عن أرضنا يعني زوالنا
- سوفصن: الروس يقتلون الأكطفال ويغتصبون النساء وما يقومنون به لا يمكن أن يغتفر
- إينّا: قتل حتى الآن نحو 24 ألف جندي روسي ودمّرنا نحو 40 % من الدبابات التي دخلت أوكرانيا
- الروس يتفوقون عسكريأً في دونباس وكسب المعركة يتوقف على مدّنا بالأسلحة الثقيلة
تقول سوفصن إنّ “ما حصل في اليومين الماضيين هناك أنّ روسيا وافقت على بعض الممرات الإنسانية، وقد تمكّنا من إجلاء أكثر من 100 شخص من أزوفستال، وهو آخر معقل للجيش الأوكراني، لكن بعد ذلك، بعد آخر عملية إجلاء، فتحت روسيا النار وما سمعناه من المدافعين عن ماريوبول الذين مازالوا هناك، أنّ روسيا استعملت مختلف أنواع الأسلحة في قصفها، وقد ازداد الوضع سوءاً بعد فتح الممر الإنساني”. وتعتبر إنّ “تلك الممرات يبدو أنّها فتحت كنوعٍ من الإستعراض، وبعدها قاموا بقصف المواطنين هناك، وأصبح الوضع خطيراً كما كان من قبل وربّما أكثر، الوضع محبط جدّاً ولا يسمحون لأحد بالمغادرة”.
كييف تحاول استعادة الحياة قدر الإستطاعة
تتواجد إينّا سوفصن حالياً في العاصمة الأوكرانية كييف، حيث كانت الحركة تبدو طبيعية لحظة إجراء تلك المقابلة معها، فقالت: “يمكنكم أن تشاهدوا الناس هنا يسيرون على الطريق، الجو لطيف ومشمس والحياة تشبه الحياة ما قبل الحرب باستثناء أنّنا ما زلنا نسمع الصافرات التي تنذر بحصول غارة، وآخرها كان الليلة الماضية، وقد حصلت عدّة انفجارات في المدينة نتيجة لتلك الغارة. كما في أجزاء أخرى من البلاد الحياة تعود إلى كييف، ومعظم الناس الذين غادروا عادوا إليها، وعدد آخر لا يزال خارج المدينة لأنّ الوضع مازال خطراً بسبب القصف الذي نتعرض إليه، لكن عدا عن ذلك المدينة تحاول استعادة الحياة على قدر ما تستطيع”.
سنبقى نحارب مهما طال الوقت وحتى نربح الحرب ولا خيار لنا غير ذلك والتخلّي عن أرضنا يعني زوالنا
إينّا سوفصن
وفي ردّها على سؤال حول صمود أوكرانيا في وجه الحرب الروسية، شدّدت في حديثها لـ”أخبار الآن“، على أنّ “أوكرانيا ستظل تحارب حتى نربح، ليس أمامنا خيار آخر، فتلك أرضنا والتخلّي عنها يعني زوالنا، لذا سنظل نحارب مهما طال الوقت، ومدى الأضرار وعدد الإصابات مرتبط بالمساعدات والأسلحة التي ستصلنا من الغرب”.
وتابعت: “نحن نقدّر ما يفعله حلفاؤنا من حيث تزويدنا بالأسلحة، لكن ما زلنا نحتاج إلى الأسلحة الثقيلة، نحن بحاجة ماسة إليها خصوصاً في المعارك المهمّة كدونباس… في كييف تمكّنا من طردهم لكن في دونباس حشدوا كلّ أسلحتهم وكل جيوشهم هناك، ولديهم تفوق في الأسلحة الثقيلة خصوصاً في المدفعية، وليس لدينا الوسائل لنقاتلهم أو لندمر مدفعيتهم، ولذلك نحن نطالب بالأسلحة الثقيلة، وأنا أعتقد أنّنا أثبتنا للعالم أنّنا نستطيع القتال، وأنّه لدينا جيش يمكنه القتال ويجيد ذلك، لكن مهما بلغت شجاعة جنودنا فهم لا يمكنهم التغلّب على المدفعية الروسية بأسلحة غير مناسبة، هم بحاجة إلى المدفعية للقتال، ولذلك نحن نطالب دائماً بالحصول على الأسلحة الثقيلة، وفي الواقع هذه النقطة هي التي ستحدّد مسار الحرب”.
روسيا فتحت الممرات في ماريوبول كنوع من الإستعراض، لكنّها قامت لاحقاً بقصف المواطنين هناك، والوضع أصبح خطيراً كما كان من قبل وربّما أكثر
إينّا سوفصن
وتعليقاً على خطاب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي توجه به مؤخراً إلى النواب الأوكرانيين، والذي قال إن “أوكرانيا ستنتصر وستعود حرّة”، وعمّا إذا كانت تلك التصريحات كافية، قالت: “أن يقول ذلك وأن يرسل لنا أسلحة ثقيلة، ذلك سيكون كافياً. الخطاب الذي توجه به رئيس الوزراء جونسون إلى البرلمان الأوكراني كان حدثاً مهمّاً، كان أوّل خطاب من رئيس برلمان إلى البرلمان الأوكراني، لكن بوريس جونسون كان زار اوكرانيا منذ بضعة أسابيع وهو لم يتهرّب من زيارة المدينة، والخطاب كان مهمّاً جدّاً لأنّه لم يكن فقط عبارة عن مجموعة من الكلمات المنمّقة، والتحدّث عن تاريخ تلك الحرب، بل تطرّق إلى التعاون المثمر والبناء بين أوكرانيا والمملكة المتحدة لأنّه بعد الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء جونسون، الرئيس زيلينسكي كان يتحدث في البرلمان أيضاً وقال نحن على تواصل مع بوريس جونسون بشكل يومي، وإذا مرّ يوم لم نتحدث نكون ننجز ما اتفقنا عليه في اليوم السابق، فذلك في الواقع يعكس تعاوناً كبيراً وأعتقد أنّ المملكة المتحدة هي الآن من أهم الدول الغربية التي تقدّم الدعم والمساعدة لأوكرانيا من حيث تزويدنا بالأسلحة، وإقناع الدول الأخرى بمدّنا بالأسلحة كما أنّها تتفهم موقفنا فهي تقول بوضوح إنّنا ندافع عن أنفسنا ولدينا الحق للقيام بذلك بأيّ طريقة، ومن المهم جدّاً سماع ذلك ليس فقط من الأوكرانيين، لكن أيضاً من القادة الغربيين، ونحن ممتنون لهم طبعاً”.
ووجّهت سوفصن عبر “أخبار الآن” رسالة إلى الشعوب العربية، فقالت: “أعتقد أنّ هناك الكثير من الحملات الدعائية الروسية في العالم العربي، وأعتقد أنّهم يعملون على ذلك منذ عدّة سنوات، وذلك أمر لم تكن تفعله أوكرانيا، وأعتقد أنّ هناك سوء قراءة للأحداث من قبل الدول العربية لأنّني فهمت أنّه لعدّة أسباب تاريخية وجيوسياسية، الكثير من الدول العربية لا يثقون بالولايات المتحدة، وعندما يسمعون أنّ الولايات المتحدة تدعم بلداً ما، ينتابهم الشك حول ذلك البلد”.
وأضافت: “أودّ أن أطلب من الجمهور الذي يشاهدنا، أن لا ينقلوا تجربتهم تلقائياً إلى تجربة أوكرانيا لأنّه في حالتنا المعتدي الواضح هو روسيا، وروسيا أصبحت دولة نازية تحتقر الجميع بمن فيهم الأوكرانيين لمجرد أنّنا أوكرانيين، وهم يقولون إنّنا نازيين بينما في الواقع هم النازيون الحقيقيون، وأودّ أن أطلب من المشاهدين أن لا يطبّقوا تلقائياً ما يعرفونه على الوضع الأوكراني، وكونوا على ثقة بأنّنا نحن مَنْ يعاني من عدوان رهيب حالياً تقوم به روسيا مستعملة كل الوسائل من حملات دعائية وأسلحة ضدّ أوكرانيا في أوروبا وفي كلّ أنحاء العالم، وأنا أطلب منكم أن لا تثقوا بهم، فما يفعلونه مريع، إنّهم يقتلون الأطفال الأوكرانيين، ويغتصبون النساء الأوكرانيات وتلك أفعال لا يمكن أن نغفرها. أطلب منكم فقط أن تتعاطفوا معنا في محنتنا وتتفهموا موقفنا بالرغم من الحملات الدعائية الروسية، وأعتقد أنّ كلّ إنسان سيتفق معي أنّه من غير المقبول قتل الناس والأولاد واغتصاب النساء لأيّ سبب جيو سياسي مهما كان، أنا أطلب منكم دعم أوكرانيا، فذلك أمر مهم جدّاً لنا الآن”.
ما هي حصيلة الأضرار التي تكبدتها روسيا حتى الآن؟
في ذلك السياق، كشفت سوفصن لـ”أخبار الآن“: ما نعرفه حتى الآن هو أنّه قتل ما يقارب الـ23 أو 24 ألف جندي روسي بعدما قاموا بغزو أراضينا، وقد دمّرنا نحو 40 % من الدبابات التي دخلت أوكرانيا، وتلك نسبة جيّدة لكنهم طبعاً ما زالوا يستعملون الدبابات ولديهم المدفعية الثقيلة التي مازالوا يستعملونها لتدمير المدن الأوكرانية ومنها مدينتي خاركيف، وهي ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا وهي قريبة من الحدود الروسية لناحية الشرق، وهم يقصفونها ليلاً نهاراً طوال الوقت، ويومياً نتلقى أنباء عن مقتل شخصين أو أكثر في الهجوم على خاركيف، وهم لا يهتمون للخسائر البشرية التي يتكبدونها ولا يكترثون لعدد الجنود الذين خسروهم، فهم يتعاملون معهم وفقاً لمبدأ لدينا المزيد. هناك قول في روسيا أنّ النساء ستلدن المزيد، لذا هم لا يهتمون للضرر الذي يلحق بجنودهم على عكسنا نحن، فنحن نكترث لجنودنا ونحرص على عودتهم سالمين، من المهم أن نعرف أنّهم لا يهتمون لعدد الجرحى الروس لكنّهم يهتمون إذا ما أصاب أسلحتهم أيّ ضرر، وذلك ما يجب أن نركّز عليه”.
لست ممؤمنة بجدوى تلك المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا والحل يكون عسكرياً
إينّا سوفصن
وعن سير المفاوضات، ردّت بالقول: “لنكن صريحين في الأسبوعين الأخيرين لم يحدث أيّ تقدّم في المفاوضات، وأنا لم أكن مؤمنة بجدوى تلك المفاوضات لأنّهم بعد ما فعلوه في بوتشا وما كان من الممكن أن يفعلوه في ماريوبول، أصبح من الواضح أنّهم لا يريدون التفاوض على السلام، وما يهمهم هو تدمير بلدي، ولذلك لم ينتج عن تلك المفاوضات سوى فتح بعض الممرات الإنسانية لإجلاء الناس ونصف تلك الممرات الإنسانية لم يكتب لها النجاح لأنّ الروس فتحوا النيران على النساء والأطفال وذلك أقصى ما أمكننا التوصّل إليه وأنا لا أعتقد أنّنا سنتوصل إلى أيّ أمر آخر”.
وأردفت: “أظن أنّه على العالم أن يعرف لسوء الحظ، وأنا أقول ذلك بقلب مثقل، أنّ الحل لتلك الحرب يجب أن يكون عسكرياً وليس من خلال المفاوضات… فكيف يمكنك أن تتفاوض مع مَنْ يغتصب الأولاد وليس فقط النساء، بل الأولاد أيضاً، ثانياً كي تتفاوض، عليك أن تثق بالشخص الذي تتفاوض معه، وتثق أن هذا الشخص سينفذ ما وعد به وما اتفقنا عليه، و لا أعتقد أنّ هناك إنساناً واحداً على الكرة الأرضية مقتنع بأنّه يمكننا الوثوق ببوتين. أيضاً ما تطلبه منّا روسيا في المفاوضات هو التخلي عن أرضنا، ما الذي يجعلنا نقبل بذلك خصوصاً أنّنا نعرف ما الذي يفعلونه للناس في البلاد التي يحتلونها، نحن نعلم عن الإنتهاكات لحقوق الإنسان التي تحصل في البلاد التي أصبحت تحت سيطرة الروس منذ ثماني سنوات. إذاً التخلّي عن شعبنا وأرضنا هو خيار خاطىء ولا أعتقد أنّ أيّ بلد سيقبل بذلك مجدّداً، أنا أقول ذلك بقلب مثقل، صديقي في الجيش وأنا أقلق دائماً عليه لكن بغض النظر عن مدى رغبتي بعودته واستعادة حياتنا السابقة، أنا أعي أنّه علينا أن نربح الحرب أوّلاً”.
تشتت العائلات… والدها المسن أصرّ على القتال، صديقها على الجبهة وإبنها مع عائلة غرب أوكرانيا
على الصعيد الشخصي، سألنا سوفصن عن قصة والدها الذي أصرّ على الذهاب إلى الجبهة بينما هو مسن، فقالت: “في الواقع أبي كان يساعد الجيش بالقرب من كييف، والآن الأراضي حول كييف تحرّرت من الروس، وهو اليوم مشغول في ترميم المنزل لأنّ النوافذ في منزل عائلتي تحطّمت بالكامل.. لقد رأيته بالأمس وكان اللقاء مؤثراً جدّاً”.
وتابعت:” ما نمرّ به حالياً محزن جدّاً، في الأيّام الأولى للحرب أخذ والدي أمي إلى المناطق الواقعة غرب أوكرانيا، وبعد ذلك بعدّة أيّام اتصلت بي أمي وقالت إينّا والدك سيعود إلى المنزل سألتها لماذا أنّه في الواحدة والستين من عمره لماذا سيعود إنّه مسن.. اتصلت به فقال لي نعم سأعود إلى كييف لأدافع عن عاصمة أوكرانيا…
لدى والدي خبرة عسكرية فهو حارب في أفغانستان لأنّ الحكومة السوفياتية أرسلته إلى هناك، وقلت له نعم يمكنك أن تحمل البندقية لكنك مسن وتعاني آلاما في الركبة وبالكاد يمكنك أن تمشي، وقال شيئاً جعلني أبكي، قال إذا لم أتمكّن من المشي سأزحف. ذلك ما عاد من أجله لكنّه ركّز جهوده على مساعدة الجيش والجنود المتمركزين بالقرب منه، ذلك هو مستوى الإلتزام الذي رأيناه في كلّ مكان وليس فقط عند أبي، فأنا لا أريد أن أدّعي أنّ والدي هو الأكثر شجاعة في كلّ أوكرانيا لا، فهناك الآلاف والملايين من الناس الذين شاركوا في الدفاع عن بلدنا، لدينا 300 ألف رجل كانوا يعملون في الخارج لكنّهم عادوا إلى أوكرانيا لهدف واحد، وهو الدفاع عن أرضنا، كان بوسعهم البقاء في أوروبا وإرسال المساعدات للجيش لكنّهم عادوا إلى أوكرانيا للدفاع عن أرضنا، وذلك هو مستوى الإلتزام الذي تلمسه في كلّ أوكرانيا، ولذلك علينا أن نربح، إنّها مجرد مسألة وقت وذلك يعتمد أيضاً على الأسلحة التي سنتلقاها من الغرب”.
أمّا صديقها فهو في المنطقة الشرقية حالياً، تخبرنا سوفصن أنّها تتصل به كل يوم تقريباً، “لكن أحياناً تمر أيّام عديدة من دون أن نتمكن من التواصل بسبب الأوضاع، وذلك أمر محبط وصعب جدّاً، ولا أتمنى لأحد أن يمر بهكذا ظرف، لكنّه حي وبصحة جيّدة وذلك كل ما أتمناه له ولكل النساء والرجال الذين يقاتلون في الجهة الشرقية الآن”.
وختمت حديثها لـ”أخبار الآن“: “الوضع صعب جدّاً، وصديقي في الشرق وإبني يعيش مع عائلة غرب أوكرانيا وأنا في كييف. هناك العديد من العائلات التي تشتت… فكي أرى إبني عليّ أن أسافر لثماني ساعات وأن أترك عملي هنا في كييف. عليّ أن أوفّق بين أن أكون مع ابني وبين عملي، إنّه أمر متعب، لكن ما يعزّيني هو أنّني أعلم أنّه بأمان. بالطبع هو يفتقدني… أحزن أنّ عليه أن يمر بهكذا ظروف، وأن يفتقد أمّه، لا ينبغي أن يشعر أيّ طفل بذلك”.
شاهدوا أيضاً: رغم العقوبات.. 35 مليار دولار من أوروبا لروسيا بشهر واحد!