كان مفاجئاً حقاً أن يعلن داعش عن قتل أبي حمزة القرشي المهاجر، المتحدث باسم التنظيم، في ذلك البيان الصادر مساء ١٠ مارس ٢٠٢٢ الذي فيه أكد التنظيم قتل خليفته المزعوم الثاني أبي إبراهيم الهاشمي القرشي المعروف أيضًا بحجي عبد الله قرداش في غارة للتحالف شمال إدلب بتاريخ ٣ فبراير ٢٠٢٢.
المفاجأة هي أن التحالف لم يقل إنه قتل أبا حمزة مع أبي إبراهيم. المنطق يقول إنهم إن علموا بهوية ”الخليفة“ ومكانه، فلا شك علموا بهوية من معه خاصة إن كان يحتل منصباً رفيعاً مثل المتحدث باسم التنظيم! وعليه، لماذا يتبرع داعش بتعظيم جراحه وجراح أنصاره فيقول إن القصف الأمريكي نال الخليفة والمتحدث باسمه في آن؟ فإن أخفى التنظيم هوية خليفته لأسباب أمنية، لم لا يخفي نبأ قتل المتحدث باسمه لذات الأسباب؟
مصير أبي حمزة له إسقاطات على مصداقية تنظيم داعش أمام أنصاره. ومع فريق أخبار الآن، أثرنا هذه الأسئلة المشروعة محاولين الإجابة عليهاً نفياً أو تأكيداً. في الأثناء نشارككم بما توصلنا إليه تباعاً.
هذه هي باكورة هذه السلة نطرح فيه ما وجده فريق أخبار الآن بالنظر إلى ضربات التحالف في المنطقة وسلوك داعش في الأشهر الأخيرة:
حاول تنظيم داعش خداع أعضائه وأنصاره بشأن مصير المتحدث باسمه أبو حمزة القرشي لشهور. عرف بعض القادة وبعض المسؤولين الإعلاميين الحقيقة لكنهم قرروا الكذب.
في الواقع كانت هذه مقامرة أكثر فتكًا من مجرد الكذب بشأن مصير المتحدث باسم التنظيم، وكاد داعش أن ينتهي به المطاف بأمير ميت مثل طالبان والملا عمر.
دراسة وتحليل أخبار الآن الدقيقة كشفت عن أكبر كذبة لداعش على الإطلاق
منذ مقتل زعيم داعش حجي عبد الله قرداش في غارة أمريكية على إدلب في 3 فبراير، كان فريق تحقيق أخبار الآن الذي يتتبع بتركيز أخبار داعش في حيرة من فشل التنظيم بإعلان خليفة جديد.
بدا الأمر كما لو أن المتحدث باسم التنظيم لم يكن موجوداً للتعليق على هذه المسألة الحيوية. تعمق اللغز مع اكتشاف رجل ثانٍ قُتل مع حجي عبد الله قرداش في مخبئه بإدلب.
كان وضع أبو حمزة ذا أهمية خاصة لأنه، بالإضافة إلى كونه المتحدث الرسمي، كان من أبرز المرشحين لخلافة حجي عبد الله في حالة وفاته.
بدا الأمر لبعض الوقت بسيطاً: داعش أشار ضمنيا إلى أن أبو حمزة قُتل هو الآخر في نفس الغارة، لكن لم يعلن عنه رسمياً في الوقت الذي سمح لمؤيديه بنشر ذلك.
أثار ذلك شكوكنا أكثر لأنه إذا كان أبو حمزة قد مات بالفعل في فبراير، فما الذي يمكن أن يفسر صمته في الأشهر السابقة؟ فهل كان داعش يحاول التستر على مصير أبو حمزة باستخدام جثة الرجل الثاني الذي قُتل في غارة إدلب؟
الوقائع لا تبدو متسقة
قادنا هذا الشك إلى تحليل جميع ضربات الطائرات بدون طيار في عام 2021 لمعرفة من قُتل في تلك الضربات وأي منها تم التعتيم عليه من قبل داعش. ما يعطي أهمية لتحليل هذه الضربات هو أن الجميع يعلم الغارات بدون طيار تستهدف قادة داعش فقط.
كانت نتيجة البحث مدهشة: بالفعل وجدنا غارة جوية واحدة بمنطقة جرابلس في نوفمبر 2021 تم تجاهلها بشكل كبير من قبل إعلام داعش. عدة مصادر محلية أفادت أن الجثة في هذه الغارة تعود لشخص يدعى أبو عبده الحموي.
لكن من هو الحموي؟ هل كان شخصا حقيقيا؟ أم شخصية مختلقة؟ ومن يمكن أن يكون هذا الشخص؟
الحلقة المفقودة من اللغز: أبو حمزة
الصورة بدأت تتضح: خلال عام 2021، قُتل أحد كبار المسؤولين ولم يتم تأبينه من قبل داعش. وتزامن ذلك مع اختفاء أبو حمزة. وهكذا توصلنا إلى استنتاج مفاده أن طبيعة الغارة الجوية تطابق الشخصية البارزة لأبو حمزة ولم يكن هناك تطابق آخر محتمل.
لم يكن هناك مفقود آخر من قيادات داعش! بعبارة أخرى، كان أبو حمزة هو الشخص الأكثر احتمالا أن يكون قُتل في تلك الغارة الجوية.
وحدث ذلك في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، قبل وقت طويل من غارة إدلب في شباط 2022.
أولئك الذين عرفوا أبو حمزة شخصياً سيتمكنون من معرفة أن هذه الصورة تخصه. نحن نشجعهم على التقدم والتواصل معنا لإنهاء كذبة داعش التي طال أمدها بشكل نهائي.
ما أهمية فضح كذب داعش بشأن مصير أبو حمزة
إنه مهم بشكل خاص لأولئك الذين ما زالوا يتبعون أو يدعمون داعش. كان أبو حمزة أمير الإعلام. فكل من عمل تحت سلطته، وعهد له ببيعته في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني وفبراير/شباط، أعطى بيعته لرجل ميت من دون أن يدرك تماماً مثلما كذبت طالبان بشأن مقتل الملا عمر ولأكثر من عامين جعلوا الناس يبايعون جثة.
تركت وسائل الإعلام التابعة لداعش، عن غير قصد، أدلة كافية على عدم ارتياحهم لأكاذيبهم عندما حاولوا استخدام غارة إدلب للتستر على ما حدث بالفعل لأبو حمزة.
بعد غارة إدلب، شن داعش حملة دعائية تطلب من مؤيديها “غزوة الثأر للشيخين” بينما في الواقع مات حجي عبد الله فقط في الغارة، وكان أبو حمزة قد قُتل على الأرجح قبل ذلك بوقت طويل. كيف سيشعر المؤيدون الآن عندما يرون أن الحملة قامت على كذبة وأنهم عوملوا على أنهم مجرد حمقى أغبياء يمكن الاستفادة منهم؟
لكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد. كان أبو حمزة أيضًا من بين أفضل المرشحين لخلافة حجي عبدالله قرداش.
لداعش آليات لاختيار القائد التالي إذا حدث شيء للخليفة؛ ماذا لو كان أبو حمزة هو الأمير المنتظر دون المعرفة الكاملة لبعض صناع القرار في العملية؟
بسبب البنية التنظيمية لداعش، لا يعرف كل المسؤولين المشاركين في القرارات كل شيء عن المسؤولين الآخرين، وكان أبو حمزة سريًا بشكل خاص.
هذه هي القنبلة الحقيقية
لفترة من الوقت كان هناك احتمال أن تكون اللعبة الكاذبة التي لعبها داعش حول أبو حمزة تُخاطر بموقف الخليفة نفسه: كان هناك احتمال أن ينتخب داعش أبو حمزة أميرًا جديدًا دون أن يدرك بعض المسؤولين أنه مات منذ زمن طويل!
من المفترض أن يكون لدى داعش “لجنة” يمكنها إزالة الخليفة. تسمى هذه اللجنة بأهل الحل والعقد. نود أن نسمع تعليقاتهم حول كيفية التعامل مع مثل هذه الحالة من البيعة لرجل ميت، إنها قضية مهمة في حد ذاتها.
أيا كان من قرر إخفاء موت أبو حمزة ، فقد راهنوا بشكل كبير وخاطروا بمصداقية القيادة بأكملها وإعلام داعش في أعين أعضاء التنظيم والداعمين له.
والنتيجة النهائية لهذا الخداع أنه، لا أحد يستطيع التأكد من أن حتى الأمير الجديد على قيد الحياة اليوم.
ماذا لو مات بالفعل؟ فهل هذا سبب عدم قدرة داعش على إظهاره؟ هل لهذا السبب يتجنب داعش إعطاء أي تفاصيل عن هويته؟
مع قيام قادة داعش الآن بممارسة التقية بشكل علني، لا يمكن لأحد أن يكون متأكدًا مما يختبئون أيضًا، هل من أعضاء التنظيم أو من بعضهم البعض!
أيضا ، هل هذا خطأ لمرة واحدة أم أن هذه بداية فصل أكثر وحشية في تاريخ داعش؟
يشاع بأن الخليفة الجديد متعطش للدماء أكثر من غيره. ربما يكون بشكل سري عضواً في فصيل الحازميون الأشد تطرفاً، فهل استولى الحازميون على تنظيم داعش أخيراً ؟
هل حللنا اللغز بأكمله؟
لم نفعل. لسنا متأكدين من سبب شعور داعش بالحاجة إلى الكذب بشأن مصير أبو حمزة. لكن يمكننا أن نرى أنه يخفون أمرا ضارا بشأن التنظيم ولهذا السبب ارتكبوا خطأ مرتبكا بشأنه.
يمكن حل اللغز أخيرًا إذا كشف داعش عن من ارتكب هذا الخطأ الفادح ولماذا.
هل ستعترف صحيفة النبأ بالخطأ؟
لا شك في أن أعضاء داعش والمتعاطفين معه سيجدون هذا المنظور مزعجًا للغاية. يجب أن يتحدوا إعلام داعش وخاصة النبأ حتى تكشف قصة أبو حمزة الحقيقية.
الخلاصة
بالنسبة لنا، من الواضح أن داعش لن يكون قادرًا على معالجة هذه المشكلة بأدلة مقنعة.
لن يتمكن التنظيم من شرح واقع ما حدث بالفعل لأبو حمزة. فقدت وسائل الإعلام التابعة لداعش كل مصداقيتها والآن لن يكون لأي شيء يقولونه أي قيمة ما لم تدعمه أدلة يمكن التحقق منها بشكل مستقل.
سنستمر في تذكيرهم بأنهم كذبوا وتم كشف كذبهم. عليهم فقط أن يلوموا أنفسهم على الكارثة التي تسببوا فيها.
الاستمرار في الكذب سيزيد من الضرر، والخيار الواقعي الوحيد أمامهم هو أن يصبحوا صريحين ويعترفوا بأنهم كذبوا.
هل يتمتعون بالنزاهة والشرف للاعتراف بخطئهم؟ سوف نتابع عن كثب.