داعش يكذب نفسه وينفي مقتل المتحدث الرسمي باسمه
في غضون ساعات معدودة، نفى تنظيم داعش مقتل متحدثه الرسمي “أبو عمر المهاجر”، بعد الإعلان ضمنيًا عن مقتله عبر أسبوعية النبأ، الصحيفة الرسمية للتنظيم، والتي أوردت في عددها 339 مقتطفًا من كلمة سابقة للمهاجر، متبوعة بصيغة دعاء يستخدمه التنظيم في رثاء قادته المقتولين، قبل أن تقوم بتعديلها لاحقًا، نافيةً مقتله.
ويكشف التصحيح الذي قامت به الصحيفة الرسمية للتنظيم، حالة الارتباك التي تُسيطر على جناحه الدعائي، منذ مقتل أبو حمزة القرشي، المتحدث السابق باسم داعش، والذي أعلن التنظيم عن مقتله أيضًا، في مارس/ آذار الماضي، دون الكشف عن ملابسات مقتله.
واكتفت أسبوعية النبأ بإيراد جزء من كلمة تحريضية نشرتها مؤسسة الفرقان الداعشية، لـ”أبو عمر المهاجر”، في رمضان (أبريل/ نيسان) الماضي، دون الكشف عن أي تفاصيل تنظيمية أو شخصية بشأنه.
ووفق المعلومات المتوافرة عن “أبو عمر المهاجر”، فإنه كان أحد المقربين من المتحدث السابق “أبو حمزة القرشي”، وعملا معًا في مؤسسة الحياة للإنتاج الإعلامي، وهي مؤسسة دعائية داعشية تعمل في إطار ديوان الإعلام المركزي، وتختص بإنتاج الإصدارات باللغات الأجنبية، كما يتولى الأول منصب “وزير خليفة” التنظيم (نائب) أبو الحسن الهاشمي.
وفي نفس السياق، لم تعلن قوة المهام المشتركة (التحالف الدولي لحرب داعش)، استهدافها للمتحدث باسم داعش، وكذلك لم تعلن أي من الدول المنخرطة في حرب التنظيم أنها قتلت “المهاجر”، بيد أن القوات العراقية أعلنت، خلال الأسابيع القليلة الماضية، أنها استهدفت مجموعة من قادة داعش في دجلة، وديالى، والأنبار، وكركوك، وغيرها، دون أن تذكر أن من بينهم “أبو عمر المهاجر”.
ما أهمية كشف كذب داعش بشأن مصير أبو حمزة.. تعرف على التفاصيل عبر هذا التقرير
ومن اللافت أن نشر مقتطفات من كلمة أبو عمر المهاجر السابقة، جاء بعد أقل من 5 أيام، على نشر “أخبار الآن” لتحقيق مطول حول هوية “أبو حمزة القرشي“، شكك في رواية داعش الرسمية بشأن مقتل المتحدث الرسمي (السابق) باسمه مع زعيم التنظيم “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي”، خلال العملية العسكرية الأمريكية، التي جرت قرب منطقة أطمة بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا، في فبراير/ شباط الماضي.
وألمح التحقيق إلى أن داعش خدع أتباعه وتكتم على مقتل قيادي كبير به وهو “أبو حمزة القرشي”، لمدة أشهر طويلة، كما استغل فرصة إعلان مقتل خليفته أبو إبراهيم القرشي، ليعلن أنهما قتلا معًا، ويُخفي حقيقة أن متحدثه الرسمي، والذي كان مرشحًا لتولي الخلافة كبديل لـ”أبو إبراهيم القرشي”، قد قُتل، قبل الإعلان الرسمي عن ذلك، بفترة طويلة.
ويكشف تلميح داعش إلى مقتل “أبو عمر المهاجر” ثم نفيه للخبر لاحقًا، ارتباك قيادة التنظيم العليا والمسؤولين عن الملف الدعائي داخله، وهو ما يزيد كم إحراج هذه القيادة أمام أتباعها وأنصارها، بعد تكتمها عن مقتل سلفه “أبو حمزة القرشي”، وإخفاء كل التفاصيل بشأنه.
وعلى نفس المنوال، لم يُعلن تنظيم داعش، حتى نشر هذه السطور، عن هوية المتحدث الرسمي الجديد للتنظيم (أبو عمر المهاجر)، الذي يبقى مجهولا لحد كبير، واكتفى بتقديمه لأتباعه من خلال كلمتين صوتيين أصدرتهما مؤسسة الفرقان، في مارس/ آذار، وأبريل/ نيسان الماضيين، على التوالي.
وحتى الآن، لا يمكن الجزم بأن “أبو عمر المهاجر”، المتحدث الرسمي لداعش، لم يُقتل، لأن التنظيم لم يقدم دلائل قوية على ذلك، واكتفى بتصحيح صيغة الدعاء المنشورة في صحيفة النبأ، وبالتالي يُحتمل أن يكون “المهاجر” قد قُتل وأن التنظيم يسعى لإيجاد بديل له في الوقت الحالي، ومن المحتمل أيضًا أن يُسارع داعش لإخراج المتحدث الرسمي باسمه في كلمة صوتية جديدة لنفي الأنباء المتداولة عن مقتله، غير أن كل هذا لا يمكن أن يُخفي حالة التخبط التي يعيشها التنظيم، مؤخرًا.