أطلق الجيش الصيني مقذوفات باتجاه مضيق تايوان بعد بدء مناورات عسكرية واسعة حول الجزيرة التي تطالب بها الصين. تايوان دانت تلك المناورات واعتبرت أنّها تهدف إلى تغيير الوضع القائم وتعطيل السلام والإستقرار الإقليميين.
- جيش تايوان حذر جدّاً في اتخاذ أي ردّ فعل مباشر يمكن أن يتطور لحوادث عسكرية ليست في الحسبان
- النائب التايواني فريدي ليم لأخبار الآن: نحن جاهزون للدفاع عن نفسنا بغض النظر عمّا قد تفعله الصين
- النائبة التايوانية لين شينغي لأخبار الآن: تايوان هي كيان مستقل وديمقراطي قادر على مواجهة تهديدات بكين
- المسؤول الصيني السابق فيكتور غاو لأخبار الآن: تايوان ليست كياناً مستقلاً وقول ذلك جريمة تستوجب المحاسبة
وفور بدء المناورات، أكّد الجيش التايواني أنّه يستعد للحرب من دون السعي إليها كما قالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان، جاء فيه أنّ “وزارة الدفاع الوطني تؤكّد أنّها ستلتزم مبدأ الإستعداد للحرب من دون السعي لها”. وتلك هي المرّة الأولى التي تقترب فيها المناورات الصينية الى تلك الدرجة من تايوان، إذ تُجرى تمارين على بعد أقل من 20 كيلومتراً من سواحل الجزيرة.
التايوانيون على هدوئهم حتى الآن
وأعطت المناورات العسكرية التي تجريها إشارات على تعزيز قدرات جيشها، وملامح خطط أعدّتها لفرض حصار على الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي، في حال قرّرت شنّ هجوم واسع على أراضي تايبيه.
وفي خطوة أخرى غير مسبوقة، تشمل المناورات مناطق شرق تايوان تعدّ ذات أهمية استراتيجية في إمداد القوّات العسكرية للجزيرة، إضافة الى أيّ تعزيزات أمريكية محتملة في حال تعرضت حليفة واشنطن لهجوم صيني.
أخبار الآن أجرت لقاءً خاصاً مع النائب التايواني فريدي ليم (Freddy Lim)، الذي شرح تفاصيل المشهد الحالي في تايوان، فقال إنّه “على الرّغم من زيارة المسؤولة الأمريكية نانسي بيلوسي إلى تايوان، وعلى الرّغم من أنّ الحكومة الصينية بدأت مناوراتها العسكرية، يحافظ التايوانيون على هدوئهم، وقد استقبلنا بيلوسي برحابة صدر”.
وأضاف: “اليوم نبقى هادئين لكن بالطبع نراقب بانتباه بالغ المناورات العسكرية الصينية، إلّا أنّه بما أنّ الصين تتصرف كذلك منذ عقود، فنحن نحافظ على هدوئنا وحذرنا، لكن نريد أن نحافظ على صلابتنا لدعم قيم الديمقراطية والحرية وأصدقائنا الموجودين في كلّ أنحاء العالم”.
وتابع النائب التايواني: “الصين تثير المتاعب في المنطقة منذ عقود، وفي السنوات الأخيرة أدرك المجتمع الدولي أنّه من المستحيل أن نحافظ على السياسة السلمية مع الصين. فلطالما وجدت الصين ذرائع لتبرير هجومها على دول أخرى من خلال الإستفزاز، لكنّ تايوان ترحّب بأصدقائها من حول العالم”.
وأشار إلى أنّ “بيلوسي ليست أوّل رئيسة مجلس نواب تزور تايوان في السنوات الأخيرة، فقد زارنا رئيس مجلس النواب التشيكي ورؤساء مجالس نواب آخرين. كلّ تلك النشاطات ودّية وسلمية وطبيعية بين الدول الديمقراطية، لذلك أظن أنّه يستحيل على تلك الأحداث السلمية والودّية أن تستفز أيّ دولة أخرى، فذلك منافٍ للمنطق بل هي مجرد ذرائع تتقدم بها الصين كي تهاجم تايوان مجدداً موجهة أصابع الإتهام لتلك النشاطات الطبيعية”.
مستعدون لأيّ عملية غزو والدفاع عن أنفسنا
وشدّد النائب التايواني فريدي ليم في حديثه لـ”أخبار الآن“، على أنّ “تايوان جاهزة لأيّ عملية غزو، قائلاً: “نحن نحافظ حالياً على أعلى درجات الحيطة والحذر، لكنّنا في السنوات الأخيرة رفعنا ميزانية الدفاع القومي، وعزّزنا الأمن القومي بالتعاون مع حلفائنا. لذا أودّ أن أقول إنّنا مستعدون بالكامل لأيّ عملية غزو، جاهزون للدفاع عن أنفسنا بغض النظر عمّا قد تفعله الصين. كما أظن أنّه بعد الحرب على أوكرانيا وغزو روسيا لهذا البلد، عبّر التايوانيون عن إرادة قوية للدفاع عن أرضنا وحريتنا. لذلك السبب برأيي مهما كان شكل التهديدات العسكرية الصينية، سيبقى الشعب التايواني موحداً جداً وسيعبر عن إرادته الصلبة”.
ليم: العالم سيحاول دعم تايوان لكنّني لست واثقاً من قوّة ذلك الدعم
وكان البيت الأبيض ندد بما تفعله الصين ودعاها إلى وقف المناورات العسكريّة التي بدأتها منذ زيارة بيلوسي إلى تايوان الأسبوع الماضي، وذلك للتقليل من التوتّر في كلّ المنطقة. وصرّح الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: “يمكن للصينيين القيام بالكثير لخفض التوتّر من خلال وقف مناوراتهم العسكريّة الإستفزازية وتهدئة اللهجة”. وأكّد كذلك أنّ الولايات المتحدة ستواصل اتصالاتها العسكرية على أعلى مستوى مع الصين رغم إعلان بكين تعليق اتّفاقات تعاون عدّة تشمل هذا المجال أيضاً.
في ذلك السياق يقول النائب التايواني فريدي ليم لـ “أخبار الآن“: “برأيي في السنوات الأخيرة أدركت معظم دول الأسرة الدولية أنّ سياسة الغموض الإستراتيجي لم تعد تجدي نفعاً. لذلك أظنّ أنّ العالم سيحاول دعم تايوان لكنّني لست واثقاً من قوّة ذلك الدعم. لذلك السبب أقول إنّه بحسب سياستنا الخاصة بالدفاع القومي علينا أن ندافع عن نفسنا قدر المستطاع”.
وتابع: “جاءت ردّة الفعل الصينية مبالغاً فيها لأنّه يستحيل عليهم أن يتراجعوا في مواقفهم، وبالتالي يجدون أنفسهم مضطرين للتصرف ولتنفيذ ما صرحوا به… لذا أظن أنّ تلك الأفعال هي للحفاظ على ماء الوجه”.
غضب الصين سببه إحساسها بفقدان سيطرتها على تايوان
كذلك أجرت “أخبار الآن” لقاءً خاصاً مع النائبة التايوانية لين شينغي (Lin Ching-yi)، التي شدّدت على أنّ تايوان قادرة على مواجهة التهديدات الآتية من بكين، قائلةً إنّ “التحضيرات العسكرية في بكين بدأت منذ أكثر من 70 عاماً، وبالطبع نحن نعلم ذلك، خصوصاً أنّه منذ 20 عاماً أصبحت تايوان من الناحية العسكرية قادرة على مواجهة التهديدات الآتية من بكين، وفي السنوات العشرة الماضية زدنا قوتنا، خصوصاً من ناحية الدفاع العسكري المسلّح، وطوّرنا نظام المعلوماتية خصوصاً في الكشف عن الأذرع العسكرية”.
وتابعت: “الأمر المهم الذي أودّ أن أذكره هو استراتيجية استخبارات المحيط الهادئ، وهي تركّز على الأمن الإقليمي، فالمشكلة ليست فقط مع تايوان ليست فقط بين تايوان والصين، فالصين لا تهدّد تايوان فقط بل أيضا تهدّد الأمن الإقليمي، أمن المنطقة، وفي السنوات الماضية أصبح لتايوان المزيد من الشركاء لنتساعد في حفظ أمن المنطقة، خصوصاً اليابان والفليبين والولايات المتحدة وحتى أستراليا. هذه المرّة المجتمع الدولي ذكر أنّ تايوان تتعرض للتهديد من قبل الصين، لكن تايوان طوّرت من قدراتها الدفاعية خلال السنوات العشرة الماضية”.
“حالة تأهب قصوى.. وتايوان كيان مستقل وديمقراطي”
وتسعى بكين من خلال تلك المناورات إلى تأكيد أحقيتها في ضمّ تايوان، وإنذار واشنطن الدّاعمة للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي. وفي ذلك الصدد تقول النائبة التايوانية لين شينغي (Lin Ching-yi) لـ”أخبار الآن“، إنّ “تايوان هي كيان مستقل وديمقراطي، وفي كلّ الزيارات التي يقوم بها الرئيس إلى الدول الديمقراطية يشدّد على أنّه لا يريد علاقات مع الصين، لكنّ تصرفات الصين تجعلنا ندرك لماذا لا تفهم ما تقوله الدول الديمقراطية عن قطع العلاقات”.
وأضافت: “طبعاً نحن مسرورون جدّاً بزيارة بيلوسي إلى تايوان، خصوصاً بعدما تمّ عزل تايوان من قبل المجتمع الدولي، فذلك يعني أمراً مهمّاً وهو أنّنا نحاول أن نحافظ على علاقاتنا مع الولايات المتحدة ومع المجتمع الدولي، وغضب الصين سببه إحساسها بفقدان سيطرتها على تايوان، لكن في الواقع تايوان لا تتبع الصين ولا نريد أن تحكمنا، وفي هكذا وقت أريد أن أقول لأصدقائنا في المجتمع الدولي، إنّ تايوان ترحّب بكلّ الأصدقاء الذين يشاركوننا القيم نفسها، وترحّب وتشكر كلّ الأصدقاء الذين يدعموننا، ونحن نعلن تلك المرّة أنّ الصين هي من يهدّد أمن المجتمع الإقليمي”.
ويعود التهديد الصيني لتايوان لعقود مضت. وهو الأمر الذي ساعد الجزيرة ذات الحكم الذاتي على تطوير قدراتها الدفاعية بما يتناسب مع موقعها وحجمها الجغرافي. وفي إطار التعامل مع قوّة عسكرية كبيرة مثل الصين، شرّعت تايوان في تبني ما يُعرف بـ “استراتيجية النيص” العسكرية التي تهدف إلى جعل أيّ غزو يستهدفها مكلفاً وصعباً في الوقت نفسه.
وفي ذلك الإطار، قامت تايوان بتخزين كميّات كبيرة من العتاد العسكري، بما في ذلك الأسلحة المضادة للطائرات والدبابات والسفن وطائرات مسيرة والذخائر منخفضة التكلفة، مثل الأنظمة الدفاعية الساحلية المتنقلة التي تملك القدرة على تدمير السفن البحرية والمعدات البحرية الصينية باهظة الثمن.
تجدر الإشارة إلى أنّ المقاتلات العسكرية من طراز “الشبح” والقوارب المخصصة للهجوم الصاروخي، تعدّ أسلحة رخيصة الثمن نسبياً، لكنّها تمتلك قدرات تدميرية كبيرة، فضلاً عن أنّه بمقدور تايوان نشر تلك القوارب صغيرة الحجم بين قوارب الصيد الراسية على موانئها. ويقول الخبراء إن تلك القوارب بالإضافة إلى الألغام البحرية قد تعوق أي عمليات إنزال عسكرية تستهدف تايوان.
شاهدوا أيضاً: وثائقي تايوان.. الابنة العاقة لبكين والمدللة لواشنطن من سيحظى بها؟