ما مطالب الطائفة العلوية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد؟

بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي وهروبه إلى روسيا، يعيش أبناء الطائفة العلوية حالة من القلق والخوف. تخشى الطائفة من “التهمة الخطيرة” التي قد تلاحقهم باعتبارهم من أتباع النظام السابق. ومع التطورات المتلاحقة في مدن الساحل السوري، حيث تتركز نسبة كبيرة من أبناء الطائفة، أصبحت المخاوف تتزايد بشأن مستقبلهم في ظل الأوضاع الراهنة.

الشيخ محمد مهيوب، أحد رجال دين الطائفة العلوية، أكد لأخبار الآن أن الطائفة تتابع الوضع بقلق بالغ بسبب السردية التاريخية للحرب التي شهدتها سوريا. أشار إلى أن هذه الحرب كانت مليئة بمشاهد دموية وتجاذبات طائفية، إضافة إلى تعدد الأطراف المشاركة فيها، مما جعل الصورة ضبابية والقلق من المستقبل مبررًا.

النزوح من دمشق إلى الساحل

أوضح الشيخ مهيوب أن الكثير من أبناء الطائفة نزحوا من دمشق والمناطق الوسطى إلى الساحل السوري بسبب الخوف من المجهول. هذه الهجرة الداخلية أضافت أعباء جديدة على الطائفة، التي تعاني أصلًا من مشكلات اقتصادية واجتماعية.

الطائفية والفوضى وموقفهم من الأسد والشرع.. لقاء خاص مع أحد مشايخ الطائفة العلوية

لماذا ساند العلويون بشار الأسد؟

عند الحديث عن دعم العلويين للنظام، قال الشيخ مهيوب إن الطائفة كانت تبحث عن الأمان وسط فوضى الأحداث التي شهدتها البلاد. وأوضح أن تأييد النظام لم يكن مقتصرًا على العلويين وحدهم، بل كان هناك دعم من مختلف المكونات السورية.

وأضاف أن أبناء الطائفة كانوا يخشون فقدان الأمان ولذلك وقفوا مع النظام، ولكن بعد رؤية المجازر الكبيرة وفقدان الشباب، تزايدت خيبة الأمل بينهم. كثير من أبناء الطائفة حاولوا تجنب الحرب من خلال السفر أو الانخراط في الدراسة بالخارج.

موضحا أن العديد من العلويين انضموا إلى الجيش ليس بدافع الاختيار، بل نتيجة الواقع الاقتصادي المحدود الذي لم يترك لهم سوى خيار الزراعة أو الخدمة العسكرية، وبسبب الممارسات تم إجبارهم على الالتحاق بالجيش.

المعاناة الاقتصادية والاجتماعية

مع تهدئة الأوضاع بعد اتفاق خفض التصعيد، بدأت الطائفة تشعر بالأعباء الاقتصادية الكبيرة التي تحملتها بسبب الحرب.

وأشار مهيوب إلى أن العلويين الذين فقدوا أبناءهم في الحرب وجدوا أنفسهم يعيشون في ظروف معيشية صعبة للغاية.

التوتر داخل الطائفة ودور أسماء الأسد

كشف الشيخ مهيوب عن وجود انقسامات داخل الطائفة نتيجة سياسات النظام السابق، الذي عمد إلى منع ظهور أي مرجعية دينية موحدة للطائفة خوفًا من أن تصبح مصدر تهديد له. وأوضح أن أسماء الأسد لعبت دورًا كبيرًا في تعقيد الوضع، حيث أحكمت سيطرتها على الاقتصاد وتحكمت بالوضع المعيشي للسوريين، مما خلق واقعًا مريرًا للشعب.

وأشار إلى أن النظام استهدف أبناء الطائفة العلوية بشكل خاص من خلال سياسات اقتصادية جائرة، في الوقت الذي عاشت فيه فئة صغيرة من النخبة حياة مرفهة.

الطائفية والفوضى وموقفهم من الأسد والشرع.. لقاء خاص مع أحد مشايخ الطائفة العلوية

المخاوف الأمنية والمعيشية

تحدث الشيخ مهيوب عن حالة القلق التي يعيشها أبناء الطائفة، حيث أن العلويين الذين ألقوا السلاح ولبوا نداء التسوية لا يزالون يعانون من الاعتقال في مناطق مختلفة مثل حارم وإدلب وعدرا وهذا الواقع يثير الخوف ويدفع الطائفة إلى التساؤل حول مصير أبنائها في ظل التوتر الأمني المستمر.

رفض تقسيم سوريا

أكد الشيخ مهيوب أن العلويين يرفضون بشكل قاطع فكرة تقسيم سوريا، مستشهدًا بدور الشيخ صالح العلي الذي أسقط مشروع التقسيم خلال الاحتلال الفرنسي، وشدد على أن وحدة سوريا هي الضمان لمستقبل جميع أبنائها، وأن الطائفة لا ترى أي مصلحة في التقسيم.

رسائل للإدارة السورية

وجه الشيخ مهيوب رسائل إلى الإدارة السورية، داعيًا إلى ضرورة تحقيق العدالة والاعتماد على القانون في المحاسبة بدلًا من الانتماءات الطائفية، وأكد أن الطائفة تطمح لرؤية أفعال ملموسة على الأرض تترجم وعود الحكومة، بهدف تحقيق الأمن والحياة الكريمة لجميع السوريين.

ختامًا، أوضح الشيخ مهيوب أن ما تحتاجه سوريا اليوم هو العدالة وسيادة القانون لضمان حياة مستقرة وآمنة بعيدًا عن التطرف والطائفية التي أضرت بالمجتمع السوري.