كيف تعمل جماعة الإخوان المسلمين على تفكيك المجتمعات وتورط الشباب بالإرهاب؟
ما يزال العالم العربي وحتى الغريب يحارب فكر جماعة
الإخوان المسلمين لما لها من بعد فكري متطرف، فالجماعة دأبت منذ تأسيسها على استقطاب شخصيات كبيرة وهامة يدير واجهتها بطرق ملتوية بينما يعمل افرادها على نصب الكمائن والفتن والأعمال العسكرية التي وصلت إلى حد الإرهاب والتطرف.
تأسيس الجماعة
تأسست جماعة
الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 على يد حسن البنا، ورفعت شعار “الإسلام هو الحل”، مستغلة الدين كأداة سياسية للسيطرة والتأثير.
ورغم بداياتها الدعوية، سرعان ما تحوّلت إلى تنظيم سياسي متشعب يعتمد على الازدواجية في الخطاب، والتغلغل في مؤسسات الدولة، والتخطيط للسيطرة على الحكم من خلال وسائل غير ديمقراطية، وأحيانًا عنيفة.
ازدواجية الخطاب السياسي
أبرز ملامح جماعة الإخوان هي الازدواجية بين الخطاب العلني والخطاب الداخلي. ففي حين تدّعي أمام المجتمع الدولي تبنّيها للديمقراطية، فإن الوثائق والتسريبات والخطابات الداخلية تُظهر سعيًا لإقامة ما يسمى بالخلافة الإسلامية ورفض الدولة المدنية الحديثة.
في انتخابات مصر عام 2012، وعد الإخوان بعدم الترشح للرئاسة، ثم ترشح محمد مرسي لاحقًا، وفي تونس، رفضت حركة النهضة في البداية الكشف عن ارتباطها بالإخوان، ثم اعترفت بذلك تدريجيًا بعد رسوخها في المشهد السياسي.
التورط في أعمال عنف وإرهاب
رغم نفي الجماعة العلني لاستخدام العنف، فإنها ارتبطت تاريخيًا بعدة عمليات إرهابية، سواء من خلال أذرع مباشرة أو مجموعات منشقة عنها:
اغتيال رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي عام 1948 على يد أحد أعضاء الجماعة.
محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عام 1954، والتي أدت إلى حل الجماعة واعتقال قياداتها.
دور الجماعة في العنف الذي أعقب ثورة 2011 في مصر، وخصوصًا اعتصامي رابعة والنهضة، حيث وُجدت أسلحة ثقيلة وخطط للتصعيد المسلح.
دعم رموز في الجماعة لفصائل متطرفة مثل حماس وتنظيمات جهادية في سوريا، بذريعة “نصرة الإسلام”.

تفكيك الدولة من الداخل
ناصبت جماعة الإخوان المسلمين الدولة الوطنية العربية العداء منذ نشأتها، واعتبرتها حجر عثرة في طريق وصولها إلى الحكم، وحاربت أسسها ومبادئها الحداثية، بوصفها مخالفة لأسس نوعية تَدَيُّن الجماعة، ولمبادئ هذا التَّدَيُّن التي اختصرت الإسلام فيها، وصادرته لحساب الإخوان.
وينبغي ألَّا ننخدع بأي تطَور أو تغَيٌر على مستوى الخطاب قد يعطي الانطباع بأن الجماعة قد تصالحت مع هذا الكيان السياسي الحديث، وتكيّفت مع مبادئه وأسسه الحداثية.
لقد أدى فهم الجماعة للسياسة ونظام الحكم إلى عملية تشويه شديدة للمنظومة المعرفية التي تتبناها هذه الحركات، فأصبحت رؤيتها للعمل السياسي أو لنظام الحكم تقوم على معادلة، هي في جوهرها خليط من مفاهيم تدعي أنها الإسلام، مع مفاهيم غربية معاصرة لكنها مشوهة، وقد أنتجت هذه المعادلة واحدة من أسوأ صور الممارسة السياسية في التاريخ الإسلامي، إذ إن إيمان هذه الحركات بأن السياسة هي القوة أو السلطة أو النفوذ أو علم إدارة الدولة، واعتمادها على مصادر المشروعية الإسلامية، كل ذلك أدى بها إلى الوصول إلى مرحلة من السُّعَار الشديد للوصول إلى الهيمنة على مفاصل الدولة، وإلى درجة مُعَقَّدَة من الاستبداد، خصوصًا الاستبداد الفكري الذي يقوم على افتراض امتلاك الحقيقة، ومن ثم نزع المشروعية – بل شرعية الوجود – عن المخالفين، ونفيهم خارج المجتمع، أو خارج الوجود نفسه في بعض الحالات.
إن كل التنظيمات الإرهابية والمتطرفة الموجودة على الساحة تقريبًا قد استلهمت تَصَوُّرها حول مفهوم الدولة – القائم على أن الخلافة الإسلامية هي النموذج الوحيد للدولة – من جماعة الإخوان المسلمين، ليس فقط لكونها الجماعة الأم التي خرجت من تتح عباءتها كل التنظيمات الأخرى، وإنما لكونها أول من نَظَّرَ ورَسَّخَ لقداسة مفهوم الخلافة في العصر الحديث، بوصفه يمثل رُكنًا من أركان الدين الإسلامي من منظورهم، وإن حاولت التنظيمات التي جاءت بعدها أن نُضْفِيَ بعض السمات الخاصة بها على مفهوم الخلافة، بما يوائم منطلقاتها الفكرية، وذلك بالتزامن مع محاولة تحطيم صورة الدولة الوطنية، وتشويهها سياسيًا ودينيًا، من خلال تصوير أنها ثمرة الاحتلال الأجنبي للعالم الإسلامي.
إن مشروع الدولة الإخوانية يشكل خطرًا على أمن الدولة الوطنية الحديثة في بُعدِه الشامل، وبخاصّة البُعد الفكري. وتتعدّد وجوه تحدّي المشروع الإخواني للدولة الوطنية، إذ تشمل الأبعاد المعرفية والقيمية والأخلاقية. فالدولة الإخوانية قائمة على مفاهيم وقيم وتصوُّرات بمناهضة لتلك التي تتأسس عليها الدولة الوطنية، ومن ثم تمثّل عائقًا يحول دون استكمال قواعد بنائها لتكون دولة المواطنة، بما يجعلها تستقطب لدى الفرد مشاعر الانتماء والولاء. وقد أظهرت التجارب التاريخية تهافُت مشروع الدولة الإخوانية، إذ إنها لم تُخْفِق فحسب في الاستجابة لتطلُّعات الجماهير في التنمية والرخاء، بل إنها كشفت أيضًأ عن الازدواجية في ممارستها، وما تنطوي عليه من مغالطة وخداع في موقف هذا المشروع من الدولة الحديثة، فعلى النقيض من موقفه الأيديولوجي المعارض مبدئيا لنظرية الدولة الوطنية الحديثة، فإنّه لم يجد حرجًأ في الاستيلاء على جهازها والعمل على تسخيره لخدمة غايته في الحكم والتمكين.

ونستطيع القول إن:
الجماعة اعتمدت استراتيجية “التمكين”، أي التغلغل في مفاصل الدولة تمهيدًا للسيطرة عليها:
في عهد الرئيس المصري محمد مرسي ، تم تعيين أعضاء من الجماعة في القضاء، ووسائل الإعلام الرسمية، والمؤسسات السيادية.
استخدمت الجماعة مؤسسات العمل الخيري لنشر فكرها في الأحياء الفقيرة، ما منحها قاعدة شعبية هشّة وسريعة التأثر، لكنها كانت أساسًا للنفوذ السياسي لاحقًا.
التغلغل في أوروبا واستغلال الديمقراطية
في أوروبا، اتبعت الجماعة نهجًا مختلفًا، لكن الهدف بقي نفسه: توسيع النفوذ ونشر الأيديولوجيا الإسلامية السياسية.
ورغم تصاعد الرقابة السياسية والأمنية في عدد من الدول الأوروبية، كشف اجتماع لمجلس الدفاع الفرنسي الذي انعقد برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون، عن تصاعد القلق داخل دوائر الحكم في باريس إزاء تمدد نفوذ جماعة الإخوان خصوصا داخل بعض المؤسسات الحكومية.
وتزداد الخشية من استغلال الإخوان هوامش حرية التعبير والتعددية الدينية، في بناء نفوذها تدريجيا والتغلغل بصمت داخل المؤسسات مستغلة الثغرات القانونية والثقافية في المجتمعات الأوروبية.
وخلال اجتماع مجلس الدفاع الفرنسي جرى تناول التقرير المشترك للوزارات والهيئات الأمنية والاستخباراتية، والذي رصد ما وصف بمعطيات مقلقة تتعلق بأنشطة الجماعة سواء العلنية منها أو تلك التي تدار في الخفاء، وسط تحذيرات من أن هذه التحركات قد تشكل تهديدا مباشرا لتماسك المجتمع الفرنسي.
وكشف التقرير أن منظمات لها صلات بجماعة الإخوان تحاول التأثير على مؤسسات الاتحاد الأوروبي من خلال أنشطة ضغط كبيرة.
الجماعة ممثلة في أوروبا من خلال منظمات مثل:
اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (FIOE) الذي كان مقره في بروكسل.
اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF).
مجلس مسلمي بريطانيا (MCB)، الذي وُجهت له اتهامات من البرلمان البريطاني بدعم جماعات متطرفة.
كيف تستغل الجماعة الفقراء وتغيّر عقول الشباب؟
الخدمات الاجتماعية بدلًا من الدولة
في المجتمعات التي تعاني من ضعف الدولة في تقديم الخدمات الأساسية “مثل الصحة، التعليم، الدعم المالي”، تدخل الجماعة وتقدم:
مساعدات غذائية شهرية، ودروس خصوصية مجانية، ورعاية طبية في عيادات خيرية وقروض بدون فوائد من جمعيات تابعة لهم.
والهدف: كسب الولاء وليس مجرد العمل الخيري. من يتلقى المساعدة يصبح تحت التأثير المباشر للفكر الإخواني.
تسييس العمل الخيري
مع المعروف عن جماعة الإخوان المسلمين أنها لا تُعطى المساعدة إلا إذا التزم الشخص أو العائلة بحضور “الدرس الدعوي الأسبوعي” والذي إما يكون عادة في مساجدها العامة الخاضعة للمراقبة أو دورات تعلمية في مراكزها الخاصة البعيدة عن عيون الأمن او في منزل مؤمن لأحد المشايخ او الطلبة وغالبا ما يكون في منطقة نائية.
ويتم توزيع كتب ومنشورات تتحدث عن “الحكم الإسلامي” و”خطر الدولة العلمانية” و”أهمية إقامة الشريعة”.
توجيه عقول الشباب
عملت جماعة الإخوان منذ القدم على السيطرة على المساجد والمراكز التعليمية فهي في بعض الدول تسيطر على عدد كبير من المساجد، خاصة في المناطق الشعبية والفقيرة. وتقوم بإنشاء جماعات تحفيظ القرآن، ولكن المحتوى يتضمن أيضًا فكرًا سياسيًا إسلامويًا.
ثم تعمل على تأسيس ما يُسمى بـ الأسرة، وهي مجموعة شباب تُجتمع أسبوعيًا لدرس ديني وفكري.
يدرس فيها:
فكر سيد قطب (منظّر التكفير والجهاد).
مفاهيم “الحاكمية” و”الجاهلية” والولاء والبراء. وعلاوة على ذللك تعمل على التشكيك في النظم الديمقراطية والدعوة لتطبيق الشريعة بالقوة.
النتيجة: يتحوّل الشاب إلى أداة طيّعة في يد الجماعة، يرى أنها الدين نفسه وأن أي نقد لها هو كفر أو عمالة.
ويتم ذلك من خلال تصوير قادة الجماعة على أنهم شهداء وضحايا مثل: حسن البنا وسيد قطب ومحمد مرسي.
كما تعمل الجماعة على استغلال بعض الأحداث ضدها وتقوم بتضخيم حملات الاعتقال على أنها ظلم ألم بها والهدف خلق شعور جماعي بالمظلومية، وتحويل هذا الشعور إلى طاقة غضب ضد الدولة والمجتمع.
أدوات الإعلام والإنترنت
جماعة الغخوان المسلمين تملك قنوات إعلامية، ومواقع إلكترونية، وصفحات فيسبوك وتيليغرام، تروّج لفكرها بأساليب ذكية:
مثل فيديوهات مؤثرة عن ما تسميه بالإسلام الحقيقي وبث خطب دعوية تحث على الجهاد وفضح فساد الحكومات لتبرير مشروعهم البديل.
وفي النهاية:
جماعة الإخوان المسلمين ليست مجرد تنظيم ديني، بل مشروع سياسي شمولي يحمل رؤية مضادة لمفاهيم الدولة الوطنية الحديثة، والديمقراطية الحقيقية، وحقوق الإنسان.
في العالم العربي، أدت سياسات الجماعة إلى تفكيك المجتمعات والدول، وإثارة الفتن الطائفية، وخلق بيئات حاضنة للعنف والتطرف. أما في أوروبا، فوجودها يهدد الاندماج المجتمعي، ويخلق مجتمعات مغلقة فكريًا ومعزولة ثقافيًا.
ولهذا، فإن مواجهتها لا تكون فقط أمنيًا، بل فكريًا وثقافيًا وسياسيًا، من خلال تعزيز الوعي بقيم الدولة المدنية، وفضح ازدواجية الجماعة وخطرها على استقرار الشعوب.