“اوقفو تجربة الانفجار العظيم قبل أن تدمرنا جميعا” بهذه العبارة التي تحمل بين طياتها تحذيرا شديد اللهجة احتج علماء فيزياء أمريكيون عبر دعوة قضائية على تجربة الانفجار العظيم التي أطلقها أمس الأربعاء علماء دوليون اجتمعوا في معمل “سيرن” قرب جنيف لتنفيذ عملية تحاكي الظروف التي ارتبطت بنظرية الانفجار الكوني الكبير.
فقد قام العالم الأمريكي والتر واو فاجنر وزميله لويس سانشو بتقديم دعوى قضائية اتحادية تطالب بوقف عملية الانفجار الكبير المقامة حالياً على الحدود الفرنسية السويسرية، معتبرين أن هذه التجربة يمكن أن تؤدي إلى تكوين ما يسمى بـ”الثقب الأسود”، الذي يتميز بكثافته العالية وجاذبيته الهائلة، بحيث يمكنه أن يبتلع كوكب الأرض.
وجاء في نص الدعوي القضائية التي نشرتها شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية في موقعها على الإنترنت، أن الأخطار التي تأتي من وراء تشغيل هذه التجربة العملاقة قد تفوق كل التوقعات ومن الممكن أن تدمر كوكبنا الأرضى بالكامل.
وأشار العالمان فاجنر وسانشو إلى أن دعوتهم القضائية التي رفعوها ضد التجربة فشلت في وقف المشروع الذي تتبناه المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية CERN.
وقد أطلق العالم الأمريكي والتر واو فاجنر موقعا خاصا على الانترنت يشرح تفاصيل التجربة والأخطار المتوقعة لها، بالإضافة إلى نص الدعوة القضائية المناهضة للتجربة.
وقد اعترف علماء بالمنظمه الاوروبية للابحاث النووية بأن هناك امكانيه حقيقية لحدوث تداعيات للتجربة المدمرة، مثل الثقوب السوداء ، والتحولات الفضائية وغيرها، وهذه الأحداث لديها القدرة على ان تغير في مفهوم النظريات الكونية الموجودة، ومن الممكن أن تدمر كوكبنا.
وبالتزامن مع دعوة فاجنر القضائية، نشرت العديد من المواقع على الإنترنت تقارير تفيد بأن المعجل التصادمي الجسيمي الذي سيستخدم في التجربة سيؤدي إلى حدوث ثقوب سوداء قد تبتلع الكوكب.
وفي الوقت نفسه رد فريق آخر من علماء المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية بالقول إن هذا “محض هراء”، حيث أكدت المنظمة أن “المعجل التصادمي الجسيمي” آمن وأي أشارة إلى انه قد يمثل خطرا هي محض خيال.
بداية ناجحة
وعن آخر ما توصل إليه العلماء في تجربتهم، كشفت المنظمة الأوروبية للأبحاث أن جهاز “صادم الهدرون الكبير” المعروف اختصارا بـ (LHC) نجح في إجراء أول تجربة رئيسية من خلال إطلاق أول شعاع من جسيمات تسمى البروتون على امتداد 27 كيلومترا وذلك في أكبر محاولة من نوعها لفهم كيفية نشوء الكون.
ويوفر الجهاز الضخم، الذي كلف إنشاؤه في المنطقة الحدودية بين فرنسا وسويسرا نحو 10 مليارات دولار أمريكي، للعلماء قوة أكبر من ذي قبل لتهشيم مكونات الذرات في محاولة لرؤية ما يشكلها.
وتم تشغيل هذا النظام الأربعاء قرب جنيف بهدف كشف أسرار المادة والكون، ويفترض أن يكشف النظام الجزيئات الأولية للمادة التي تتحدث عنها الفيزياء النظرية، وكذلك تلك التي لم تشاهد من قبل ويمكن أن تؤكد وجود جزيئات تتشكل منها المادة السوداء خصوصا.
وقال مدير المشروع لين ايفانز إنه بعد ضخ الحزمة الأولى تم الانتظار حوالي خمس ثوان للحصول على المعطيات، وكشف ضوء على الشاشة بعد ذلك أن الحزمة دخلت فعلا في الجزء الأول من الطوق.
وبعد أقل من ساعة من بدء التشغيل، كانت الحزمة قد قامت بدورة كاملة في الطوق وحققت بذلك الهدف الرئيسي للعلماء في اليوم الأول، وسيلي هذه الخطوة ضخ حزمة ثانية في الاتجاه المعاكس.
وقد حشد هذا المشروع الذي بلغت كلفته 3.76 مليار يورو، خلال ما يزيد عن عقد من الزمن، آلاف الفيزيائيين والمهندسين من العالم اجمع.
“الانفجار العظيم”
أعتبر علماء الفيزياء الدوليون المشتركون في عملية “الانفجار العظيم” أن تجربتهم الحالية من المحتمل أن تثبت نظرية “الانفجار العظيم”، التي تتحدث عن كيفية نشأة الكون والثواني الأولى التي أعقبت الانفجار، بما في ذلك احتمال وجود بُعد إضافي غير الأبعاد المعروفة.
ويعمل المختبر بواسطة أربع غرف تعمل على اكتشاف أسرار الطبيعة والانفجار العظيم، وهو الانفجار الهائل الذي وقع قبل 12 مليار أو 15 مليار سنة.
وسيعيد المختبر إنتاج نفس ظروف الانفجار العظيم، حيث يقول أحد العاملين في المشروع، إنّه سيعيد إنتاج نفس ظروف جزء من المليون من الثانية التي أعقبت الحدث “الانفجار العظيم”، حيث تكوّنت “شوربة” من الجزئيات الصغيرة جدا، والتي تدعى “كواركس” و”جلونس”، بحيث من الممكن فهم كيف تشكّل الكون.
ويشير عاملون في المشروع وعلماء آخرون إلى احتمال أن تسفر تلك التجربة النادرة عن مفاجآت من شأنها أن تكون معاكسة تماما لكلّ النظريات التي قام عليها العلم حتى الآن.