استند العلماء اليابانيون في اختباراتهم لنوع جديد من القطارات فائقة السرعة إلى ظاهرة طبيعية تتعلق بالجاذبية الأرضية.. فإذا ما أسقط شخص ورقة من ارتفاع معين، ثم راقب مراحل سقوطها المختلفة للأسفل باتجاه الأرض، فسيلاحظ أنه حينما اقتربت الورقة بشدة من سطح الأرض، كفت عن السقوط لأسفل، وغيرت اتجاهها، وحلقت أفقيًا لفترة قصيرة قطعت خلالها مسافة فوق الأرض قبل أن تستقر نهائيًا في مكان سقوطها.
ونجحت القطارات فائقة السرعة، في أن تجعل الدول تتسابق عليها ، كما تسابق العلماء في محاولة لتطوير تلك السرعة، والعمل على الاستفادة من كل الظروف الممكنة للوصول إلى هذا التطور في السرعة، حتى استطاعوا التوصل إلى أسلوب علمي اعتمد على ظاهرة طبيعية تابعة من أسرار قانون الجاذبية الأرضية، تهدف إلى تطوير القطار فائق السرعة ليطير على ارتفاع 10 سم وبسرعة 500كم/ ساعة، بدلًا من 300كم / ساعة، وبنوا تصورهم على أنه إذا ما أسقط شخص ورقة من ارتفاع معين، ثم راقب مراحل سقوطها المختلفة للأسفل باتجاه الأرض، يلاحظ أنه حينما تقترب الورقة من الأرض تكف عن السقوط عمودي، وتنحرف قليلًا وتغير من اتجاهها وتحلق لفترة قصير، تقطع خلالها مسافة قصيرة فوق سطح الأرض قبل أن تستقر نهائيًا في مكان سقوطها.. إنه أحد أسرار قانون الجاذبية الأرضية.
قال د. يوشاكي كوهاما، رئيس الفريق البحثي الياباني لتنفيذ القطار الطائر: إن فريقه استعان بما سبق للعلماء الروس التوصل إليه من نتائج، مشيرًا إلى أن فريقه سيركز كل أبحاثه على توظيف هذه الظاهرة في تطوير نظم أرضية وليست بحرية أو مائية، لتحقيق قدر أكبر من الفائدة في استخدام الطاقة؛ لأن هذه الظاهرة على سطح الماء يعترضها وجود الأمواج التي تعمل على عدم استقرار تأثيرها.. ويتنبأ بأن النظام الأرضي المقترح يمكن أن يجعل القطار يطير على ارتفاع يتراوح ما بين 15 أو 10 سنتيمترات فوق سطح الأرض.
وبنى الفريق نموذجًا اختباريًا لهذا القطار طوله 8,1 أمتار داخل معامل معهد علوم السوائل بجامعة توهوكيو اليابانية.. وهذا القطار به زوجان من الأجنحة زوج أمامي وآخر خلفي، كل منهما مزود بذراع رأس أو زعانف مصممة بشكل خاص في نهايته، والنموذج ليس مزودًا بمحرك؛ لكي يتم دفعه بواسطة شاحنة على ممر ذي سطح مستوى شبه مغلق، له حوائط على الجانبين، وخلال الاختيارات استطاع النموذج التحرك والارتفاع للأعلى قليلًا اعتمادًا على ظاهرة التأثير الجناحي بعد وصول القطار إلى سرعة 50 كم/ ساعة، لذلك يرى الباحثون أنه من الناحية الافتراضية يمكن أن يتم التحريك الأولى للقطار الهوائي أتوماتيكيًا.
قطار أجنحة وزعانف
هذا الأمر جعل الأطباء الباحثين يعيشون مرحلة قلق بخصوص الرحلة المزمع القيام بها إلى المريخ، فهم يرون أنه ليس هناك أدنى منطق في إرسال شخص إلى المريخ في الوقت الذي لن يكون قادرًا على الوقوف على قدميه عندما يصل إلى هناك.. ويعتقد البعض أن الأمر يتطلب جاذبيةً صناعيةً يمكن تحقيقها بمركبة فضاء تدور ببطء وتخلق أثرًا طرديًا أو مركزيًا.. إن سفينة فضائية دوارة يمكنها أن تخفف من المشاكل التي واجهها الروس في محاولتهم لزراعة بعض النباتات في بيوت زجاجية في الفضاء.. ففي بيئة معدمة الجاذبية يمكن للنبات أن ينمو وجذوره لأعلى وساقه لأسفل، بينما لا يستطيع الماء عديم الوزن النفاذ عبر التربة التي تطفو بدورها بعيدًا عن الجذور، فإذا ما سقط جسم من ارتفاع معين فنلاحظ على الفور أنه حينما يقترب من سطح الأرض يكف عن السقوط لأسفل وينحرف في اتجاهه قليلًا قبل أن يستقر تمامًا في مكان سقوطه.
هذه الظاهرة الطبيعية المرتبطة بالجاذبية يعكف العلماء الآن في مختبراتهم لإجراء أبحاثهم من أجل التوصل إلى نوع جديد من القطارات فائقة السرعة والتقدم، تستند أساسًا على ظاهرة انحراف الكتلة أو الورقة أو طيرانها أفقيًا في الثواني الأخيرة السابقة لاستقرارها على الأرض، ويتوقع أن تصل سرعة القطار المستند إلى هذه الظاهرة، إلى 500كم/ ساعة، وأن يطير على ارتفاع يتراوح بين 5- 10 سم بينه وبين الأرض، ومن المخطط أن يظهر للوجود عام 2020 م فما تفاصيل هذا التطور؟.
إن فريق العلماء القائم على مشروع تطوير هذا القرار يستند إلى ظاهرة التأثير الجناحي على الأرض، وهي ظاهرة تحدث مع الأجسام الطائرة حينما تقترب من الأرض بشدة، ويتم خلالها تكوين وسادة هوائية ذات ضغط عالٍ، يمكن أن تجعل الجسم يحلق للحظات أفقيًا قبل أن يحط على الأرض ساكنًا.. ويعمل العلماء المشاركون في التجربة على استغلال هذه الظاهرة، وتصميم القطار على شكل جسم طائر له أجنحة ومراوح أو رفاصات تجعله يستفيد من ظاهرة التأثير الجناحي على الأرض، ويطير على ارتفاع بسيط فوق وسادة هوائية التي تتكون طبيعيًا بفعل هذه الظاهرة، فيصبح القطار جاهزًا للانطلاق للأمام بقدر ضئيل جدًّا من الاحتكاك مع سطح الأرض أو بدون احتكاك تقريبًا.. وعندئذ يمكن دفع القطار للأمام بقدر قليل جدًّا من الطاقة لمسافات بعيدة وبسرعات عالية جدًّا، وبهذا الشكل يكون العلماء قد أقاموا بديلًا جديدًا للوسادة الاصطناعية التي يتم تكوينها حاليًا في القطارات فائقة السرعة، وتنشأ بفعل التنافر أو الارتفاع المغناطيسي عن سطح الأرض.. وظاهرة التأثير الجناحي على الأرض ليست جديدةً، ويعتبر العلماء الروس في الاتحاد السوفيتي السابق من أوائل الذين درسوا كيفية الاستفادة بها في تطوير وسائل نقل فائقة السرعة، تستخدم كميات قليلة من الطاقة، بل سبق بهم دراستها على سطح الماء وفي اليابسة.
نموذج اختباري
ويستعد الآن لبناء نموذج اختباري جديد من هذا القطار، يحتوي على ثلاثة أزواج من الأجنحة، وزوجين من المراوح أو الفاصات لذلك فإنه بناء على نموذج يتسع لستة ركاب يستطيع الوصول إلى 300كم/ ساعة وبحلول عام 2020 م سيكون هناك قطار من هذا النوع قادر على حمل 225 راكبًا، ويستطيع عزيزي القارئ السفر بسرعة 500 كم/ ساعة، وأمام العلماء العديد من المهام ينبغي دراستها خلال المرحلة الحالية، في مقدمتها تخفيض مستوى السرعة التي يبدأ عندها القطار في الارتفاع عن الأرض والطيران، كما يحاول العلماء تخفيض الوقت الذي سيستغرقها القطار وهو في حالة اتصال بأرض الممر أومكان الإقلاع، والوصول بها إلى الحد الأدنى مما سيقلل من الاحتكاك بالأرض، ومن ثم يخفض استهلاك الطاقة، والملوثات الناشئة عن العام.. ويقول العلماء: إن هدفهم تخفيض التلوث إلى ما يتراوح بين 3-6 جرامات من ثاني أكسيد الكربون لكل شخص كيلومتر مقارنةً بنسبة تلوث تصل إلى 12,2 جرام في القطارات العاملة بالارتفاع المغناطيسي.
ويأمل الفريق البحثي، أن يقدم القطار الجديد حلًا لمشكلات الرئيسة القائمة مع القطارات السريعة العاملة بالتنافر المغناطيسي، وفي مقدمتها حاجة هذه القطارات إلى وجود مجالات كهرومغناطيسية بطول الممرات أو القضبان، فضلًا عن استهلاكها العالي من الوقود، ويتوقعون أن القطار الهوائي سيحل هذه المشكلات من خلال اعتماده على مصادر الطاقة المتجددة في الحصول على ما يحتاجه من طاقة، مثل الألواح اللاقطة للطاقة الشمسية التي يمكن تثبيتها على حوائط الممر أو القضبان أو التوربينات الهوائية التي يمكن نشرها بطول طريق القطار.