الجزء الأول: خطايا القاعدة
من أوائل من دحض الأسس التي قامت عليها القاعدة، كان مفتي القاعدة الأول سيد إمام الشريف؛ الأمر الذي أكسب نقده بعدا عميقا خاصة لدى الشباب ممن يؤيدون فكر القاعدة. سيد إمام ترك القاعدة في منتصف التسعينات؛ وألقي القبض عليه بُعيد تفجيرات نيويورك. ماذا يقول عن القاعدة؛ وعن بن لادن وأيمن الظواهري؛ متى جاء تحوله عن فكر القاعدة؛ ماذا يقول عن تفجيرات نيروبي ودار السلام ونيويورك.
من بين كل الذين انقلبوا على فكر القاعدة، لم يكن أحد مؤثرا كما كان سيد إمام الشريف. ليس فقط لأنه كان من أوائل هؤلاء، ولكن لأنه هو نفسه كان أحد أهم المنظرين لهذا الفكر، حتى إن أتباع القاعدة وصفوه بأنه “مفتي المجاهدين بالعالم”.
كتابه (العمدة في إعداد العدة) الذي ظهر في العام 1988 كان له دور هام في تجنيد الشباب المسلم واستقطابهم إلى المعسكرات التي أدارها بن لادن في أفغانستان. فكتب في التمهيد إن العمدة كان “رسالة في بعض مسائل السياسة الشرعية المتعلقة بعلاقة الإخوة بعضهم ببعض في معسكرات التدريب وفي ساحات الجهاد” وإنه جاء في جزء منه بناء على طلب منهم.
لكن العلاقة بين سيد إمام الشريف والقاعدة وتنظيم الجهاد ساءت لاحقا، حتى انتهى الأمر بأن ترك تنظيم الجهاد، الذي كان يشاركه فيه الظواهري، وذهب إلى اليمن. كان هذا في العام 1994. عمل طبيبا هناك حتى ألقي القبض عليه بعد تفجيرات نيويورك 2001. سجن في اليمن ثم سُلم إلى مصر في العام 2004. وبعد عامين بدأ بكتابة (وثيقة ترشيد الجهاد في مصر والعالم) التي خطّأت القاعدة وأشباهها.
ما الذي حدث؟ وكيف أفتى المفتي بعدم شرعية ممارسات القاعدة ومن على شاكلتها؟
تواصلنا مع سيد إمام الشريف، الذي يعيش الآن طليقا في مدينة بني سويف جنوب العاصمة المصرية القاهرة.
التقيناه في عيادته. وهناك فسّر الأسس الشرعية لموقفه. وتطرق تحديدا إلى تفجير سفارتي واشنطن في نيروبي و دار السلام العام 1998 الذين أسفرا عن مقتل أكثر من 300 شخص معظمهم من السكان المحليين.
يقول سيد إمام الشريف:
الأخطاء الشرعية موجودة ومكتوبة مثل “التترس”
وهو أن أحدا يريد فعل شيء ضد هدف، ولكن كي يصل إلى هذا الهدف يجب أن يقتل كثيرا من الناس ليس لهم أي علاقة بهذا الموضوع، سواء من المسلمين أو غير المسلمين، فأباحوا لنفسهم هذا، وهو خطأ من الناحية الشرعية أنك كي تصل إلى هدف تقتل أناس ليس لهم ذنب، فهذا خطأ، لماذا خطأ؟ لأن النبي (ص) نهى عن قتل النساء والصبيان، وقال الله تعالى “إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا” فلا يصح أن تقتل عشرة من الأبرياء كي تصل لشخص واحد مجرم.
أصحابه في القاعدة راجعوه في موضوع “التترس” خاصة بعد تفجيرات نيروبي ودار السلام، لأن هناك أناس كثر قتلوا من الكينيين ومن التنزانيين، وكينيا فيها 30% مسلمين من سكانها، وتنزانيا فيها أكثر من 30% مسلمين، وهناك أناس كثر قُتلوا من المسلمين، فهو إحتج على أصحابه في القاعدة أصحاب الشرعية في التترس.
وعندما جاءت أحداث 11 سبتمبر لم يقل لهم الطريقة التي سيُعمل بها، ولكن الطريقة التي كان سيعمل بها تنطوي على غدر، ماذا يعني غدر؟ يعني أنك داخل بلد بإذن أهله، وإذا دخلت بلدا بإذن أهله فهذا إسمه عقد أمان، أي أنهم لطالما أذنوا لك بالدخول عندهم، فيجب أن يكونوا آمنين منك كما أنت آمن منهم، هم أذنوا لك بدخول البلد فهذا يعني أنك لم تدخل كي تفسد وكي تقتل وكي تسرق، هذا عقد أمان من الناحية الفقهية، لأن عقد الأمان حتى وإن لم يُنص عليه صياغةً بأنه عقد أمان، ولكن مضمون عقد الأمان هو أن تكون آمنا منهم وهم آمنون منك .