هونغ كونغ، 25 أكتوبر، وكالة الأنباء الفرنسية
هيكل حديد، ومقبض متحرك، اضافة الى اربع عجلات مطاطية ، انها عربات بسيطة غالبا ما يجرها رجال مسنون في ازقة هونغ كونغ وهي وسيلة لا غنى عنها لحسن سير النشاط في هذه المدينة الكبيرة.
في ظل ناطحات السحاب او في الازقة المتعرجة في الاحياء التي تتخذ طابعا صينيا كبيرا، يدفع عمال وجامعو الخرق عربات تتكدس فيها علب الكرتون الفارغة وصناديق زعانف اسماك القرش وقوارير المياه الفارغة ودلاء الفطر المجفف.
وهم مرادف للسعاة الذين يستخدمون الدراجة الهوائية في نيوريوك او شاحنات تسليم البضائع في باريس.
والعين الاجنبية تلاحظ خصوصا المسنين من رجال ونساء الذين يجرون هذه الحمولة الكبيرة رغم سنهم المتقدمة.
لي تشونغ-هو (78 عاما) تجر عربتها طوال اليوم وحتى عندما يهب اعصار، على ما توضح مؤكدة لوكالة فرانس برس من دون ان تتوقف “اريد ان اكسب لقمة العيش هذا الامر يساعد حتى لو كنت اتقاضى دولارات قليلة فقط”.
جامعو الخرق يبلغ عددهم نحو عشرة الاف في هونغ كونغ وهم يجمعون الكرتون القديم والصحف والخردوات لبيعها الى شركات اعادة تدوير. البعض لا يكسب اكثر من 20 دولارا محليا يويما (2 يورو) على ما جاء في نتيجة استطلاع غير رسمي اجرته وكالة فرانس برس.
عملية الجمع والفرز هذه تساعد قليلا في خفض كمية النفايات الموجهة الى المكبات في هونغ كونغ التي قد تصل الى التخمة اعتبارا من العام 2020.
هذا النشاط المتطلب جسديا وغير المربح يتولاه افقر الفقراء في هذه المنطقة الواقعة في جنوب الصين التي تشهد تفاوتا كبيرا جدا بين سكانها الاغنى والاكثر بؤسا. وثلث المسنين في هونغ كونغ يعيشون تحت خط الفقر على ما اظهرت الارقام الاخيرة الصادرة عن الحكومة.
ويساهم العمال فيه هونغ كونغ من اجل تقاعدهم منذ العام 2000 . وكان يعتمدون حتى تلك السنة على مساعدة عائلاتهم ومدخراتهم والشقة التي اشترونها عندما كانوا لا يزالون يعملون.
والعربات تقع في اخر سلسلة نقل البضائع في هونغ كونغ بعد سفن الشحن التي تفرغ حاوياتها في المرفأ والشاحنات وسيارات الاجرة الحمراء التي تجوب الشوارع على ما يقول ادم بوبيت الخبير في البيئة المدينية في جامعة هونغ كونغ.
وهي مناسبة جدا للشوارع الضيقة المكتظة المنحدرة جدا في بعض الاحياء في مدينة لا تضم الكثير من مواقف السيارات على ما يفيد الخبير الذي يعتبر هذه العربات عاملا لا غنى عنه في هونغ كونغ.
ويضيف الخبير “هذا النشاط القديم عرف كيف يستمر بفضل طابعه العملي. هل ينبغي الاحتفاء بعربة هونغ كونغ ؟ بالتأكيد”.
البعض يشتكي من الخطر الذي تمثله وسيلة النقل هذه . فسكان هونغ كونغ يعرفون ان عليهم ان يفسحوا المجال عند مرور عربة.
وتلفح عربات الترامواي والحافلات الصغيرة والسيارات، سائقي هذه العربات عندما يدفعون حمولتهم في الشارع.
وفي النصف الاول من العام 2013 ، سجلت وزارة النقل 11 حادثا مرتبطا بعربات. وفي العام 2012 صدمت حافلة وسيارة اجرة سائقي عربات. وكانا فوق سن السبعين.
ولفترة طويلة كانت هذه العربات تصنع في هونغ كونغ. ماكي لي (46 عاما) يملك اخر مشغل لها وهي شركة عائلية اسست قبل ستين سنة. الا ان ابنيه يرتدان الجامعة ولن يواصلا هذا النشاط. وسيتم عندما استيراد العربات من الصين القارية.
ويقول لي وهو يصلح عربة انها لا تكلف غاليا “لكنها لا تدوم طويلا”.
وهل العربات هذه دليل على الهوة بين الاغنياء والفقراء؟. يهز لي كتفيه ويؤكد انها بالنسبة له “وسيلة” في المقام الاول.
وعلى بعدج امتار من المشغل، تجمع امرأة تسعينية الكرتون وتضعه على عربتها. وتقول “ماذا عساني افعل ان لم اخرج من المنزل. هل ابقى في البيت وانتظر الموت؟”