أفادت مصادر في الشرطة الفرنسية، أن طريقة تحرك المسلحين الذين هاجموا صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة، في باريس صباح الأربعاء، وهدوءهم وتصميمهم الظاهر، تكشف أنهم أشخاص تلقوا تدريبا عسكريا عاليا.
ويبدو المسلحون في الصور التي أخذت من قبل أشخاص كانوا في المكان وهم يتصرفون بمهنية عالية ويشنون هجوما خطط له بدقة، حسب ما أفاد عضو سابق في جهاز لحماية الشخصيات وشرطي سابق في الشرطة القضائية.
وقال أحد الشرطيين "تبدو حرفيتهم ظاهرة من طريقة الإمساك بأسلحتهم وتحركهم الهادىء غير المتسرع. من المؤكد أنهم تلقوا تدريبا عسكريا. هؤلاء ليسوا أشخاصا عاديين خطر ببالهم فجأة القيام بعمل من هذا النوع".
وأضاف إنهم يمسكون برشاشات الكلاشنيكوف ملتصقة بأجسادهم، ويطلقون الرصاص طلقة طلقة متجنبين الرشقات ما يكشف أيضا أنهم تدربوا تماما على استخدامها.
أما الشرطي الثاني الذي عمل سابقا في الشرطة القضائية فيقول "الملفت للنظر اكثر من أي شيء آخر رباطة جأشهم. من المرجح أن يكونوا تدربوا في سوريا أو العراق أو أي مكان آخر وربما في فرنسا، إلا أن الأكيد أنهم تابعوا تدريبا عاليا".
والدليل على تصرفهم بدم بارد أنهم أخطأوا في البداية بالعنوان، وتوقفت سيارتهم أمام الرقم 6 في الشارع، في حين أن مقر الصحيفة يقع في الرقم 10. ويضيف الشرطي "لم يرتبكوا، لم يطلقوا النار بل توجهوا بهدوء إلى مكاتب تحرير الصحيفة" في الرقم 10.
وقالت آن جوديسيلي وهي مؤسسة لشركة استشارات أمنية لرويترز "من الواضح أنه كانت هناك عملية استطلاع سلفا.. وجدوا ثغرة في الترتيبات الأمنية واختاروا طريقة تضمن تحقيق النجاح."
وقال مسؤول بنقابة الشرطة إن الهجوم لم يستغرق سوى خمس دقائق وقتل خلاله المسلحون ضابط شرطة داخل المكتب بالإضافة إلى ثمانية صحفيين.
وقال رينيه جورجي كويري الرئيس السابق لوحدة شرطة مكافحة الإرهاب لتلفزيون بي.اف.ام "الشيء اللافت هو آثار الأعيرة النارية المتقاربة في الواجهة الزجاجية وهو ما يوضح أنهم (المسلحين) كانوا يتحكمون بشكل جيد في أسلحتهم ومشاعرهم."
وقال جان لويس بروجيري وهو قاض كبير سابق في قضايا مكافحة الإرهاب "لم أندهش وحسب من هدوء الملثمين بل أيضا من الأسلوب الاحترافي الذي نفذوا به هروبهم بعد أن أخذوا وقتهم للإجهاز على شرطي مصاب."
وفي أحد الاشرطة التي صورت من سطح منزل مجاور، بالإمكان مشاهدة شخصين من أصل ثلاثة مجهزين عسكريا بشكل مميز: اللباس أسود، الوجه ملثم، أحذية رياضية، جعب لمخازن الرصاص قد تخفي أيضا سترات واقية من الرصاص. وبينما كانا يغادران المكان شاهدا شرطيا على دراجة هوائية فنزلا من السيارة وأطلقا النار عليه بدم بارد وطلقة طلقة. بعدها اقترب أحدهما منه وأجهز عليه برصاصة في الرأس وهو ممدد أرضا بعد إصابته. وبعد أن تأكدا من عدم وجود شرطي آخر في المكان صعدا إلى السيارة من دون هرولة.