أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة (روميو موسى)
88 سنة فصلت بين الزيارة الأولى، والأخيرة، التي قام بها الرئيس الأمريكي الأسبق كالفين كوليدج لكوبا، والزيارة التاريخية التي قادت الرئيس الأميركي الحالي باراك اوباما، الى الجزيرة الشيوعية.
الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، سيكون أكثر حذراً في التعامل مع الرئيس راوول كاسترو، مقارنة بتعامل سلفه الثلاثين مع الرئيس خيراردو ماتشادو، حين حلّ على الجزيرة الكاريبية في العام 1928.
ولا شك ايضاً في ان الترحيب الكوبي الكبير بأوباما، لن يرقى الى الترحيب الحار الذي حظي به كالفين كوليدج، قبل 88 عاماً.
ولكن، برغم كل هذه الاختلافات، فإن ثمة تشابهاً مثيراً للانتباه بين الزيارتين الرئاسيتين، المفصولتين بالسنوات الـ88، فبزيارته هافانا، يود أوباما إخراج البلدين المتخاصمين من الطريق المسدود، وهي المهمة ذاتها التي سعى اليها كوليدج، الذي سعى يومها الى احتواء الغضب الذي أثارته السياسات الأمريكية اتجاه أمريكا اللاتينية.
ويبدو ان اوباما ينوي اعتماد أسلوب كوليدج في هافانا، وهو ما عكسته بعض تصريحاته السابقة للرحلة الكوبية، اذ قال انه سيستفيد من الزيارة "ليشرب كوباً من الشاي الكوبي"، في رسالة وجهها الى مواطنة كوبية في السادسة والسبعين من العمر لمناسبة إعادة خدمة البريد المباشر بين البلدين.
من القطيعة إلى المصافحة
مع اندلاع الثورة الكوبية عام 1959، تدهورت العلاقات الأمريكية الكوبية بشكل جذري، حيث أدت الثورة إلى ارتفاع حدة التوتر بين البلدين عقب وصول "فيدل كاسترو" للسلطة في كوبا، وإطاحته بنظام "فولجينسيو باتيستا" المدعوم من واشنطن.
تدهورت العلاقات بين البلدين، حتى وصل الأمر إلى فرض واشنطن حظرًا تجاريًّا على هافانا عام 1961. وفي عام 1962 تم تعليق عضوية كوبا في منظمة الدول الأمريكية، ولم تشارك في قمة الأمريكيتين التي عُقِدت لأول مرة عام 1994 كتجمع لتلك الدول، وظلت عضوية كوبا مُعلقة حتى عام 2009. وعلى الرغم من أن هافانا لم تطلب رسميًّا عودتها، إلا أن أغلب دول أمريكا اللاتينية طلبت حضور كوبا للقمة.
في عام 1982 أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة الكوبية في قائمة الدول الراعية للإرهاب. ومنذ تولي الرئيس الكوبي "راوول كاسترو" الحكم، بدأت حدة الخلافات تهدأ تدريجيًّا، حيث خفف أوباما قيود السفر إلى كوبا، كما خفف بعض العقوبات في المجالين السياحي والمالي.
وفي 10 كانون الاول/ديسمبر عام 2013 صافح الرئيس الأمريكي نظيره الكوبي خلال حفل تأبين رئيس كوريا الجنوبية الراحل نسلون مانديلا. وفي 17 كانون الاول/ديسمبر عام 2014 أعلن أوباما صراحة أن "الولايات المتحدة ستطبع علاقاتها مع كوبا، وستنهي سياسة عفا عليها الزمن في العلاقات بين البلدين، وسيتم افتتاح سفارة في هافانا".
في نيسان/إبريل الماضي تبادل الرئيسان أوباما وكاسترو التحية والمصافحة أثناء افتتاح قمة الأمريكتين في العاصمة البنمية "بنما ستي"، والتي تجمع قادة كل دول أمريكا اللاتينية، وكانت كوبا تُستثنَى منها في الدورات السابقة. وأعرب أوباما في تصريح قبيل انعقاد القمة عن أمله في ذوبان الجليد في العلاقات بين بلاده وكوبا. وبعد شهر من هذه المباحثات رفعت أمريكا اسم كوبا من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، ثم أعلنت خططًا تتعلق بخدمات النقل الجوي وبالعبارات بين أمريكا وكوبا.
في مطلع العام الماضي بدأ السناتور الديموقراطي "باتريك ليهي" زيارة لكوبا على رأس وفد من الحزب الديموقراطي، وكانت هذه أول زيارة رسمية بعد عودة العلاقات بين البلدين، والتقى خلالها المسؤولون الأمريكيون نظراءهم الكوبيين، لمناقشة الإجراءات العملية اللازمة لتطبيع العلاقات بين البلدين.
وفي منتصف آب/أغسطس الماضي زار وزير الخارجية الأمريكية جون كيري هافانا، وافتتح خلال الزيارة سفارة بلاده هناك، وأكد كيري في كلمة له بهذه المناسبة على أهمية عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
رسالة سياسية غير مباشرة
على الرغم من أن الأنظار جميعها تتجه نحو هذه الزيارة؛ باعتبارها خطوة أساسية على طريق إغلاق ملف العداء بين البلدين ورفع الحصار عن كوبا، يعتبر الشق السياسي في جدول اعمال الزيارة الكوبية، مثقلا (لقاء مع الرئيس راوول كاسترو، وآخر مع رجال أعمال كوبيين، وتوجيه خطاب الى الكوبيين في مسرح هافانا الكبير، ينقله التلفزيون الرسمي مباشرة على الهواء).
والجدير بالذكر، انه قبل ساعات من وصول اوباما الى هافانا، شهدت كوبا حدثا، قد ينظر اليه الرئيس الامريكي باعتباره رسالة سياسية غير مباشرة.
وهي تتمثل في اعتقال الشرطة الكوبية عشرات المحتجين المناهضين للحكم الشيوعي، حيث نظمت الاحتجاج مجموعة "نساء في الثياب البيضاء" التي أسستها زوجات سجناء سياسيين سابقين.
ويقول البيت الابيض ان اوباما سيناقش مسألة حقوق الانسان في كوبا، بينما تصر هافانا على ان السياسات الداخلية "غير قابلة للنقاش".
وكانت منظمات كوبية منشقة قد عبرت سابقا، عن أملها أن تساهم زيارة اوباما في "نهاية القمع" تجاه المعارضين، في اشارة، على ما يبدو، الى ما تعهد به الرئيس الاميركي، الاحد الماضي، في رسالة الى زوجات معتقلين سياسيين كوبيين سابقين، بأن يتمكنّ من الحديث مباشرة مع الرئيس الكوبي راوول كاسترو عن "العوائق" القائمة في كوبا أمام الممارسة الكاملة للحريات العامة.
وتنفي السلطات الكوبية وجود مساجين سياسيين في البلاد وتقول ان توقيف منشقين ناجم عن ارتكابهم جرائم جزائية.