أخبار الآن | الموصل – العراق – (وكالات)
شهدت مدينة الموصل شمال العراق التي يحتلها داعش ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية والأساسية، وأوضاعاً اقتصادية متردية، وليس رمضان السبب كما في باقي البلدان، بل إن الأوضاع العسكرية، واحتلال المدينة، وحصار الحكومة العراقية، إضافة إلى عدم الاستقرار على المعابر الحدودية بين تركيا وسوريا، والتي تؤثر في المدينة، كانت أبرز أسباب هذا الوضع المتردي.
ومع بدء رمضانها الثالث، تؤكد شهادات وأحاديث السكان من داخل الموصل أن الوضع الإنساني والاقتصادي صعب جداً هناك، فالحالة المعيشية السيئة لغالبية العوائل حرمهتم من اقتناء احتياجاتهم الأساسية من الطعام والدواء.
ويؤكد سكان من المدينة أن أسعار جميع المواد الغذائية تضاعفت ضعفين أو ثلاثة في الفترة الأخيرة، مع غياب القدرة الشرائية؛ بسبب الحصار الحكومي، وسياسات داعش في تضييق الخناق على الأهالي، الذي أدى إلى شلل السوق.
يقول حسن خليل، أحد السكان، لـ"الخليج أونلاين": "غابت الموائد العامرة والفاخرة عن وجبات الإفطار لأهالي الموصل، ومع أذان المغرب فإن الكثير من الناس يبحث عما يكسر به صيامه بأي نوع من الطعام، حتى لو كان الخبز والماء فقط".
ويضيف: "الوجبات الدسمة غائبة عن موائد غالبية أهالي الموصل، وكذلك الطبخ على الغاز أصبح ترفاً للكثير منهم، أما الحلويات والعصائر والفواكه فلا يتذوق طعمها غالبية أهالي الموصل وإن توفرت في الأسواق؛ لأنهم لا يملكون ثمنها".
وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير في الفترة الأخيرة بالموصل؛ بسبب إغلاق المعابر الحدودية بين تركيا وسوريا، كونها المنفذ الوحيد الذي تأتي منه البضائع إلى المدينة، حيث ترتبط الموصل بالعالم عبر طرق ترابية ووعرة إلى سوريا، ومن هناك إلى تركيا.
من اربيل قال الصحفي ياسر الحمداني لأخبار الآن: "المدينة تمر بحصار خانق من قبل تنظيم داعش الارهابي ومن قبل عناصر الحكومة، وتزامنا مع حلول شهر رمضان المبارك ارتفعت اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية بشكل كبير".
طريق الكاستيلو ينغص على الحلبيين فرحة رمضان
ويؤكد سكان من المدينة أن أسعار جميع المواد الغذائية تضاعفت ضعفين أو ثلاثة في الفترة الأخيرة، مع غياب القدرة الشرائية؛ بسبب الحصار الحكومي، وسياسات داعش في تضييق الخناق على الأهالي، الذي أدى إلى شلل السوق.
أما علي أسامة فتحدث قائلاً: "هناك عوائل كثيرة وجبة فطورها الخبز والخضروات الورقية فقط، حتى التمر واللبن غاب عنها بسبب الفاقة، والمحظوظ هو من يجد شيئاً على وجبة السحور لتناولها عدا الماء، ولا أبالغ إن قلت بأن هناك عوائل يكون طعامها الخبز فقط، وربما تنتظر من يقدم لها طعاماً حتى بعد مرور موعد الإفطار؛ لأنه لا يوجد أي نوع من الطعام في منزلها".
"العرقسوس والخرنوب" .. تجارة السوريين في رمضان تركيا
وأضاف: "هناك عوائل فضلت عدم الاشتراك بالمولدات الأهلية للكهرباء؛ في سبيل توفير المال لشراء الطعام، علماً أن الكهرباء الوطنية تأتي ساعتين في اليوم فقط، والكثير من أرباب العوائل تتجول في الأسواق بحثاً عن سلعة غذائية يتوافق سعرها مع ما يحمل في جيبه، علماً أن هناك عوائل دخلها دون الألف دينار في اليوم، بينما سعر كيلو الرز والعدس والتمر 2000 دينار".
وفرض داعش إجراءات قسرية على السكان أضرت بشكل كبير في السوق، فضلاً عن فرضه ضرائب متعددة الأوجه أثقلت كواهلهم، كما أن الكثير من تعليماته تسببت بغلق الكثير من الأعمال وموارد العيش، بحسب أسامة.
الحصار المفروض على الموصل من قبل الحكومة العراقية ضمن إجراءات الحرب الاقتصادية على داعش تقول الحكومة، أضر بالأهالي كثيراً، ويؤكد السكان أن ذلك ما هو إلا سياسة تجويع تُمارس ضدهم، في ظل قطعها لرواتب موظفي المدينة؛ بحجة أن التنظيم يستولي على جزء مها.
يقول ياسر فيصل، وهو رب أسرة كبيرة: "إن الحكومة العراقية تمارس بشكل فعلي سياسة التجويع بحق أهالي الموصل؛ من خلال قطع جميع الطرق المؤدية للمدينة، ومنع وصول أي شيء للسكان المحاصرين، حتى الطعام والدواء".
ويتابع: "بتنا على يقين أن أكذوبة الحرب الاقتصادية على داعش تستهدف بالأساس أهالي الموصل، حتى وصل الغالبية العظمى منهم إلى ما دون خط الفقر، ولم يعد بمقدورهم تدبير الاحتياجات الضرورية، يقابل ذلك شح في البضائع، وارتفاع في أسعارها".
ويوضح: "لم يتأثر داعش كثيراً بالحصار المفروض على الموصل قياساً بما تأثر الأهالي به من فقر وجوع وعوز، والمدينة ذات المليون ونصف إنسان (بعد نزوح عدد مماثل منذ سيطرة التنظيم) على أبواب مجاعة حقيقية".
ودخلت الموصل بتاريخ 10 يونيو/حزيران، عامها الثالث تحت احتلال داعش ، الذي فرض سيطرته عليها في التاريخ نفسه من العام 2014، بعد فرار فيالق الجيش العراقي من المدينة وتركها لإدارة التنظيم، الذي فرض قوانين جديدة على السكان لم تحظ بقبول معظمهم.
ومن بين ما أثّر في المدنيين في المدينة برمضان منع التنظيم للستلايت في المدينة قبل أكثر من شهر، إذ بث تسجيلاً قام فيه بتجميع آلاف اللواقط من بيوت الناس وأتلفها، بعد أن عممّ بيانات تمنع استخدامها، فيما شدد إجراءات الاشتراك في الإنترنت، وضيّق الخناق على المشتركين، ما جعل الكثيرين يتجنبون استخدامه خوفاً من أي عقوبة قد تُفرض.