أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (جمانة بشان)
يعود تأسيس هيروشيما إلى أواخر القرن السادس عشر الميلادي حين أقام أحد زعماء الفيوداليين قلعة عسكرية في المنطقة عند مصب نهر "أوتا"، وفي العقود اللاحقة ظل التطور العمراني والديمغرافي للقلعة محدودا جدا، ولم تعرف نهضتها العمرانية الأولى إلا في العهد المينجي (1860-1912).
وفي هذه الحقبة نهجت السلطات الإمبراطورية اليابانية سياسات تحديث واسعة النطاق، واعتمدت الانفتاح الاقتصادي والسياسي أسلوبا في التعاطي مع الجوار، وأحدثت قطيعة مع سياسة الانغلاق التي سادت اليابان طوال عشرة قرون وعُرفت بـ"سياسية ساكوكو"، رغم أنها مكنت من المحافظة على استقلال البلاد وإبقائها بعيدة عن الغزو الأجنبي.
ومع مطالع القرن العشرين، كانت هيروشيما أهم المراكز التجارية والاقتصادية والصناعية في اليابان وآسيا، وشكلت دعامة رئيسية في مخططات التحديث التي وضعتها السلطات الإمبراطورية لمنافسة القوى الاستعمارية الغربية، ومواجهة نفوذها المتسع في شرق آسيا.
وحين اندلعت الحرب العالمية الثانية، كان عدد سكان هيروشيما يُقدر بأكثر من 340 ألف نسمة، وكانت المدينة تعتبر أهم المراكز الصناعية والعسكرية في البلاد، وثانية الحواضر اليابانية الكبرى، وتوجد فيها أهم القواعد العسكرية والجزء الأهم من القاعدة الصناعية العسكرية للبلاد.
وإثر دخول اليابان الحرب؛ تمركزت قوات عسكرية كبيرة في المنطقة لتأمين الدفاع عن جنوبي البلاد، وحماية المجال الجوي من تقدم أساطيل الحلفاء القادمة من جنوبي المحيط الهادئ.
تقهقرت اليابان أمام قوات الحلفاء لا سيما بعد استسلام ألمانيا وهدوء الجبهة الأوروبية، فأصبحت هيروشيما قاعدة ارتكازها الأهم في دفاعها عن حوزتها الترابية أمام تقدم الحلفاء، فنُقلت إليها قيادة الجيش وتم تركيز القوات الجوية وأنظمة الدفاع الصاروخي حولها، هذا فضلا عن كون المدينة هي القلب النابض للاقتصاد الياباني والصناعة الحربية آنذاك.
وفي ضوء هذه المعطيات ومعها اعتبارات أخرى إستراتيجية وتكتيكية؛ وقع اختيار القيادة العسكرية الأميركية على هيروشيما لتكون هدف أول قنبلة ذرية تستخدمها الولايات المتحدة لحسم الحرب، وكسر عناد اليابان ودفعها إلى الاستسلام.
ففي 6 أغسطس/آب 1945 أُلقت طائرة حربية أميركية القنبلة الذرية "الطفل البدين" على المدينة، فأحدثت دمارا واسعا تمثل في سقوط 70 ألف قتيل على الفور، ودمار كلي في دائرة شعاعها 1.6 كيلومتر، كما دُمر أكثر من 70% من مباني المدينة جراء الانفجار النووي.
خضعت المدينة لبرنامج شامل لإعادة الإعمار مكنها من استعادة مكانتها، لكنه لم ينجح في إزالة آثار التلوث النووي الذي لا تزال آثاره ماثلة في شكل تشوهات خلقية للمواليد، وتسمم إشعاعي للغطاء النباتي والمياه الجوفية.
تضمنت مخططات إعادة الإعمار إقامة نصب تذكارية تعد من أهم معالم المدينة وتخلد هذه المأساة.
اقرأ ايضا: