أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة
داعش مهتز بسبب مناظرة التكفير المحتدمة بينما داعش يهلك في أرض معاركه في سوريا والعراق، فهو متورط في إنقسام أيديولوجي متشعب يمكن أن يترتب عليه عواقب واسعة النطاق في عالم المتطرفين العنيف. هذه المعركة الأيديولوجية هي بشأن التكفير هي ركيزة أساسية لداعش و المنظمات المتطرفة الأخرى. الحرب الايديولوجية في داخل داعش وصلت الى مستوى خطير جدا بحيث أن اللجنة المفوضة القوية تبدو وكأنها تحاول عكس قرارها الأصلي بشأن توسيع نطاق استخدام التكفير
أهمية التكفير:
الخلاف التكفيري ضمن دائرة الجهاد لا يتعلق بالأيديولوجية فقط، فهم يستعملون هذا المفهوم ليقرروا من الذي يمكن قتله. المنظمات الجهادية أيضاً تحاول أن تكون متسقة ذاتياً في المنطق الخاص بها، لأنها تريد أن تكون لها القدرة على إقناع أفرادها ومؤيديها والمنضمين الجدد لها.
على سبيل المثال تنظيم القاعدة يكفر أشخاصاً بشكل فردي فقط ولأسبابه الخاصة، و لا يتهم شعوباً وأمماً كاملة بالكفر.
يقول داعش بأن موقف القاعدة من التكفير لين وبأنها تدعي بأن لديها موقف وسطي بشأن هذه القضية، ولا تأخذ هذا الموضوع بعيداً أو بشكل عميق مثل باقي التفسيرات المتشددة، حتى الآن على الأقل.
على سبيل المثال، معظم المتشددين يقولون بأنه حتى لو لم يقع الشخص في الكفر، ولكنه لا يندد أو يستنكر الكفار، فينبغي أن يكون هذا الشخص هدفاً للتكفير أيضاً. ويقولون إذا أصبحت الأمة في (دار حرب)، يمكن أن يتم تطبيق التكفير على المسلمين في هذا المكان.
المزيد من المتطرفين يسيطرون على هذه المناظرة:
وفي هذه القضية الخطيرة والمميتة، بحث المكتب المركزي للرقابة الشرعية في داعش هذه المسألة قبل أكثر من عام، وقرر أن التكفير لا يمكن تطبيقه على أولئك الذين لم يقعوا في الكفر.
لكن تدخل المكتب المركزي لم يكن كافيا لتهدئة هذا النزاع، ولهذا السبب، تدخل البغدادي بشكل مباشر، ويبدو أن المسألة قد أحيلت إلى اللجنة المفوضة، والتي كان لها درجات أعلى من السلطة، وتأتي بعد البغدادي مباشرة. في شهر أبريل من هذا العام، أصدر البغدادي مذكرة إعطاء صلاحيات غير محدودة عمليا لهذه اللجنة لحل هذه القضية.
وبعد ذلك، أصدرت اللجنة مذكرة في شهر مايو تذهب أبعد من ذلك بكثير. وفقاً لهذه المذكرة، فإن التكفير هو عنصر أساسي في أيديولوجية داعش، فهو أكثر أهمية من بعض الإلتزامات مثل الصلاة، وحتى أنه من الممكن تطبيق مبدأ التكفير على جميع المواطنين في البلدان الإسلامية!
لم تتوقف اللجنة المفوضة عند ذلك، فقد أعلنت عن سحب الكتب المرجعية لداعش بحيث يمكن تكييفها مع الموقف الجديد الأكثر صرامة.
داعش يريد أيضاً أن يستخدم هذه المناظرة لكي ينأى بنفسه عن القاعدة. في مقال نشر في العدد الأخير من مجلة "النبأ" الأسبوعية التابعة لداعش، تم تطبيق التكفير على القيادي في القاعدة "عطية الليبي" الميت، حيث تمت الإشارة إليه "بإمام الفتنة". من الواضح أن داعش يريد إظهار بأنه يستطيع تطبيق التكفير على أسماء رائدة في تنظيم القاعدة.
ومع ذلك، اعترض مؤيدو وكبار الشرعيين في داعش بشدة على هذا التغيير.
الشرعيون في ثورة مفتوحة:
جاء الإعتراض الأكبر والأكثر أهمية من أحد أكبر أئمة داعش، وهو الإمام تركي البنعلي. وفي رسالة موجهة إلى اللجنة المفوضة، اعترض البنعلي بشدة على مذكرة اللجنة. كان البنعلي من كبار الأئمة في داعش في ذلك الوقت، حيث كان يعتبر رأيه هو الرأي العام لفتوى داعش. وبرغم أن البنعلي قد قتل بعد ذلك بفترة وجيزة، إلا أن الضرر كان قد لحق بمعسكر البغدادي.
كانت بعض اعتراضات البنعلي على النحو التالي:
ما هي الذروة؟ لماذا لم يتم استشارة خبراء حقيقيين؟ لماذا تحاول الهيئة العليا، أي اللجنة المستخدمة لهذا الغرض، أن تجعل من الصعب جداً أن تصحح أخطاءها؟ كيف يمكن لمثل هذه المذكرة أن تحتوي على تناقضات؟
وعارض البنعلي بشكل خاص تطبيق التكفير على الأفراد الذين لا يقعون في الكفر أنفسهم ولكنهم فشلوا في تطبيق التكفير على الآخرين. وقال البنعلي إن هذا النوع من المنطق سيؤدي إلى سلسلة تكفير لا نهاية لها.
وقال شرعي أخر في داعش وهو أبو عبد البار الصالحي أن مذكرة اللجنة تتعارض مع نفسها، وهي مليئة بالأخطاء والمغالطات، وقال أن المذكرة ستحول العديد من الزعماء الجهاديين بمن فيهم الزرقاوي وأبو محمد العدناني وحتى البغدادي نفسه إلى أهداف مشروعة للتكفير.
لم تأخذ قيادة داعش هذه التعليقات على محمل الجد، ووضعوا الصالحي في سجن الأمن الداخلي حيث قتل في غارة جوية.
ما هو موقف البغدادي الفعلي؟
يعتقد بعض مؤيدي داعش الذين أعربوا عن رأيهم على الإنترنت أن بعض المتطرفين اخترقوا اللجنة المفوضة ووسائل الإعلام التابعة لتنظيم داعش.
وقد استجابت وسائل الإعلام في داعش لهذه الانتقادات من خلال وصفها هؤلاء النقاد بأنهم "خونة".
في الماضي، كان الأشخاص التابعين للبغدادي يخشون العناصر المتطرفين جداً، وكانوا يقومون بالقضاء عليهم في كل فرصة. لذلك، نجد من الغريب كيف أن المزيد من المتطرفين هم الذين يصدرون الأوامر ويسيطرون على أيديولوجية داعش.
وفي 15 سبتمبر كان هناك شائعات بأن اللجنة المفوضة أصدرت مذكرة أخرى، والتي بدورها تحل محل المذكرة الأصلية. هذا لا يضيف إلى داعش سوى الشعور بالارتباك والتخبط.
البغدادي نفسه لم يصرح بموقفه في هذه الحرب الأيديولوجية الداخلية، كما فشل في تعيين مستشار شرعي جديد لمجموعته حتى يمكنه الإسناد إليه. أيا كان الجانب الفائز في هذه المناظرة الأيديولوجية، فإن البغدادي وداعش وضعا نفسيهما في مكان الخاسر.
اقرأ ايضا: