أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (الإندبندنت)
لا تنتهي قصص مسلمي أقلية “الإيغور”، الذين يكابدون الإضطهاد في إقليم شينجيانغ الصيني. “المأساة” كبرى، والقمع مستمر. في كلّ قصة رسالة موجعة أكثر، وصرخة للعالم عنوانها الأول والأبرز: “أنقذونا”.
في هذه المرّة، قصة جديدة يرويها “عيسى”، المسلم الإيغوري الذي نجا من قمع أجهزة الأمن الصينية، بعدما حاولت تجنيده للعمل كـ”جاسوس” في منطقته. أقلّ ما قاله “عيسى” أن “حياته تحوّلت إلى جحيم خلال 3 سنوات”.
اليوم، يعيشُ “عيسى” في تركيا مع عائلته، بعدما هرَب من الصين. يبحث الرجل البالغ من العمر 36 عاماً على حياة جديدة لنفسه ولعائلته، ساعياً نحو ملاذٍ آمن له في بلدٍ فيه دينٌ مشابهٌ لدينه (الدين الإسلامي).
ورغم ذلك، فإنّ “عيسى” لا ينسى معاناته. يقول لصحيفة “الإندبندنت” البريطانية أنّه “ما زال يتلقى رسائل على هاتفه عبر أقربائه، من مسؤول الأمن الذي احتجزه هناك، والذي ضغط عليه للعمل كجاسوس لصالح الأمن الصيني”. ويضيف: “لا أنسى حينما رماني هذا المسؤول أمام الذئاب، عندما علم أني لم أخدمهم ولم ألبِّ طلباتهم”.
ويردف “عيسى”: “في 23 تشرين الأول عام 2015، تواصل معي جهاز الأمن الصيني، وذلك بعد عودتي مع عائلتي من رحلة إلى تركيا. لدى وصولي إلى مطار أورومتشي ديوبو الدولي، قاموا باعتقالي ووضعوا الأصفاد في يدي، وجرى نقلي إلى قاعدة عسكرية حيث تمّ احتجازي ليومين. وبعدها، تمّ نقلي إلى أحد المعسكرات التابعة لشركة شينجيانغ للإنتاج لمدة ستة 6 أسابيع”.
في حديثه، أشار “عيسى” إلى أنه وخلال “التحقيقات التي خضع لها، وجه الأمن الصيني اتهامات له بالإتصال بمجموعات إنفصالية أثناء تواجده في تركيا وماليزيا”، ويقول: “لقد سافرت إلى الخارج لشراء الصابون والتوابل والأعشاب وغيرها من الحاجيات لمتجري”، موضحاً أنّ “المسؤول الصيني لم يعذبه، بل حاول استدراجه بطريقة أخرى”.
وقال: “لقد أخبرني هذا المسؤول أنه يعلم ببراءتي، لكنه قال لي أن الأمن الصيني يحتاج إلى شخصٍ ما للعمل معهم”. وأضاف “عيسى”: “قال لي المسؤول أيضاَ أنه إذا كنت أرغب في الاستمرار بعملي والسفر إلى الخارج بدون أي قيود، فيجب أن أعمل لصالحهم كجاسوس على أشخاصٍ آخرين من الإيغور”.
يشير “عيسى” إلى أنه “وافق على التجسس، وذلك من أجل استرداد جواز سفره فقط، كي يتمكّن من مواصلة السفر إلى تركيا للعمل”، وقال: “لم أكن أعرف الكثير من الإيغور في الخارج، ولم أكن على دراية بأي أعمال أو أنشطة تتعلق بالجماعات الإنفصالية”.
وفي العام 2017، عادت السلطات الصينية واعتلقت “عيسى” بعد عودته من تركيا. قام المسؤول الأمني بالإفراج عنه. وفي 18 آذار 2017، قامت السلطات الصينية باعتقاله مرة أخرى واقتيد إلى المعتقل، كما تمّ إلقاء القبض على أقاربه. يقول “عيسى”: “هذه المرة كانت الظروف أكثر قساوة وقذارة. تم إخضاعي لإستجواب شديد، واتهموني بالفشل في التوصل إلى أي معلومات استخباراتية في الخارج”. ويضيف: “بعد ذلك، أطلق المسؤول الأمني سراحي من جديد، وأمرني بالمشاركة في ورشة عمل حول إعادة التثقيف، وشدّد على ضرورة جمع معلومات استخباراتية في المرة القادمة من الخارج. عندها، غادرت إلى تركيا في حزيران 2017 ولم أعد إلى الصين منذ ذاك الحين”.
(عيسى)
“قصة أيوب”: اعتدوا عليّ جنسياً
هي قصة أخرى لإيغوري ذاق مرّ القمع والتعذيب. إنها قصة “عبدولي أيوب” الذي عاد إلى الصين بعد دراسته علم اللسانيات في جامعة كنساس الأمريكية بمنحة من مؤسسة “فورد”. بعد عودته، افتتح أيوب مدرسة صغيرة لتعليم الأطفال اللغات الإنكليزية والصينية والإيغورية. فعلياً، فقد أصبحت مدرسة أيوب تشهد إقبالاً للعديد من العائلات الذين يريدون تعليم أطفالهم. إلاّ أنّ الأصداء الإيجابية لهذه المدرسة وصلت إلى السلطات الصينية التي شكّكت في أيوب ومشروعه. وعليه، فقد أنذرت السلطات أيوب بإغلاق مدرسته، وفي العام 2013 اعتقلته عندما رفض ذلك.
في سياق كلامه، يروي أيوب معاناته قائلاً: “أمضيت 15 شهراً في السجن. كنتُ عرضةً للتعذيب والإعتداء الجنسي. نعم، حياتي كانت مليئة بالإذلال والعذاب”.
ويتابع: “منذ الساعة 8 صباحاً وحتى الساعة 6 مساءً، كنت أخضع للإستجواب في غرفة التحقيق. لقد تعرضت في غرفة التعذيب للضرب المُبرح، حتى أنني تعرضت لإعتداءات جنسية. لقد هاجموني جنسياً”.
يشير أيوب الذي يعمل كمرشد اجتماعي للإيغور في تركيا إلى أنه “تواصَل مرات عديدة مع إيغوريين آخرين كانوا تعرضوا لانتهاكات من قبل الأمن الصيني، حتى في الخارج”.
ويضيف: “لقد هددوني بوالديَّ. حينها، أجبروا والديّ على الإتصال بي عبر الفيديو، وطلبوا مني أن أعمل مع السلطات الصينية من أجل والديّ، وإلاّ سوف يتم وضعهما في السجن”.
قصة عبد الرحمن محمد
من “عيسى” إلى “عبدولي” فـ”عبد الرحمن”، والقصص تتوالى. إنه الإيغوري الذي واجه معاناة أيضاً. يبلغ عبدالرحمن الآن من العمر 40 عاماً، ويعمل كطباخٍ، وهو من مدينة هوتان شينان. فرّ من الصين إلى اسطنبول في تركيا أواخر العام 2016، بعدما قضى 7 أسابيع في معسكر لإعادة التأهيل.
يقول محمد: “لقد اعتقلت السلطات إخوتي. أرادت أن تتحكم بنا، وفرض الأفكار علينا”. ويتابع: “مكثنا في معسكر إعادة التأهيل لـ7 أسابيع. كنا نستقيظ في الصباح الباكر، نضظر للركض مدة ساعة، ثم نتناول فطورنا. وبعدها نذهب إلى الصف للدراسة 4 ساعات قبل الظهر، و4 ساعات بعد الظهر حتى الساعة 10 مساءً”.
ويضيف: “إن نقاط التفتيش تجعل الحياة لا تطاق حتى خارج المخيمات. لقد زرعت السلطات الصينية مكبرات صوتية على أعمدة الإنارة، لتطلق من خلالها دروس التلقين في القرى والأحياء”. ويختم: “عندما تسمع الصوت من مكبرات الصوت، عليك أن تعرف أن وقت الإجتماعات قد حان”.
(عبد الرحمن)
مصدر الصورة: milligazete.com.tr
للمزيد: