أخبار الآن | سوريا – (تحليل)
في سوريا، يواجه قادة حراس الدين فرع تنظيم القاعدة ضغوطا من جميع الأطراف. ضغط شديد من “ناقض البيعة” أبو محمد الجولاني ومجموعته هيئة تحرير الشام، فتحرير الشام ترى أن أفراد حراس الدين متطرفين ويمثلون تهديدًا لبقائها في إدلب.
من جانب آخر، يواجه حراس الدين ضغوطات من كبار قادة القاعدة كأيمن الظواهري، الذين يحاولون إدارة كل الأمور من الخارج ويستمرون في تقديم توجيهات عقائدية مثالية بعيدة عن الواقع.
حراس الدين تشهد صراعًا داخليًا لم يسبق له مثيل، ولا يزال قائدها الصوري أبو همام الشامي يفشل فشلاً ذريعاً في قيادة الجماعة. ليس واضحاً إلى أي مدى يتم تقاسم هذا الفشل مع القادة الآخرين في تنظيم القاعدة في سوريا ،خالد العاروري (أبو القسام) وخلاد الأردني.
الفساد في المقدمة
في الآونة الأخيرة، تمت محاكمة قائد حراس الدين أبو همام وأحد أصدقائه من قبل ما يسمى بفريقهم الشرعي. ما هي التهمة؟
“ابو همام ومسؤوله الشرعي البارز سامي العريدي متهمان بتكفير أعضاء أجانب، ولا سيما المغاربيون أبو ذر المصري وأبو يحيى الجزائري دون سبب وجيه، و لتحقيق مصالحهم الشخصية الأنانية فقط”.
معاملة أبو همام للأفراد من شمال إفريقيا تسببت ليس فقط في تمردهم، بل أيضاً في تمرد الافراد الأجانب الآخرين في القاعدة في سوريا. لنتوقف للحظة ونلخص هذا: لقد قام تنظيم القاعدة في سوريا بمحاكمة قائده بسبب الفساد!
كيف تم تسريب ذلك؟ لقد تسرب ذلك عندما جعل أبو همام القاضي يبكي
لفهم مستوى التوتر بين صفوف حراس الظواهري، القاعدة في سوريا، نحتاج للاستماع إلى 5 دقائق فقط الى الصوت العصبي عن من يسمى “قاضي” الحراس، وهو رجل يدعى أبو عمرو التونسي. لقد تم مشاهدة ذلك على تلغرام في نهاية يونيو.
التونسي، هذا الرجل الذي لم يسمع به من قبل انتقد أبو همام في تلك الرسالة الصوتية، متهماً إياه بالنفاق الصارخ.
علاوة على ذلك، قال التونسي “إن هناك أكثر من 300 عضو من حراس الدين تقدموا بشكوى ضد أبو همام والعريدي، مطالبين بالعدالة بسبب معاملتهم الظالمة لأبي ذر وأبو يحيى”.
على ما يبدو، لم يستجب أبو همام والعريدي لدعوة قاضي الحراس. لهذا السبب اتهم “القاضي” التونسي في حراس الدين همام والعريدي أكبر قياديين في الجماعة، “اتهمهما بالتصرف كما لو كانا فوق القانون لرفضهما المثول أمام القاضي”، وجعل القاضي يبكي في رسالته الصوتية بتاريخ 22 شوال ، والتي نشرتها مؤسسة بيان.
لقد صدر التسجيل هذا في 26 يونيو. لماذا كان “القاضي الحراس أبو عمرو التونسي متوترا جدا في هذا الفيديو”. هل كان يشعر بقرب النهاية؟ هل شعر أنه سيتم القضاء عليه؟
لقد عارض هكذا، من خلال البكاء والتسول من أبو همام، ثم قُتل التونسي بعد فترة وجيزة.
المنشقون يتم قتلهم. تصادف أم توافق؟
في الوقت الذي اتهم فيه أكبر اثنين من كبار قادة القاعدة في سوريا بالفساد، اندلعت هذه الأزمة الثانية. وهذه كانت أزمة أكبر.
تم استهداف اثنين من كبار السن في القاعدة الذين عارضوا أبو همام والعريدي “فجأة” في الغارات الجوية.
في غضون أسبوع واحد من معارضتهم لأبو همام والعريدي، تم قتل أبو ذر المصري وأبو يحيى الجزائري. بالطبع، هز هذا الأمر أعضاء القاعدة في سوريا لأنهم اعتقدوا أن هذا مجرد صدفة.
من المرجح أن يكون “توافق” إذا تذكرنا أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها قتل كبار قادة الحراس.
إذ إنه في فبراير عام 2017، كان دور أبو خير المصري، وفي ديسمبر 2018، قُتل أبو جليبيب الأردني في ظروف مشبوهة مماثلة.
إنه من الغباء عدم ملاحظة كيف تقوم القاعدة في سوريا بالتهام نفسها.
اسمعوا و أطيعوا، ثم موتوا
مبدأ السمع و الطاعة هو المبدأ الذي تقوم عليه المجموعات الجهادية. وعملياً يعني ذلك إظهار الطاعة الكاملة للأمير الذي تبايعه. و لهذا السبب لا يتردد تنظيما داعش و القاعدة في قتل أعضائهما الذين يعبرون عن معارضتهم. فهذه هي طريقة عملهما. ومع ذلك، فإن الطريقة التي ترتكب بها جرائم القتل الداخلية من قبل القاعدة في سوريا وعدوها المزيف هيئة تحرير الشام أمر يبعث على الحيرة. فإنه يوضح مدى اليأس الذي أصبح عليه كل من حراس القاعدة في سوريا و هيئة تحرير الشام.
عمليات تصفية الأشخاص المهمين جميعها تتبع نفس النمط: حيث يقوم شخص بارز بإبداء معارضته، وعندها يفقد شعبيته عند القيادة، و في غضون أسابيع تتم الوشاية عن مكانه و يتم قتله.
و في الوقت نفسه، يظل كبار القادة مثل الجولاني وأبو همام والعريدي وغيرهم بمنأى عن الأذى.
عرض الدمى المتهالك الخاص بالظواهري
هل هذا تصادف؟ هذا غير محتمل، إلا إذا كنت عضواً قليل الذكاء في تنظيم القاعدة في سوريا أو جماعة الجولاني وتتابع بغباء عرض “كراكوز وعيواظ” السيء والقاتل الخاص بالظواهري بينما تنتظر أن تتم تصفيتك.
عدم طرح الأسئلة البديهية لن ينقذ ما تبقى من مقاتلي القاعدة
إذا، ما الذي حدث بالضبط هنا؟
هل تآمر أبو همام والجولاني لقتل أبو ذر والجزائري؟
ومن الذي قتل أبو الخير، الرجل الذي عرف أسرار جبهة النصرة المثيرة للجدل والتي إنفصلت عن القاعدة و مزقتها في جميع أنحاء العالم؟
من الذي قتل أبو جليبيب الذي كان أحد أخطر الإرهابيين في سوريا والذي صادف أنه أحد أشد المعارضين للجولاني؟
أي محاولة للإجابة على هذه الأسئلة باستخدام المنطق ستوجه أصابع الاتهام إلى أبو همام والجولاني. فهؤلاء هم الشخصان الأكثر استفادة من عمليات التصفية هذه، فضلاً عن كونهما الشخصان اللذان يمتلكان الوسائل والدوافع للقيام بهذه التصفيات.
نعم يمكنهما القيام بذلك بسهولة. فهما لا يحتاجان إلى رسم الهدف بشكل واضح والكشف عنه. على سبيل المثال، من خلال “العبث” في البروتوكولات الأمنية قليلاً فقط، يمكن لأشخاص مثل أبو همام والجولاني تسهيل العثور على أعدائهما الداخليين والقضاء عليهم.
تنظيم القاعدة في سوريا غير مبالٍ في عمليات التطهير كما هو غير مبالٍ في عمليات التصفية. كانت الخطوات التي اتخذها بعد عمليات التصفية هذه متوقعة بالكامل وأضافت أدلة على ذنبهما في تلك التصفيات.
ماذا تفعل جماعة إرهابية بعد قتل أعدائها الداخليين؟ عندها تريد أن يصمت الجميع وأن لا يسألوا أي شيء. و هذا ما حصل فعلاً. حيث أصدر قادة القاعدة في سوريا مرسوما يأمر أعضاء التنظيم بالامتناع عن طرح الأسئلة عن الأحداث.
ابلاغ الناس بالتوقف عن طرح الأسئلة هو أسلوب لغسل الدماغ الذي تستخدمه الجماعات المسلحة. فإنهم يجندون شباباً سريعي التأثر، ويمنعونهم عن الكلام والتفكير بشكل مستقل من أجل السيطرة عليهم سيطرة مطلقة. وبعد ذلك، يأمر القادة المقاتلين العاديين بعمل الأفعال الشنيعة، وعندما يرفضون، يتم التخلص منهم بسرعة.
ولكن هل ينجح ذلك ؟ لا، ليس على المدى الطويل. لمعرفة السبب، يكفي ان تنظر الى حراس الظواهري في سوريا، فهم منقسمون، يقومون بتصفية بعضهم البعض، و حتى يتهمون قادتهم بالفساد. إنه أداء سيء، ولكن بعد كل شيء، هذا ما يمكن أن نتوقعه من قيادة الظواهري…
جماعة حراس الدين ليست قادرة على حماية أي شيء، حتى نفسها. أعضاء حراس الدين المهاجرين هم عرضة بشكل خاص لعمليات التصفية في المستقبل. حراس الدين في طريقها إلى الهاوية. وعند سقوطها، سوف تسقط معها هيئة تحرير الشام وتنظيم القاعدة في جميع أنحاء العالم.
كشف الدكتور حسن أبو هنية الخبير في الجماعات المتشددة في مقابلة خاصة لأخبار الآن عن آخر الخلافات التي تخللت تنظيم حراس الدين في الداخل السوري وهو فرع تابع لتنظيم القاعدة بقيادة “أبومحمد الجولاني” الذي أعلن مبايعته لزعيم القاعدة أيمن الظواهري.
وقال أبوهنية إن الخلاف الأيدويوجي كان واضحاً بين التنظيمين فحراس الدين هو تنظيم أكثر تشدداً ، إضافة إلى مشاكل أخرى متعلقة بالحقوق والمصالح المادية وأماكن النفوذ.
من جانبها طالبت القيادة المركزية لتنظيم القاعدة بإعادة تشكيل هيكل تنظيمي وعولمة الحركة وتنفيذ ارتباطات خارجية ليست داخلية وحسب ، وهذا ما أدى إلى حدوث الانقسامات الأخيرة.
وتحدث أبو هنية بشكل خاص عن دور الظواهري وبأنه محدود للغاية ، حيث كان هناك عدة وساطات قدمت من الظواهري أو نصائح وكذلك محاولة لتقديم حلول للتحكيم شارك فيها جهاديون عالميون امثال أبو محمد المقدسي وغيره ولكنها لم تكلل بالنجاح ، فالظواهري لم يعد ممسكاً بزمام الامور كما كان في السابق وهو الآن غير قادر على إدارة الخلاف الداخلي للتنظيم ، وهذه القرارت لا تتم بالعودة إلى قيادة التنظيم خصوصاً حادثة انشقاق أكثر من 300 شخص عن التنظيم ، مع وجود اتهامات عدة لأبوهمام الشامي والعريدي وغيرهم بأنهم أصبحوا متهاونين أو متساهلين في تطبيق هذه الأيدولوجيا خصوصاً في التكتيكات العسكرية التي يريدون منهم تغييرها إلى اتباع نهج حرب العصابات وليس الاشتراك في أمور تقليدية ، فهذا يظهر بأن الظواهري عاجز عن إدارة الخلافات الحاصلة في داخل جميع فروع القاعدة أينما كانت .
المزيد:
هل يمسك أيمن الظواهري بزمام القاعدة في سوريا؟