أخبار الآن | بغداد- العراق (بيانات تحليلية- نسمة الحاج)
لم يكن قاسم سليماني، القائد العسكري الإيراني وزعيم فيلق القدس التابع لميليشيا الحرس الثوري الذي قتل في الساعات الأولى من صباح اليوم في غارة أمريكية استهدفته في مطار بغداد، مجرد جنرالٍ أو قائد عسكري، بل كان ذراع إيران في الشرق الأوسط، وتسبب عبر فيلق القدس، الفصيل التابع للحرس الثوري الإيراني، في زعزعة استقرار المنطقة لسنين عديدة، حيث شارك فيلق القدس، الذي يعمل بقيادة سليماني، وتحت إمرة المرشد الأعلى علي خامنئي، في العديد من المعارك والحروب منذ أن تم تأسيسه في تسعينيات القرن الماضي، وعمل على مر السنين على تعزيز النفوذ الإيراني على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، للتلاعب والتحكم بسياسات المنطقة لصالح طهران، خاصة في العراق وسوريا ولبنان.
قُتل شبح إيران ورجل مهماتها السرية.. #قاسم_سليماني
تفاصيل عملية استهدافه، وكيف طالته القذائف الأميركية؟ ومن هو ؟ ⬇
إعداد: #محمد_سويلم pic.twitter.com/Ysz0EwcLao
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) January 3, 2020
دور فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني في أزمات المنطقة السياسية: تاريخ ملطخ بدماء المدنيين الأبرياء
يعتبر فيلق القدس، بقيادة قاسم سليماني -سابقاً-، فصيل من فصائل الحرس الثوري الذي تم تأسيسه على إثر الثورة الإيرانية في عام 1979 بهدف حماية نظام آية الله الخميني وتصدير الثورة الخمينية إلى العالم، وفي عام 1990، تم تأسيس فيلق القدس، وتمتع منذ تأسيسه بنفوذ عسكري وسياسي ودبلوماسي واقتصادي وشعبي واسع، حتى أصبح بمثابة الذراع المسلح لإيران في الخارج، وأصبح متواجداً في الخطوط الأولى في معظم العمليات العسكرية الإيرانية في المنطقة، مما أفسح المجال لقائده قاسم سليماني لبناء شبكة علاقات واسعة في المنطقة تمتد من اليمن إلى سوريا ولبنان والعراق وغيرها من الدول، لبسط النفوذ الإيراني في المنطقة.
#الحرس_الثوري _الإيراني .. شر القبضة الإيرانية في المنطقة#خامنئي_يفرق_الإيرانيين #حزب_الله #ميليشيا_الحوثي
#العراقيون_يقاومون_النهب_الإيرانيhttps://t.co/EZ76XEaaDl— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) November 20, 2019
أما عن نفوذ الحرس الثوري وفيلق القدس داخل الحدود الإيرانية، فقد أكد محللون أن الحرس الثوري يسيطر على حوالي ثلث الاقتصاد الإيراني، ويعتبر ثالث أغنى مؤسسة في إيران بعد مؤسسة النفط الإيرانية ووقف الإمام رضا، ذلك بجانب المقاعد التي يشغلها أعضاؤه الحاليون والسابقون في البرلمان الإيراني.
لذا فقد أتاح النفوذ الداخلي والخارجي لسليماني وللحرس الثوري المجال لفيلق القدس ليكون قائداً ومنفذاً لآلاف العمليات العسكرية الإرهابية التي نفذها جنوده بشكل مباشر. إضافة إلى ذلك العمليات الإرهابية التي باشرت بها جماعات وميليشيات إرهابية أخرى تلقى دعماً وتمويلاً مباشراً منه ومن قائده، من بينها الهجمات الإرهابية واسعة النطاق التي سعت إلى استهداف السنة وتقويض الأنظمة السنية في المنطقة.
وفي هذا السياق، استخدم سليماني، نفوذ الحرس الثوري وفيلق القدس، الاقتصادي، لتمويل الإرهاب ودعم الأنظمة والجماعات الموالية له، فعلى سبيل المثال، سخر سليماني المجال الجوي العراقي لتهريب الأسلحة من إيران على سوريا عبر العراق، لدعم نظام الأسد بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية السورية في عام 2011. ويذكر أن سليماني عمل على تعزيز نفوذه ونفوذ الحرس الثوري الاقتصادي من خلال استغلال العديد من الشركات “كواجهة وغطاء” لمنح نشاطاته الشرعية اللازمة لتجنب المساءلة القانونية، بالإضافة إلى المؤسسات الخيرية والمراكز الثقافية والتعليمية، ومراكز اتصال تعمل تحت إمرته داخل المواقع الدينية المقدسة، لاستهداف وتجنيد المزيد من العناصر لميليشياته.
د.فهد الشليمي: هذه هي حقيقة #الحرس_الثوري_الإيراني #إيران@Fahd_Alshelaimi pic.twitter.com/LNAWjDlap7
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) January 14, 2019
وعلى صعيد آخر، يمتلك فيلق القدس شبكة واسعة لتهريب الأسلحة عبر الحدود، من خلال عناصر الميليشيات المتمردة التي يقوم بدعمها وتمويلها والمتمركزة في دول عديدة من بينها السنغال وغامبيا ونيجيريا واليمن والصومال وأفغانستان وغيرهم، ويشير محللون إلى أنها تعتبر أحد مصادر حزب الله اللبناني الأساسية لحيازة أسلحة عسكرية، حيث تشمل عمليات التهريب جميع أنواع الاسلحة من الأسلحة الخفيفة إلى الصواريخ.
ولا يغفل دور سليماني في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي في كل من العراق وسوريا، إلا أن النفوذ الذي حصل عليه بمباركة من الحكومة السورية والعراقية بذريعة “محاربة داعش”، منحه الفرصة لفرض سيطرته الواسعة على المنطقة والتي استمرت حتى بعد هزيمة التنظيم الإرهابي، وسُخرت لتحقيق مصالح طهران، مثل حرية القوات العسكرية في الوصول والعبور عن طريق البحر الأبيض المتوسط، وتسخير الطرق البرية لتزويد ميليشيا حزب الله بالسلاح، واستخدام الأراضي العراقية والسورية كقواعد عسكرية لشن هجمات إرهابية أخرى على المنطقة.
ويذكر أن سليماني سعى إلى تعزيز وزيادة أعداد المقاتلين في الميليشيات الموالية له من خلال تجنيد عناصر أخرى، ومن ثم يتم توجيه هذه الميليشيات للمشاركة في الهجمات الكبرى، بهدف تجنب الخسائر البشرية الكبرى بين صفوف جنود فيلق القدس لتجنب لفت انتباه الرأي العام، ولحشد أكبر عدد من الأفراد الخاضعين لسيطرة الأيدولوجية الخمينية لدعمه في المواجهات الكبرى مع خصوم إيران.
سمير تقي: انتهت مرحلة اللاعقاب ضد #إيران #قاسم_سليماني #العراق https://t.co/wVjQ7Af3T4 pic.twitter.com/STZxKme4Fr
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) January 3, 2020
- أدوار رئيسية لعبها سليماني في العراق:
يمثل فيلق القدس، الوجه المصدر للنفوذ الإيراني في العراق، والذي لعب دوراً مهماً في تشكيل التاريخ العراقي، وزعزعة استقرار البلاد لتصل إلى ما هي عليه اليوم، فمنذ حرب الخليج الأولى أو “الحرب العراقية الإيرانية” التي دامت لثمان سنوات واعتبرها المؤرخون أحد أكثر الصراعات العسكرية دموياً، لعب سليماني دوراً كبيراً في قيادة الحرب العراقية الإيرانية عندما كان على رأس “فيلق 41 ثار الله”، ونهاية بالقمع الذي لاقاه المحتجون في التظاهرات الشعبية الأخيرة التي أسفرت عن مقتل مئات العراقيين.
فمنذ بدء الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة السياسية الحالية، تردد سليماني مرات عديدة على العراق، وشارك جنوده بأوامر منه في مواجهة وقمع المظاهرات، حيث قام جنوده وجنود الحرس الثوري بصحبة ميليشيات شيعية عراقية موالية لإيران وأخرى تابعة للحشد الشعبي، بتشكيل خلية عسكرية كبرى تهدف إلى التصدي للتظاهرات وقمع المحتجين بقتلهم واختطافهم واعتقالهم وتعذيبهم وبكل السبل الأخرى الممكنة، وجاء ذلك على إثر نفوذ سليماني والنظام الإيراني بشكل عام في العراق، إضافة إلى “الشرعية” التي تستمدها الفصائل الأخرى من تبعيتها للحشد الشعبي كقوة عراقية نظامية.
ردود فعل من #العراق بعد قتل قائد فيلق القدس #قاسم_سليماني
إعداد: #محمد_قدري
المصدر : رويترزhttps://t.co/MEaobu1X7D pic.twitter.com/Kovy0HivD6— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) January 3, 2020
وعلى صعيد آخر، ساهم سليماني، بشكل كبير، في تصفية كوادر السنة عبر تشكيل فيلق بدر وجيش المهدي التابع لمقتدى الصدر، ودعم ميليشيات شيعية أخرى متطرفة قامت بارتكاب فظائع مروعة ضد السنة بما في ذلك عمليات تطهير طائفي نفذت في العراق وسوريا، كما أكدت العديد من التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان.
- دور سليماني الدموي في دعم نظام الأسد منذ 2011:
منذ اندلاع الاحتجاجات السورية في عام 2011، وقف سليماني بقواته وبنفوذه، جنباً إلى جنب، مع صفوف النظام السوري، وبدأ يسافر إلى سوريا بشكل دوري، وكشفت الاستخبارات الأمريكية أنه كان “يدير المعركة بنفسه”، وأنه كان عاملاً رئيسياً في بقاء الأسد في السلطة حتى يومنا هذا، حيث اشترك جنود فيلق القدس، مع جنود ميليشيات شيعية عراقية موالية لإيران، وجنود ميليشيا حزب الله اللبناني، بدعم روسي، لقمع الاحتجاجات والإبقاء على الأسد.
لم ينته الأمر هنا، فقد سخر سليماني، نفوذه على العراق، لنقل كل ما يحتاجه الأسد من جنود وأسلحة إلى سوريا من إيران عبر العراق، طوال 8 سنوات، ويعود السبب إلى أن سليماني كان يسعى للحفاظ على مشروع التوسع الإيراني، الذي كان من الممكن أن يتراجع بسقوط الأسد، وفي هذا السياق أكد سليماني مرات عدة أن سوريا تعتبر “خط الدفاع الاول للمقاومة” بالنسبة لإيران.
وفي هذا السياق، يذكر أن قاسم سليماني يعتبر من الأسماء البارزة على قائمة الشخصيات المتهمة بالإرهاب من قبل الولايات المتحدة، حيث وجهت واشنطن تهماً عديدة له على مر السنوات شملت مقتل العديد من المواطنين الأمريكين في الأراضي العراقية، من بينهم أفراد القوات الأمريكية وقوات التحالف، حيث شنت الميليشيات الموالية لإيران ولسليماني هجمات متكررة على القواعد العسكرية الخاصة بقوات التحالف في الأشهر القليلة الماضية وراح ضحاياها الكثير من الجنود الأمريكيين، كما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية.
#إيران تعلن مقتل أربعة ضباط عسكريين كانوا برفقة #قاسم_سليماني
التفاصيل ضمن فقرات مطبخ أخبار الليلة https://t.co/wshAyeEQBs— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) January 3, 2020
يذكر أن سليماني، كان قد قتل في الساعات الأولى من صباح اليوم، الجمعة، بصحبة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وأفراد آخرون من القيادات البارزة في الميليشيات الموالية لإيران، لقوا جميعهم حتفهم لحظياً، ونفذت واشنطن العملية من خلال طائرات مسيرة بعد عودة سليماني، من دمشق على متن طائرة تابعة لخطوط “أجنحة الشام”، هبطت الساعة 11:00 ليلاً في مطار بغداد. وصرح البنتاغون لاحقاً أن الضربة جاءت بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل مباشر، ومن جانبها توعدت إيران بـ”انتقام شديد ورد عنيف” لمنفذي الهجوم.
اقرأ المزيد:
السعودية: تابعنا أحداث العراق وندعو لأهمية ضبط النفس لتفادي تفاقم الأوضاع