أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نهاد جريري)
كانت الأمور تسير في صالح مؤسسة النظام في إيران بعد الحشد الشعبي الكبير الذي حظيت به الأسبوع الماضي إثر قتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري.
إلا أن إسقاط الطائرة الأوكرانية يوم الأربعاء الماضي (٨ يناير ٢٠٢٠) أعاد الطرفين إلى المربع الأول: مظاهرات شهر نوفمبر من العام الماضي التي وحّدت الإيرانيين في مواجهة سياسة اقتصادية قاسية وعدم كفاءة إدارية رفعت الأسعار وعمّقت الفقر.
الإعتراف الإيراني يوم السبت (١١ يناير ٢٠٢٠) بإسقاط الطائرة دفع الإيرانيين إلى الشوارع مرة أخرى منادين بمحاسبة المسؤولين من أعلى الهرم.
"الموت للديكتاتور" تظاهرات #طهران مستمرة لليوم الثاني بعد الإعتراف باسقاط #الطائرة_المنكوبة#إيران #جنوح_متشددي_إيرانpic.twitter.com/NIwu7Kslws
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) January 12, 2020
#إيران_هوابيمائي
دشّن الإيرانيون على السوشيال ميديا وسم #إيران_هوابيمائي (إيران الطائرة) و #إيران_جرنوبل (تشرينوبل) وتداعوا لتنظيم وقفات تكريماً لأروح ألـ١٧٦ شخص الذين كانوا على متن الطائرة. وسرعان ما تحولت هذه الوقفات إلى احتجاج أطلقت فيه شعارات جريئة تطالب بتنحي خامنئي وتصف الحرس الثوري بالقاتل.
بدأت الاحتجاجات السبت في جامعات أمير أكبر وبهشت ودامغان في طهران، وجامعة في إصفهان، وانتقلت الأحد إلى ميدان آزادي (الحرية) ذي الرمزية عند الإيرانيين وسط طهران.
لماذا الإيرانيون غاضبون؟
المحتجون يشعرون بالخيانة بعد أن ماطلت السلطات الإيرانية في التحقيق حتى لم يعد ثمة مفرّ من الاعتراف بأن صاروخاً إيرانياً أطلق في اتجاه الطائرة المنكوبة متسبباً في قتل كلّ من عليها.
وهنا يتساءل الإيرانيون عن “الخطأ البشري” الذي نسبت إليه السلطات الإيرانية سبب هذه الكارثة، منتقدين عدم كفاءة الجهاز الحكومي في إدارة الأزمة. فمنطق الأمور يقضي بإغلاق المطار على أقل تقدير في وقت تطلق فيه إيران الصواريخ على قواعد أمريكية في العراق من جهة وتتوقع ردّاً مماثل من جهة أخرى. الخطوط الجوية الأوكرانية أكدت أنه لم يتمّ إخطارهم بأي إجراءات احترازية؛ وكأن الأجهزة الإيرانية المعنية كانت تعمل بشكل منفصل بلا تنسيق.
ينتقد الإيرانيون أيضاً أداء الإعلام الحكومي الذي يرونه يقلل من الكارثة. في أحد البرامج على قناة التلفزيون الرسمية، يُستضاف شخص يقول إن الشخص الذي أطلق الصاروخ “خطأً” في هذا الموقف، كان يظنّ أنه يحمي الوطن.
"#قاسم_سليماني قاتل .. قائده جاهل" هتاف المتظاهرين خارج جامعة #طهران
المحتجون يعبرون عن غضبهم في شوارع العاصمة ومدن أخرى بسبب مقتل 176 شخصاً على أيدي #الحرس_الثوري.#الطائرة_الأوكرانية #إيران #جنوح_متشددي_إيرانpic.twitter.com/VJEz3qD482
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) January 11, 2020
وباتباع هذا المنطق، كيف يمكن أن “تتسلل” طائرة عبر الحدود وتحلق فوق سماء طهران من دون أن تعترضها أي دفاعات جوية؟
ويعزز هذا الاستهتار بالحياة أن وزير النقل الإيراني في الأيام الأولى من الأزمة رفض فرضية الصاروخ واعتبر الأمر “مستحيلاً” من باب أن أكثر من طائرة كانت في السماء في ذلك الوقت على نفس الارتفاع ولمّا تتضرر، ملقياً اللوم على خلل فني في الطائرة وسلوك غير مفهوم من الطيّار الذي قرر العودة بالطائرة إلى المطار.
ينتقد المحتجون كذلك تلاعب السلطات بالأدلة بعد ورود أنباء عن تجريف مكان سقوط الطائرة وأن الصندوق الأسود “تعرض لخلل ما” في خطوة مبكرة لاستثناء الصندوق الأسود من أي تحقيق دولي محتمل.
ماذا يقول الإيرانيون؟
الفيديوهات المتناقلة تُظهر المحتجين وقد رفعوا شعارات جريئة ضد رأس النظام خامنئي وجهازه الأمني الأقوى الحرس الثوري مخاطرين بحياتهم وحريّتهم، ورافعين سقف مطالبهم. لا يطالبون باستقالة الحكومة أو الأجهزة المعنية مباشرة بالكارثة كوزارة النقل وإنما يطالبون باستقالة خامنئي نفسه. وبعد أن كانوا يهتفون بحياة سليماني الأسبوع الماضي، يقولون اليوم إنه “قاتل”.
في هذا الفيديو، يصرخ المحتجون “بي شرف” أي “عديمو الشرف” و “سليماني قاتل وقائده جاهل”
https://twitter.com/NimaBazollahi/status/1216051174022971393
وفي فيديو آخر، يصرخ نفس المحتجون: “الموت للديكتاتور” بعد أن كانوا قبل أيام يصرخون “الموت لأمريكا”
هم اکنون دانشگاه امیر کبیر
مرگ بر دیکتاتور pic.twitter.com/tmjJf0Zfps— 👑محمد👑 (@mohamad_13624) January 11, 2020
في هذه التغريدية، صورة لخامنئي وتعليق: “ارفع رأسك، كن قوياً، لا يزال بإمكانك أن تقتل، عندك أكثر من ٨٠ مليون شخص تقتلهم (في إشارة إلى عدد سكان إيران)”
سرتو بگیر بالا مَرد!
قوی باش!
هنوزم میتونی آدم بکشی!
هنوز ۸۰ میلیون نفر باقیمونده!#هواپیمای_اوکراینی pic.twitter.com/Myu5vA5ce5— Rad (@Rad6Rad) January 12, 2020
في هذا الفيديو من جامعة دامغان، يطلق المحتجون شعارات تطالب باستقالة “القيادة” و”البسيج قاتل الأمة” (البسيج هو جهاز شبه عسكري مختص بالأمن المحلي)
دانشجویان #دانشگاه_دامغان در اعتراض به سرنگونی #هواپیمای_اوکراینی و پنهانکاری مسوولان در این باره تجمع کرده و شعار دادند:«فرمانده کل قوه استعفا،استعفا» «بسیجی بی غیرت عامل قتل ملت» pic.twitter.com/ZZe08VIs3m
— ايران اينترنشنال (@IranIntl) January 12, 2020
في هذه التغريدة تساؤل “لولا الإنترنت والضغط من السوشيال ميديا وتسجيل لحظة إصابة الصاروخ الطائرة، ما اعترفت الحكومة بالجريمة، فأي جرائم ارتكبوها وأخفوها طوال العقد الماضي؟!”
اگر اینترنت نبود ،اگر فشار کاربران شبکه های اجتماعی نبود ،اگر فیلم های لحظه ی برخورد موشک نبود ،هرگز حکومت این جنایت را نمی پذیرفت ،ببینید در از شروع تا دهه ۸۰ که هنوز اینترنت نبود چه جنایت هایی کرده و تا الان پنهان مونده #چرنوبیل_ایران
— Mahtab Ghorbani (@Mahtab_ghorbani) January 11, 2020
تحت عنوان “غابوا ليحلموا” جمّعت المغردة هنا صوراً للضحايا الإيرانيين وتخيلت لو رُفعت الصور في شوارع طهران، وتساءلت “لو كانت المدينة مدينتنا”
…اگر شهر، شهر ما بود#هواپیمای_اوکراینی@siamakghassemi pic.twitter.com/61FA9HT8qi
— زهرا کشوری (@zahrakeshvari) January 11, 2020
في هذه التغريدة عبارة “أمريكا لا تحتاج إلى شنّ حرب على إيران؛ فإيران تعرف كيف تدمر نفسها بنفسها”
https://twitter.com/imAmirreza/status/1215981606193725440
وانتشر هذا الرسم اليوم معدّلاً بعد أن كان قبل أيام يُتداول بكثير من الفخر. “إنتقام سخت” أي “انتقام قاس” في إشارة إلى “الثأر” من أمريكا لقتلها سليماني. لكن اليوم أضيفت إلى الصورة الطائرة والصاروخ والتعليق “الانتقام من الناس”
https://twitter.com/Patriot_a91/status/1215916116553490432
في هذه التغريدة احتفاء بقائد الطائرة؛ هو “البطل الذي قاد الطائرة بعيداً عن المناطق السكنية”
https://twitter.com/iranvman/status/1216307168871206912
وهذه التغريدة بعنوان “إلى ريرا، الجميلة ذات التسعة أعوام وبقية ضحايا الطائرة PS752 الذين كانوا يحلمون بحياة آمنة مليئة بالألوان، ولكن …”
For "Reera", a beautiful 9 years old girl, and all other victims of the flight #PS752, who were dreaming of a colorful and a peaceful life, but…#iran #هواپیمای_اوکراینی #IranPlaneCrash pic.twitter.com/F4z9B2sRVA
— Pouya Design (@pouyasnap) January 12, 2020
ماذا سيحدث بعد؟
في أي حال، حصيلة هذه الأحداث لن تكون مرضية للنظام الذي يستعد الشهر المقبل لإجراء انتخابات برلمانية وانتخابات مجلس الخبراء، الهيئة التي تختار خليفة خامنئي.
قد يحجم الإيرانيون عن المشاركة. قد لن يغير هذا من السياسة العامة، لكن على الأقل نسبة التصويت قد تنخفض ما سيشكل حرجاً للنظام الذي طالما تفاخر بنسب تصويت مرتفعة.