أخبار الآن | واشنطن – الولايات المتحدة الأمريكية (وكالات)
أنهت الولايات المتّحدة الأمريكية، العمل باستثناءات من العقوبات المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، كانت تستفيد منها حتى اليوم دول لا تزال أطرافاً في الاتفاق النووي الإيراني، وتسمح للشركات الروسية والصينية والأوروبية بالعمل على المواقع النووية الإيرانية الحساسة، وفقاً لمسؤولين أمريكيين ووثائق تشير إلى ذلك.
هذه المعلومات أوردتها، “واشنطن بوست”، التي أشارت أيضاً إلى حتمال حدوث تقدم سري في برنامج طهران النووي.
ويقول خبراء حظر الانتشار النووي، إن الإعفاءات التي يدعمها حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، تقلل من حوافز إيران لتخصيب اليورانيوم على مستويات أعلى، وتوفر نافذة على البرنامج النووي للبلاد. لكن وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، ومجموعة من المشرعين بقيادة السناتور توم كوتون، ضغطوا باتجاه ممارسة المزيد من الضغط على طهران والقضاء على بقايا هدف السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وبحسب مذكرة داخلية لوزارة الخارجية، كصيغة مبدئية للاتفاق مع إيران، فإن بومبيو “سينهي الإعفاء من العقوبات الذي يغطي المشاريع النووية المتعلقة بخطة العمل الشاملة المشتركة في إيران” .
دول جديدة معرضة للعقوبات
وفي وقت سابق، أعلن الوزير في بيان، انتهاء الاستثناءات من العقوبات المتعلقة بكافة المشاريع النووية في إيران”.
ويعني هذا القرار عملياً أنّ الدول التي ما زالت متمسّكة بالاتفاق الدولي المبرم مع إيران حول برنامجها النووي والمنخرطة في المشاريع النووية الإيرانية أصبحت عرضة لعقوبات أمريكية, إذا لم تنسحب من هذه المشاريع، وهذا الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بروسيا.
وبموجب اتفاقية 2015، وافقت إيران على الحد من برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية التي دمرت اقتصادها، على الرغم من امتثال إيران للاتفاق، انسحب ترامب من جانب واحد منه في عام 2018 وأعاد فرض العقوبات الأمريكية كجزء من حملة “أقصى ضغط” على البلاد.
واعترفت إدارة ترامب بأن بعض أجزاءها مفيدة، مثل الاتفاق على تعديل مفاعل الأحاث في آراك، لإعاقة طريقها إلى تطوير الأسلحة النووية باستخدام البلوتونيوم.
سمحت الإعفاءات من قبل واشنطن، والتي قررت إدارة ترامب بإنهائها يوم الأربعاء الماضي، للشركات الخارجية، بمواصلة تلك التعديلات دون مواجهة عقوبات.
وتتعلق هذه الإعفاءات أيضاً بتوفير، روسيا لليورانيوم المخصب لمفاعل طهران للأبحاث، ونقل وقود مفاعل البحث المستهلك والخردة خارج إيران.
ولدى الشركات المشاركة في هذه المشاريع الآن فترة 60 يوماً لإنهاء الأنشطة التي يغطيها الإعفاء، قبل مواجهة عقوبات محتملة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
كيف جاء القرار؟
ويقول مراقبون، إن القرار يتعارض مع أهداف إدارة ترامب للحد من البرنامج النووي الإيراني.
وفي السياق، اعتبر كيلسي دافنبورت، وهو مدير سياسة منع الانتشار النووي في جمعية الحد من التسلح: “إن إدارة ترامب تطلق النار على نفسها بهذه الخطوة”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قال إن التعاون “يجب أن ينتهي” بسبب استمرار التصعيد النووي الإيراني
أضاف: “محاولات أخرى للابتزاز النووي ستؤدي فقط إلى مزيد من الضغط على النظام”.
جاء القرار بعد قتال طويل الأمد داخل إدارة ترامب بين المسؤولين في إيران، الذين اعتبروا الإعفاءات مفيدة في احتواء البرنامج النووي الإيراني، والمتطرفين الملتزمين بتدمير الصفقة الإيرانية بأي وسيلة ضرورية.
وبحسب ما نشرت الصحيفة، فإن تلك الخلافات ستستمر في الأشهر المقبلة.
وبينت المذكرة، أن إدارة ترامب قررت تمديد تنازل منفصل يغطي الدعم الدولي لمحطة بوشهر للطاقة النووية، وهو جهد سبق الاتفاق الإيراني، لمدة 90 يوماً، “للمساعدة في ضمان سلامة العمليات في المحطة”.
وبموجب الاتفاق، يُحظر على إيران إنتاج يورانيوم مخصب أعلى من نقاء 3.67 في المائة لمدة 15 عاماً، لكن الاتفاق يضمن أن إيران ستكون قادرة على استيراد اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة اللازم لتشغيل مفاعل أبحاث طهران.
وقال دافنبورت إن “إنهاء الإعفاءات التي تسمح لطهران باستيراد الوقود للمفاعل يعطي إيران مبرراً لاستئناف تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المئة، وهو مستوى أقل من درجة الأسلحة لكنه يشكل خطر انتشار أكثر أهمية من تخصيب إيران الحالي”.
و يشعر المحللون بالقلق، من أن إيران قد تعيد استخدام مفاعل أراك الآن، إذ لم تعد الشركات الخارجية قادرة على العمل على تعديله للاستخدام المدني دون خوف من العقوبات.
قال ريتشارد نيبو، المسؤول السابق في وزارة الخارجية، الذي عمل على الصفقة: “يمكن أن ترد إيران على ذلك، بالقول إنها ستستأنف البناء على الوضع القديم، وهو ما سيكون مناقضاً لمصالحنا إلى حد كبير”.
ويقول مسؤولو إدارة ترامب الآن، إن مثل هذه الخطوة ستستغرق سنوات وتتطلب أموالاً وخبرات لا تمتلكها إيران حالياً.
وأوضح كريستوفر فورد، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الأمن الدولي وعدم الانتشار، للصحفيين الأربعاء “إنهم سيبدأون من الصفر وهذا سيستغرق بعض الوقت”.
وأشار فورد ، إلى أنه إذا بدأت إيران في تحويل المفاعل لأغراض البلوتونيوم، فسيكون ذلك “أمراً استفزازياً بشكل غير عادي.”
تسلسل الاتفاق النووي
يعود تاريخ إيران النووي إلى منتصف السبعينيات، عندما بدأ شاه إيران آنذاك،محد رضا بهلوي، برنامجا للطاقة النووية، وكانت هناك تقارير أيضا تفيد بأن إيران بدأت برنامج أبحاث مصغرا للأسلحة النووية.
وهناك محطات مهمة، ادت إلى تفجير أزمة “النووي الإيراني” في العالم، وجرى بعدها توقيع عقوبات على طهران، إلى أن جرى الاتفاق النووي ثم انسحب منه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
عام (2002): علمت الاستخبارات الأمريكية، بوجود اثنتين من المنشآت النووية السرية، منشأة لتخصيب اليورانيوم في ناطنز ومحطة لإنتاج الماء الثقيل بالقرب من آراك.
عام (2002): كشفت تقارير ـن إيران قد تكون أدخلت مواد نووية إلى منشأة التخصيب في ناطنز، لاختبارها دون إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يعد انتهاكاً لإحدى المعاهدات التي جرت في الاتفاق.
عام (2004): جرى الكشف عن آثار لليورانيوم عالي التخصيب اكتشفه مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل 12 شهراً، في موقعين مختلفين على الأقل، وأن درجة نقاء ما جرى اكتشافه كانت كافية لإنتاج أسلحة نووية.
عام (2005): رفضت إيران عرض الاتحاد الأوروبي بتقديم حوافز مقابل ضمانات بأنها لن تسعى لامتلاك أسلحة نووية.
وفي السنوات التالية، قامت إيران بالعمل على تخصيب اليورانيو بنسب متعددة، وفي يناير 2012، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن إيران تعمل على زيادة خصوبة اليورانيوم إلى 20 بالمئة في منشأة جبلية بالقرب من فوردو.
عام (2015): بعد 18 يوماً من المفاوضات المكثفة والصعبة، وقعت القوى العالمية وإيران اتفاقاً تاريخياً للحد من برنامج إيران النووي مقابل الحصول على إعفاء مالي من مليارات الدولارات من العقوبات الدولية.
عام (2016): اتهم الرئيس الإيراني، حسن روحاني، دول الغرب بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق.
عام (2017): أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن استراتيجية جديدة بشأن إيران تتضمن فرض عقوبات إضافية.
عام (2018): أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي.
مصدر الصورة: Reuters
للمزيد: