مستقبل العلاقات الثنائية بين الصين وأستراليا
تشهد العلاقات الأسترالية-الصينية مرحلة شديدة التوتر عقب توقيع معاهدة الدفاع بين أستراليا واليابان، حيث يُلقي كلا البلدين باللوم على الآخر فضلاً عن التصريحات الهجومية من خلال تهديدات الحزب الشيوعي الصيني الحاكم لأستراليا واليابان بأنهما ستدفعان ثمن هذه الاتفاقية غالياً.
شنت بكين هجوماً استثنائياً على الحكومة الأسترالية، متهمة إياها بـ “تسميم العلاقات الثنائية” وذلك في وثيقة سرّبها الحزب الشيوعي الصيني عمداً، ما قد ينذر بتصعيد دبلوماسي بين البلدين.
وتذهب الوثيقة الصينية إلى أبعد من أي تصريحات علنية أدلى بها الحزب الشيوعي الصيني في السابق، متهمة حكومة موريسون بمحاولة “نسف” صفقة فيكتوريا للحزام والطريق، وإلقاء اللوم على كانبرا بسبب تقارير وصفتها بكين “غير ودية أو معادية” من قبل وسائل الإعلام الأسترالية المستقلة.
تهديد بالصميم
وأعرب مسؤول بالحكومة الصينية في إفادة صحفية مع أحد المراسلين في كانبرا الثلاثاء، إن “الصين غاضبة. وإذا جعلتم الصين عدواً، فإن الصين ستكون العدو”.
وعلى إثر ذلك، سربت السفارة الصينية في كانبرا إلى كل من موقع ناين نيوز، وسيدني مورنينغ هيرالد، وذا إيدج، ملفاً فيه 14 احتجاجاً، ما اعتبره كثيرون مسرحية دبلوماسية تهدف إلى الضغط على حكومة موريسون لعكس موقف أستراليا بشأن سياساتها تجاه بكين.
وتشمل قائمة المظالم الصينية التي تخللها الملف أيضًا: التمويل الحكومي للأبحاث “المناهضة للصين” في معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي، ومداهمات الصحفيين الصينيين وإلغاء التأشيرات الأكاديمية، و”قيادة حملة صليبية” في المنتديات متعددة الأطراف حول شؤون الصين في تايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ. وإجراء تحقيق مستقل في منشأ كوفيد-19، وحظر هواوي في عام 2018، وحظر 10 صفقات استثمار أجنبي صيني عبر قطاعات البنية التحتية والزراعة وتربية الحيوانات.
وفي تهديد لأستراليا حول السياسات المدرجة في القائمة، قال المسؤول الصيني، إذا تراجعت أستراليا فإن ذلك “سيساعد على خلق جو أفضل، داعياً إياها إلى التفكير بجدية بدلاً من التنصل من المسؤولية”.
وتم تسليم الملف قبل وقت قصير من إلقاء المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان في مؤتمر صحفي في بكين باللوم على أستراليا في ما وصلت إليه العلاقات بينهما.
وتهدف الوثيقة أيضًا إلى تفنيد “مزاعم مبطنة بشكل خفيف ضد الصين بشأن هجمات إلكترونية دون أي دليل” وتزعم أن أستراليا هي أول دولة ليس لها وجود بحري في بحر الصين الجنوبي، ومع ذلك تدين تصرفات الصين في الأمم المتحدة.
وبالمقابل، رفضت حكومة موريسون تصريحات بكين ودعت الحكومة الصينية للرد على مكالماتها الهاتفية بدلاً من رشقها الاتهامات الزائفة.
وفي ذات السياق، أوضح وزير التجارة الأسترالي سيمون برمنغهام يوم الأربعاء، معلقاً على إمكانية إجراء حوار بين بكين وكانبرا: “الكرة في ملعب الحكومة الصينية إلى حد كبير لتكون على استعداد للجلوس وإجراء هذا الحوار المناسب”.
هل يستجيب الحزب الشيوعي الصيني لدعوة أستراليا للحوار؟
مسؤول حكومي صيني، قال شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بالتحدث علناً: “لماذا تهتم الصين بأستراليا؟” مضيفاً أن المكالمات الهاتفية ستكون “بلا معنى” خلال هذا “الجو المشحون بين البلدين”.
وتأتي تصريحات المسؤول الصيني، عقب قيام أستراليا بالحذو حذوَ الولايات المتحدة في يوليو / تموز في وصف مزاعم بكين للمنطقة المتنازع عليها بأنها “غير قانونية”.
التجارة بين البلدين على كف عفريت
تشير القائمة المسربة من الحزب الشيوعي الصيني إلى أن أستراليا لم تتراجع عن انتقاداتها، على الرغم من تصعيد الخطاب الصيني والتعليمات الشفوية للتجار المحليين بالتوقف عن استيراد المنتجات الأسترالية.
وتضررت التجارة بينهما بما يصل إلى اثني عشر منتجًا ما قيمته 20 مليارَ دولارٍ من الصادرات الأسترالية، حيث أن الصين تمثل ما نسبته 40 في المائة من صادرات أستراليا وواحدة من كل 13 وظيفة أسترالية.
وفي ذات السياق، تابع رئيس الوزراء سكوت موريسون، أن الصين ليست معنية باتفاقية الدفاع الموقعة مع اليابان وأن الأمن الصيني لن يتعرض للتهديد بسببها.
أستراليا مستعدة للدخول في حوار “محترم ومفيد” مع الحزب الشيوعي الصيني
وفي إشارة إلى أن الحكومة الأسترالية تحاول فصل النتائج الاقتصادية عن الأمنية والعسكرية، قال وزير الخزانة الأسترالي جوش فريدنبرج الأربعاء، إن أستراليا مستعدة للدخول في حوار “محترم ومفيد” مع الحزب الشيوعي الصيني.
الوزير الأسترالي اشترط أنه كجزء من أي حوار، ستكون المصلحة الوطنية لأستراليا “غير قابلة للتفاوض”.
ومن جانبها وزارة الشؤون الخارجية الأسترالية، اعتبرت العناصر الـ 14 التي حددتها وثيقة السفارة الصينية، أنها أساسية لمصلحة أستراليا الوطنية وغير قابلة للتفاوض، ما يترك البلدين _ وسط تعنت الطرفين _ في مواجهة احتمال نزاع دبلوماسي واقتصادي ممتد.
إذاً على ما يبدو أن العلاقات الصينية الأسترالية تتدهور.. فما هو مستقبل العلاقات الثنائية بينهما في ظل تصعيد بكين الجديد ضد كانبرا؟