هي سيجامارا التي غادرت منزلها في إقليم تيغراي برفقة زوجها، هرباً من القتال هناك. بعد رحلة شاقة، دخل الزوجان الأراضي السودانية، ولم تكن سيجامارا تعرف ما الذي ينتظرها، لكنها تعبّر عن ارتياحها للاستقبال الحار الذي لقياه من السكان المحليين، بعد الجوع والعطش والإرهاق.
وصل الزوجان الى مدينة الحمديات السودانية الفقيرة بعدما عبرا نهر ستيت، بعد أيّام من بدء النزاع في إقليم تيغراي. كلّ ما كانا يسعيان إليه هو مكان ينامان فيه بعيداً عن مخيّمات اللاجئين المكتظة بآلاف الواصلين على الطرف الغربي لمدينة الحمديات.
وسجلت سيجامارا وزوجها اسميهما في مركز استقبال اللاجئين بهدف الحصول على وجبات طعام يومية. “كنا نفكر في استئجار مكان ولكن الناس هنا استضافونا من دون أن ندفع نقودا”، تقول سيجامارا وتضيف: “سنبقى هنا بضعة أيام. إن عاد الهدوء الى تيغراي، سنعود، وإذا لم يعد، لا خيار لدينا، سنعيش في مخيم للاجئين”.
وتقول مريم أبوبكر، مضيفة سيجامارا التي تعيش مع أسرتها في منزل مبني من الطين مع سقف من القش، “إنهم ضيوفُنا، يمكنُهم البقاءُ هنا الى أيِّ وقتٍ يريدون.
ويقول المزارع السوداني عيسى حسن الذي يعيش في حمديات أصبح المكان مزدحماً، لكن لا بأس هم ضيوفنا. إلّا أنّه يشكو من أنّ تدفق اللاجئين أدّى إلى ارتفاع الأسعار في أسواق المنطقة. أسعار الخضروات والفاكهة وحتى المياه ارتفعت بشكل كبير بعد وصولهم. مثلا كيلو الموز كان يباع بسبعين جنيها سودانيا (حوالى أربع سنتات)، والآن يباع بـ150 جنيها.
الزوجان الشابان بين آلاف اللاجئين الذين فروا من إقليم تيغراي في شمال إثيوبيا، بعد اندلاع القتال في مطلع تشرين نوفمبر، حين شنّت القوات الحكومية هجوما على القوات المحلية المتمرّدة. وقتل المئات في النزاع الدامي بين الحكومة الفدرالية برئاسة أبيي أحمد وقوات جبهة تحرير شعب تيغراي.
ويستضيف العديد من سكان منطقة حمديات على الرغم من فقرهم، لاجئين إثيوبيين فرّوا من النزاع. وقدّم بعضهم المأوى فقط، بينما قدّم آخرون الطعام ومياه الشرب.
أكثر من 24 ألف لاجىء منذ اندلاع القتال في تيغراي
ويقول مدير مركز استقبال حمديات يعقوب محمد إنّ المركز استقبل أكثر من اربعة وعشرين ألفَ لاجىء منذ اندلاع القتال في تيغراي. وبحسب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بلغ عدد الإثيوبيين الذين فروا الى السودان ستة وثلاثين ألفاً، ويمكن ان يصل الى مئتي ألف خلال الأشهر الستة المقبلة.
وتسعى السلطات السودانية وجمعيات الإغاثة الى تجهيز المخيمات وتقديم الغذاء والخدمات الطبية الأساسية لمواجهة التدفق الكبير للفارين من الحرب. لكن الحكومة السودانية مثقلة بأعباء مشكلاتها الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر خصوصاً في ولايتي القضارف وكسلا الواقعتين شرق البلاد وتستضيفان العدد الأكبر من اللاجئين.
رداءة الوضع تصفه مشاهد اللجوء الصعبة، قد يخفف التضامن من وطأته لكنّه يبقى لجوءاً، فيه ما فيه من المعاناة والخوف.