نشر موقع “livingotherwise” الإلكتروني تقريراً جديداً يعكس معاناة أشخاص من أقلية الإيغور المسلمة، وذلك بعد اعتقال أفراد من عائلاتهم وأقاربهم في شينجيانغ، وإصدار أحكام غير قانونية بحقهم.
وتطرّق التقرير إلى قصّة سيدة من الإيغور تدعى نورسيمان عبد الرشيد، التي انقطعت عنها أخبار عائلتها المختفية في كاشغر، وذلك طوال السنوات الـ3 الماضية. ووفقاً لـ”livingotherwise”، فإنّ “يوم 15 يونيو/حزيران 2020، كان أسوأ يوم في حياة عبد الرشيد، إذ تم إبلاغها عبر مكالمة هاتفية أنه حُكِم على والدتها بالسجن لمدّة 13 عاماً في 13 ديسمبر/كانون الأول 2017، بتهمة التحضير لارتكاب أنشطة إرهابية. أما في ما خصّ والدها، فقد حُكِم عليه بالسجن لمدّة 16 عاماً و 11 شهراً بجرائم الإخلال بالنظام العام والتحضير لارتكاب أنشطة إرهابية”.
ومع هذا، فقد جرى إبلاغ عبد الرشيد أنّ شقيقها الأصغر ممتعيلي (30 عاماً) قد صدر حكم بحقه يوم 20 أغسطس/آب 2017 يقضي بسجنه لمدّة 15 عاماً و 11 شهراً بجريمة جنائية وبتهمة التحضير لإرتكاب أنشطة إرهابية.
ووصلت هذه الأخبار إلى نورسيمان التي تقطن في تركيا وشقيقتها نوريمان الموجودة خارج الصين أيضاً، بعد 3 سنوات من الاعتقالات التي طالت عائلتها. ومع هذا، فإنه إلى جانب الوالدين والشقيق الأصغر، فقد جرى اعتقال أيضاً شقيق نورسيمان الآخر وهو إميتجان وذلك في العام 2016، وهو يواجه عقوبة السجن لمدّة 7 سنوات.
شهادات أخرى.. السجن مصير الكثيرين من أبناء الإيغور
كذلك، سرد التقرير قصة رجل آخر من الإيغور يُدعى عبد الرحيم غني، الذي أصبح الآن مواطناً هولنداً. وبحسب التقرير، فإنّه بعد مرور عام على فقدانه الإتصال بأسرته في مايو/أيار 2017، بدأ غني بتنظيم احتجاجات فردية بانتظام في أمستردام، وراح يسألُ علناً عن أي خبر يتعلق بأقاربه، كما أنه كان يخبر المارّة بالأوضاع في مسقط رأسه. ومع هذا، قام غني بمراسلة وزارة الخارجية الهولندية ومطالبتها بالاتصال بالسلطات الصينية والاستفسار عن أسرته.
ويشير التقرير إلى أنه في أغسطس/آب 2020، وبعد عدم تلقّيه أي رد بشأن أسرته، ذهب غني إلى السفارة الصينية وطالب بالحصول على إجابات مباشرة، إلا أنه تم طرده من قبل الحراس وجرى تغريمه مبلغ 1000 يورو بعد احتجازه لفترة قصيرة في مركز للشرطة. إلا أنه بعد شهر على هذه الواقعة، جرى إبلاغ غني في خطاب مقتضب أنّ عدداً من أقاربه من بينهم أشقاء له، حُكم عليهم بالسجن لفترات طويلة. كذلك، فقد تضمن الخطاب جملة تفيد بأن والدة غني توفيت بسبب المرض قبل 6 سنوات.
وفي حالات أخرى، تقول سيّدة من الإيغور تدعى محبوبي آبلة وتعيش في المنفى في النمسا، أنّ الصين أصدرت أحكاماً بحق والديها وشقيقها وإثنين من أبناء عمومتها، تقضي بسجنهم لفترات طويلة.
كذلك، تقول غوليشا أورالباي، وهي امرأة قازاقستانية تعيش الآن في تركيا، أنه جرى الحكم بالسجن لمدة طويلة على أخيها وشقيقتيها. كذلك، تقول امرأة مسنة من الإيغور تعيش في كازاخستان الآن أن أبناءها الـ3 قد وقعوا رهن الاعتقال.
ذرائع جديدة للصين لإعتقال أبناء الإيغور
ومؤخراً، كشفت قائمة جديدة لسجناء من معسكر اعتقال كيف تستخدم الصين قاعدة بيانات أبناء أقلية الإيغور والأقليات العرقية الاخرى لاحتجازهم، وذلك لأسباب تشمل أن يكون الشخص صغيراً في السن أو أن يكون قد تحدث إلى أحد أقاربه في الخارج.
وحصلت “هيومن رايتس ووتش” على نسخة من قاعدة البيانات وتظهر كيفية استخدام السلطات في منطقة شينجيانغ لشبكة واسعة مما يسمى “الشرطة التنبؤية”، التي تتعقب العلاقات الشخصية للأفراد ونشاطهم على الإنترنت وحياتهم اليومية.
وتحتوي القائمة على تفاصيل أكثر من 2000 معتقل من الإيغور محتجزين في محافظة أكسو بين عامي 2016 و2018، ويبدو أنهم جميعاً سجنوا بعد أن تم وضع علامة عليهم من قبل “برنامج العمليات المشتركة المتكاملة”.
ومن خلال هذا البرنامج، يتم إنشاء قاعدة بيانات ضخمة تجمع بين البيانات الشخصية المستمدة من المراقبة الآلية عبر الإنترنت والمعلومات المفصلة التي يتم إدخالها يدوياً من خلال تطبيق خاص يستخدمه المسؤولون. وتشمل المعلومات الخصائص الجسدية للأشخاص ولون سيارتهم وتفضيلهم الشخصي لاستخدام الباب الأمامي أو الخلفي لدخول منزلهم، بالإضافة إلى البرامج التي يستخدمونها عبر الإنترنت وجهات الاتصال المعتادة.
وفي هذا الإطار، قالت مايا وانغ الباحثة المتخصصة بالشؤون الصينية في “هيومن رايتس ووتش” إن القائمة تعطي فكرة حول القمع الذي تمارسه الصين على مسلمي شينجيانغ من خلال استخدام التكنولوجيا.
ومع هذا، فقد جرى احتجاز معظم المدرجين في القائمة بسبب سلوك قانوني وغير عنيف، ولكن تمت الإشارة إلى بعضهم ببساطة على أنهم “تم الإبلاغ عنهم من قبل البرنامج”، من دون مزيد من المعلومات حول كيفية توصل السلطات إلى قرار التوقيف. والسلوك المدرج كسبب للاحتجاز يشمل كونك “غير جدير بالثقة بشكل عام” أو “مولود بعد الثمانينات”، ويبدو أن رجلاً اعتقل لعدم دفع إيجار أرضه، وآخرون لتعدد الزوجات.
وبحسب وانغ، فإنّ “هذه المعلومات تتناقض مع ادعاءات السلطات الصينية بأن تقنياتها المتطورة والتنبؤية تحافظ على شينجيانغ آمنة من خلال استهداف المجرمين بدقة”.
كيف تمعن السلطات الصينية بقمعها للإيغور خارج وداخل الحدود؟
بالفيديو محادثة هاتفية من تركستان تفضح ما تحاول الحكومة الصينية الترويج له. كان لافتاً مؤخراً رفض ماليزيا خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، تسليم الصين أشخاصاً من أبناء أقلية الإيغور المسلمة، حتى لو جاء بطلب مباشر من الحكومة الصينية. فهذا الرفض أتى ليؤكّد سعي السلطات الصينية لملاحقة الإيغور ليس فقط في شينجيانغ، و إنّما خارجها أيضاً.