نشرت شبكة “CNN” الأمريكية تقريراً تطرّقت فيه إلى معاناة سيّدة من الإيغور تدعى مايلا ياكوفو وعائلتها القاطنة في الصين، مشيرة إلى أنّه يوم الجمعة 4 سبتمبر/أيلول، كان من أسعد الأيام بالنسبة لتلك الأسرة، إذ جرى إطلاق سراح السيدة من معسكر اعتقال صيني، وسُمح لها بالعودة إلى منزلها لأطفالها المراهقين الـ3 وعمها وعمتها في شينجيانغ.
ووفقاً للتقرير، فإن هذه هي المرة الأولى التي ترى ياكوفو فيها عائلتها منذ ما يقرب الـ16 شهراً، ويضيف: “في الليلة نفسها، تمكنت السيدة من إجراء مكالمة فيديو مع ابنة عمها نيرولا إليما، التي تعيش في السويد، وتقول الأخيرة: “لم أتعرف عليها (أي ياكوفو) في البداية، لأنها بدت شاحبة للغاية. بدت ضعيفة جداً وشعرها قصير. كانت مرعوبة، لم تجرؤ على التحدث معي كثيراً”.
وإثر ذلك، أبلغت أليما والدي ياكوفو وشقيقتها التي تعيش في أسترليا بنبأ خروج السيدة من السجن. وقالت مارحابا يعقوب سالاي، وهي شقيقة ياكوفو: “لا أستطيع أن أصف مشاعري، كم كنت سعيدة عندما سمعت أنه تم إطلاق سراح أختي. في ذلك الوقت ، ما زلت أتذكر أن قلبي كان سينفجر”.
وذكرت “CNN” أنّ ياكوفو أمضت أكثر من عام في مركز احتجاز ينينغ، وهي الفترة الثانية التي قضتها في شبكة شينجيانغ الغامضة من معسكرات الاعتقال. وقبل ذلك، كانت ياكوفو محتجزة في معسكر آخر لمدة 10 أشهر. أما في ما خصّ جريمتها الظاهرة، فكانت تحويل مدخراتها إلى والديها في أستراليا لمساعدتهما على شراء منزل.
https://twitter.com/Cawnporiaah/status/1339388506163048448
الصين تراقب تغريدات الإيغور في الخارج
وتقول العائلة أن عودة ياكوفو إلى المنزل هي كل ما يهمّ الجميع، لكن حريتها كانت قصيرة. فبعدَ يومٍ واحد فقط، نقلتها السلطات الصينية مرّة أخرى إلى مستشفى “Yining People’s” في غرب شينجيانغ. وبحسب عائلتها، فإنّ السلطات لم تعطهم سبباً طبياً لدخول السيّدة ياكوفو إلى المستشفى، لكنهم أرسلوا رسالة إلى عمتها وعمها مفادها: “أوقفوا ابنتكم نيرولا عن التغريد”.
وعلى مدى أشهر، كانت نيرولا إليما تقوم من منزلها في السويد، بحملة لتأمين إطلاق سراح ابنة عمها، وذلك من خلال الضغط على البرلمانيين، والتحدث مع المنظمات غير الحكومية، والتغريد على “تويتر”.
وكانت إليما غادرت شينجيانغ قبل عقد من الزمن للدراسة والحصول على وظيفة أفضل، وهي تعمل الآن كمحللة بيانات في السويد، وتحمل جواز السفر السويدي، كما أنها متزوجة.
وكشفت إليما إلى أنه منذ أن بدأ التحدث علناً، خصوصاً عندما أجرت أول مقابلة لها مع صحيفة واشنطن بوست في سبتمبر/أيلول 2019، كانت السلطات الصينية تتعقبها عن كثب.
وأشارت “CNN” إلى أنه في شينجيانغ، اتصل ضباط الشرطة بوالديها بشأن أنشطتها عدة مرات. غير أن إليما تقول أنها تشعر بأنه لم يتبقّ لها أي خيار سوى التحدث علانية، لأن الصمت لم يساعد عائلتها.
وبعد مكالمة الفيديو القصيرة مع ابنة عمها، نشرت إليما موضوعاً على “تويتر” حول إطلاق سراح ياكوفو، قائلة إنها قلقة لأنها شعرت أن ابنة عمها “ليست حرة تماماً”.
وقالت إليما: “لقد وضعتها على تويتر، لقد أخبرت العالم بأسره. أخذوها على الفور إلى المستشفى. هذه هي الطريقة التي يريدون مني أن أتوقف بها، يريدون فرض الرقابة عليّ”.
ولفتت “CNN” إلى أنّ والدة إليما في شينجيانغ طلبت منها التوقف عن التغريدة بشأن هذه القضية. ومع هذا، فإنه بعد نقل ياكوفو إلى المستشفى، فإن الأسرة لم تسمع عنها شيئاً منذ أسابيع، ولم يُسمح بأي زيارات أو مكالمات هاتفية، وهو الأمر الذي زاد من قلق إليما بشكل متزايد.
وفي 19 سبتمبر/أيلول، غردت إليما مرة أخرى حول احتجاز ابنة عمها الغامض في المستشفى، وقالت: “لقد تحملت الأمر لمدة 14 يوماً، وأبقيت فمي مغلقاً لمدة 14 يوماً. في تلك الأيام الـ14، بكى أطفال أختي في وجهي، متوسلين إلي أن أتوقف عن التحدث، مرتين”.
وأشارت إليما إلى أنّ ضباط الشرطة وصلوا في غضون 30 دقيقة إلى منزل والدتها في شينجيانغ بنسخ مطبوعة من التغريدات. ومرة أخرى، طالبوا بمنع ابنتهم من التحدث علانية. وتضيف: “قالوا، انظري، ابنتكم تتحدث عن الحزب الشيوعي الصين. إنها تجعل الحكومة الصينية تبدو سيئة للغاية. عليك أن تخبري ابنتك بالتوقف عن ذلك”.
الصين قلقة بشأن الرأي العام الدولي.. وتويتر تحت الرقابة
من جهته، قال ريان ثوم، وهو باحث متخصص في شؤون الإيغور في جامعة نوتنغهام في المملكة المتحدة، أنّ هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها عن مواجهة الشرطة مباشرة لأفراد الأسرة بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي للإيغور في الخارج.
وأضاف: “الأمر هذا يُظهر أن السلطات الصينية قلقة للغاية بشأن الرأي العام الدولي، وأنها تراقب موقع تويتر، وهو بالطبع محظور في الصين”.
ووفقاً لإليما، فقد أشارت إلى أنّ السلطات الصينية واجهت عائلتها بشأن تغريداتها 3 مرات. ومع ذلك، فإنّ وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بإليما ليست الشيء الوحيد الخاضع للمراقبة. ففي العام 2017، قالت إليما إن السلطات الصينية طلبت صورة لجواز سفرها السويدي وعنوانها السويدي من والدتها من خلال تطبيق “ويتشات”. وتضيف: “أشعر بالرعب كل يوم”.
من جهته، قال ثوم: “هذه حالة تُظهر كيف تنظر الحكومة الصينية إلى الإيغور على أنهم تهديد”.
وفي مواجهة التهديدات المتزايدة لعائلتها، قررت إليما مرة أخرى التحدث علناً، وأجرت أول مقابلة لها على الكاميرا مع شبكة “CNN”، وقالت: “أشعر أن هناك مسدساً خلف رأسي. في كل مرة أتحرك فيها، قد أواجه عواقب وخيمة للغاية، وسوف يدفع أفراد عائلتي الثمن مقابل ذلك”. وبعد يوم من هذه المقابلة لإليما، تلقت العائلة المزيد من الأخبار السيئة، إذ جرى إبلاغها أن ياكوفو نقلت من المستشفى إلى مركز الاحتجاز في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني.
وكانت المرّة الأولى التي تم اقتياد ياكوفو فيها إلى المعسكر يوم 2 مارس/آذار 2018، ولم يتم اتهامها بأي جريمة محددة. لكن في المرة الثانية التي اعتُقلت فيها، وتحديداً في أبريل/نيسان 2019، اتُهمت ياكوفو بـ “تمويل أنشطة إرهابية”، وهي تهمة يقول الخبراء إنها وُجهت ضد العديد من الإيغور الذين أرسلوا أموالاً خارج الصين.
كذلك، صادرت السلطات الصينية مبلغاً يقارب الـ500 ألف يوان صيني (76 ألف دولار)، ووضعت عمتها وعمها تحت الإقامة الجبرية، كما تقول الأسرة.
وفي يوليو/تموز 2013، أرسلت مايلا ياكوفو وعمتها وعمها ما يقرب من 135000 دولار أسترالي (100000 دولار) إلى الأسرة في أستراليا لشراء منزل، وذلك في 3 تحويلات منفصلة من بنك الصين إلى بنك الكومنولث الأسترالي.
ولإثبات براءة ياكوفو، وثقت الأسرة بدقة التحويلات المصرفية وسجلات شراء المنازل وأرسلت الأدلة إلى الحكومتين الأسترالية والصينية. وبدورها، أكدت الشرطة الفيدرالية الأسترالية للأسرة كتابةً أن أفراد الأسرة ليسوا قيد التحقيق الجنائي في أستراليا.
وعندما سئلت البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي عن قضية ياكوفو ، قالت إنه “يعتقد أن عائلتها أعضاء في منظمة تحرير تركستان الشرقية، التي تصنفها الحكومة الصينية على أنها منظمة إرهابية”.
وقال متحدث باسم ياكوفو إنه تم إبلاغ الأخيرة كتابة بأن المعاملات المالية مع أسرتها ستكون غير قانونية، وأضاف: “على الرغم من ذلك، ما زالت تقدم الأموال لهم. وبذلك، تم الاشتباه في انتهاكها للمادة 120 من القانون الجنائي الصيني لتحريضها على الأنشطة الإرهابية”. وإزاء ذلك، فقد جرى اعتقالها في مايو/أيار 2019.
ومع هذا، فقد نفت الأسرة في بيان أي صلة لها بالجماعات الإرهابية، وقالت إن مزاعم البعثة “كاذبة بشكل واضح”، مؤكدة أنّه إذا كانت لديهم صلات بجماعات إرهابية، فلن تسمح لهم السلطات الصينية بالسفر بحرية داخل الصين وخارجها في السنوات التي تلت إبرام الصفقة المالية في العام 2013.
مشروع بيانات شينجيانغ.. صور الأقمار الإصطناعية تفضح جرائم الصين بحق الإيغور
أطلق الكاتب “ناثان روسر” مشروع جمع البيانات في اقليم شينجيانغ، سلط من خلالها الضوء على حقوق الانسان للأيغور وغيرهم من الأقليات وما يتعرضون له من اضطهاد من قبل السلطات الصينية. وقال روسر في مقابلة مع أخبار الآن ان هنالك حوالي 380 مركز احتجاز للإيغور وأقليات أخرى في اقليم شينجيانغ، مشيرا الى انه تم اعتماد الصور عبر الاقمار الصناعية بالاضافة الى الادلة الأولية مثل زيارات الصحفيين ومناقصات البناء والتي تظهر مئات مراكز الاحتجاز والاعتقال فاي أنحاء الاقليم.