في 27 كانون الأول/ديسمبر 2020، كشف محمود الزهار، القيادي في حركة حماس، أنه حصل على حقائب بداخلها 22 مليون دولار نقداً في مطار طهران من قبل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الذي قتل يوم 3 كانون الثاني/يناير 2020 في غارة أمريكية نفذتها طائرة مسيّرة بالقرب من مطار بغداد الدولي.
وهذه ليست المرة الأولى التي تبرز فيها الأخبار عن أكياس الأموال التي تغرق إيران بها دولاً أخرى، إذ عملت على مدى السنوات الماضية بتقديم أموال لأفغانستان وسوريا، كما أنها تعمل على دعم جماعاتها الإرهابية في العديد من الدول مثل “حزب الله” في لبنان و “ميليشيات الحوثي” في اليمن.
وفي العام 2010، أقرّ الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي أنّ إدارته تلقت “اكياساً من النقود” من الحكومة الايرانية. ووفقاً للتقارير، فإنّ هذا الاعتراف لكرازي جاء بعد نشر صحيفة “نيويورك تايمز” مقالاً يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول أشارت فيه إلى أنّ عمر داودزاي، مدير مكتب كرزاي، تلقى ملايين الدولارات من السفير الايراني في أكياس وضعت لاحقاً في صندوق سري يستخدمه رئيس المكتب وكرزاي لدفع رواتب النواب وزعماء القبائل وحتى مسؤولين في طالبان لضمان ولائهم.
وحينها، زعم كرزاي أنّ هذه الأموال قانونية وشرعية، كاشفاً حينها أنّ “الحكومة الايرانية تساعد أفغانستان مرة او مرتين سنوياً وتمنحها 500 الف او 600 الف او 700 الف يورو كل مرة”.
وأضاف: “إنها انها مساعدة رسمية، ورئيس مكتب الرئاسة عمر داودزاي يتلقى اموال الحكومة الايرانية بناء على اوامري. كل ذلك يتسم بالشفافية. وصحيح أنّ المال يصل في أكياس”.
قاسم سليماني يتلاعب بمال الإيرانيين
ولا تقتصر التقارير الواردة عن الفساد في فيلق القدس التابع للحرس الثوري على تحويل الأموال في حقائب وأكياس. فخلال تشرين الثاني/نوفمبر 2017، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شبكة تتألف من أشخاص وشركات متهمة بتزييف عملة لمساعدة الحرس الثوري الايراني. وحينها، استهدفت العقوبات 4 شركات وشخصين تورطوا في طباعة عملة يمنية مزيفة لحساب ايران.
وبحسب التقارير، فإن الشخصين الذين شملتهما العقوبات هما رضا حيدري ومحمد سيف، وقالت وزارة الخزانة الأمريكية أنهما استخدما شركات “فورانت تكنيك” و”برينتينغ ترايدينغ سنتر في فرانكفورت” و”ريان برينتينغ” و”تجارة الماس موبين المحدودة في طهران” للتهرب من قيود اوروبية على التصدير وتأمين معدات استخدمت في طباعة عملة يمنية مزيفة قد تعادل قيمتها مئات الملايين من الدولارات.
وبالعودة إلى المبلغ الذي قدّمه سليماني لحركة “حماس” (22 مليون دولار)، فإن هذه العطيّة تعتبرُ غسيل أموال وفق المعايير القانونية الإيرانية نفسها. فليس معروفاً من أين جاء مبلغ 22 مليون دولار.
وبكل تأكيد، فإن هذا المال ليس من مال قاسم سليماني الخاص، ومنطقياً، فإن هذا المبلغ هو من الأموال العامة ويعود للشعب الإيراني، وعلى الأقل يجب أن تكون حساباته قد سجلت في السجلات. وهنا، يطرح السؤال نفسه: هل تم القيام بهذه الإجراء؟ وإذا كان قد تم، فهل مصدر ذلك واضح؟ من أين يأتي الحرس الثوري بهذه الدولارات؟ هل وَضعت الحكومة هذه الدولارات تحت تصرف قاسم سليماني تحت مسمّى الموازنة؟
في الواقع، يستبعد أن يكون مصدر دولارات قاسم سليماني هو الحكومة، أي أن يكون قد تم تسجيله في السجلات الحكومية، وفق ما ذكر موقع “إيران واير“.
ورافقت هذه الأسئلة نفسها قصة العملة الصعبة التي بحوزة حميد بقائي، المعاون التنفيذي لإدارة محمود أحمدي نجاد. وتأسيساً على قرار محكمة الاستئناف الذي نُشِر في أواخر مارس/آذار 2019 نقلاً عن منظمة حماية المخابرات للحرس الثوري، كانت أحد الاتهامات الرئيسية الموجَّهة إلى بقائي هو اختلاسه مبلغ ثلاثة ملايين و766 ألف دولار فضلاً عن مبلغ 590 ألف دولار أعطاه الحرس الثوري “للشؤون المتعلقة بالدول الأفريقية”.
وكتب بقائي في الدفاع عن نفسه: “المبالغ المذكورة كانت بين الجنرال قاسم سليماني والرئيس أحمدي نجاد، وقضية كم كان المبلغ الحقيقي ومصدره ولماذا تم تحويله فكانت بينهما فقط، ولم يكن لأحد علمٌ بهذا الموضوع”.
ومع هذا، فإن فيلق القدس انخرط في أنشطة مريبة خارج إيران. وقال محمد باقر زولقر، النائب السابق لقائد الحرس الثوري، إنه إذا واجهت الحكومة صعوبات في تمويل مشروع ما، فإن قاسم سليماني نفسه يقدم الموارد المالية اللازمة. وهنا، يطرح السؤال عن مصدر هذه الاموال الذي ما زال لغزاً.
قتل سليماني وتدهور الاقتصاد وتفشي كورونا.. هل بدأ النفوذ الإيراني بالتقلص في العراق؟
تثار العديد من التساؤلات عن مستقبل العلاقة بين إيران والعراق، بعد قتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بغارة أمريكية قرب مطار بغداد، وتصاعد قوة التيار المناهض. منقذ داغر الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، اعتبر أن قتل سليماني كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير.