الظواهري غاب محتوىً وصورة
لم يأتِ الإصدار الأخير لمؤسسة السحاب بجديد ولم يجب عن سؤال ما إذا كان الظواهري حيّاً أم ميتاً؛ وإن كانت طريقة الإخراج تشي بأن التسجيل قديم أعيد تدويره.
الإصدار الذي بثته مؤسسة السحاب الذراع الإعلامية الرسمية للقاعدة المركزية في خراسان – باكستان وأفغانستان – مساء الجمعة ١٢ مارس ٢٠٢١، جاء بعنوان: “الروهينجا جرحُ الأمةِ كلها”.
من الإحدى وعشرين دقيقة مدة الفيديو، تحدث الظواهري خمس دقائق فقط! لم يظهر وجاهياً وإنما بُث صوته على صورة ثابتة له من تسجيل قديم وأحياناً على مقتطفات أرشيفية.
رافق البث تفريغا بالعربية وترجمةً بالإنجليزية، وتخلله تعليق على مسائل متعلقة بالعنوان.
هذا التعليق هو الذي أشار إلى الانقلاب الأخير في ميانمار الذي أطاح بحكومة أونغ سان سوتشي في ١ فبراير ٢٠٢١.
الظواهري لم يشر إلى أي حدث قد يدل على زمان قريب لتسجيل كلمته الصوتية، بل إنه في مداخلته الثانية، يشير إلى “حكومة ميانمار الديمقراطية،” وهي الحكومة حقيقة التي وقع عليها الانقلاب.
لم يشر الظواهري إلى الانقلاب وعودة العسكر بل أشار إلى كيف أن الدول الغربية لم تفرض عقوبات على حكومة سوتشي أو “تشن ضدها الحملات، ولم تحشد ضدها التحالفات، رغم أن الجريمة ثابتة بالصور والأصوات والأشلاء والدماء.” المُعلّق كان يلتقط آخر كلام الظواهري ويتابع بما له علاقة بما يحدث اليوم.
آخر ظهور للظواهري
آخر ظهور موثق للظواهري كان في فبراير ٢٠٢٠، في الصفحة ١٢ من تقرير الأمم المتحدة عن الوضع في أفغانستان والمنشور في مايو ٢٠٢٠، تذكر فقرة أن الظواهري “التقى أعضاء من شبكة حقّاني في فبراير ٢٠٢٠” وأن “حافظ عزيز الدين حقّاني ويحيى حقّاني استشاراه بشأن الاتفاق مع أمريكا وعملية السلام؛ حيث أن يحيى حقّاني ظل نقطة الاتصال الرئيسة بين شبكة حقّاني والقاعدة منذ منتصف العام ٢٠٠٩.”
في سبتمبر الماضي، بثت السحاب كلمة للظواهري، أو بالأحرى فيديو تحدث فيه الظواهري كضيف ضمن تعليق كان المتحدث الرئيس فيه هو معلّق السحاب.
في الفيديو الذي عُنون “صفقة القرن” لم يأتِ الظواهري على ذكر لفظ “صفقة القرن” مرة واحدة وكأن العنوان أقحم أو على الأقل وُضع بعد الحديث.
في ذلك الفيديو، ذكر الظواهري ثلاثة أحداث ترتبط بتاريخ نقل واشنطن سفارتها إلى القدس في مايو ٢٠١٨، وعقد ندوة المنامة في يونيو ٢٠١٩؛ وتقرير بُث على محطة عربية في يوليو ٢٠١٩.
خلاف ذلك، لم يأتِ الظواهري على ذكر أحداث لها علاقة بما كان يجري في ذلك الوقت، سبتمبر ٢٠٢٠.
قبل هذا الإصدار، تحدث الظواهري في “سلسلة” بدأت في ديسمبر ٢٠١٩ بعنوان “معاً إلى الله” ويتعلق بمفاهيم عقدية مثل الإلحاد والوجود، وربما كان ذلك آخر ظهور إعلامي حقيقي للظواهري.
حفظه الله/رحمه الله
لفت الصحفي وسيم نصر إلى أن الإعلان عن قرب بث الفيديو لم يُلحق لفظ “الظواهري” بـ “حفظه الله” كما جرت العادة، واستذكر أن مؤسسة الملاحم الذراع الإعلامية للقاعدة في اليمن نشرت كلمة لقاسم الريمي في ٢ فبراير ٢٠٢٠ يتبنى فيها هجوم بنساكولا.
توقيت الكلمة كان بعد أن أعلنت أمريكا قتله في يناير، لاحظ نصر أن الإعلان في ذلك الوقت خلا من لفظ “حفظه الله” أو طبعاً “رحمه الله.” بعد ذلك الإصدار بأسبوعين أكدت القاعدة قتل الريمي وتعيين باطرفي خلفاً له.
حيّاً أم ميتاً غير مهم
الخلاصة هي أن أنصار القاعدة الذين يأملون في ظهور دليل على أن الظواهري لا يزال “موجوداً” على رأس التنظيم، لن يجدوا ضالّتهم في هذه الفيديو، والأهم هو أن حياة الظواهري أو موته لم يعد أمراً ذا صلة في قيادة التنظيم الغارق في الفوضى من غرب إفريقيا إلى أفغانستان.
فلو افترضنا أن الظواهري حيٌّ يُرزق، فمن الأولى بالتوجيه الآن؟ أليس في مأرب مثلاً، آخر معقل للسنة في شمال اليمن، ما يستدعي الأولوية في توجيه الأفراد؟ أليس في الضربات المتلاحقة التي يتعرض إليها بقايا حراس الدين في شمال سوريا ما يستدعي التوجيه؟
من بات يُشرف على السحاب الآن بعد تآكل قيادات القاعدة من الصف الأول لا يسدي التنظيم وأنصاره أي جميل بتدوير فيديوهات واستخدام مقاطع صوتية تصلح لأي زمان ومكان.
إن كانوا يظنون أنهم بذلك يرفعون معنويات أنصار التنظيم، فهم واهمون.