إتفاق الصين وإيران السرّي احتيال على العقوبات وصكّ غفران من دم الإيغور
اتفاق الصين وإيران الذي تم ابرامه مطلع هذا الأسبوع , ما هو إلا اتفاق مبهم جديد وخطوة مليئة بالغموض تخطوها الصين في طريق الحرير الذي تريد من خلاله أن تحوط به أرجاء الأرض .
يبدأ الدرب الجديد لنفوذ الصين هذه المرة فوق أرض إيران باتفاقية شراكة استراتيجية تم عقدها لتستمر على مدار ٢٥ عاما ، لم ينشر أي من البلدين بنود الاتفاق , ولكنه يبدو كخطوة صينية لإغراء ايران بالتحايل على العقوبات الدولية مقابل استيلاء الصين على نفطها, وترك قوة عسكرية صينية على أراضيها.
الاتفاقية عقدت في الظلام حتى أن الشعب الإيراني نفسه لم يتطلع عليها, ولم يصوت أعضاء البرلمان بالموافقة أو الرفض.
“أخبار الآن ” استطلعت آراء المواطنين الإيرانيين حول اتفاق الصين وإيران ،فماذا قالوا ؟
شابة إيرانية عن اتفاق الصين وإيران : الأمر يبدو وكأنه عملية تسليم جزر إيران للصين
”عندما تكون الأمور غير واضحة وهو ما أعتقد أنه يضر ببلدي ، فإن الأمر يمكن اعتباره بيعا للوطن ولأرضه ، ولهذا السبب ، لا يفصحون عن بنود هذا العقد حتى لا يحتج الناس, ويستطيعوا بطريقة ما بيع البلاد، لذا فمن مصلحتهم التعتيم على هذه البنود.”
كلمات هذه الشابة الإيرانية التي تبلغ من العمر 24 عاما جاءت لتعبّر عن استياء جيل كامل بات معدوم الثقة في حكام البلاد.
تضيف الفتاة العشرينية “أنا ضد استغلال الجزر. لأن الأمر يبدو وكأننا نسلم كل جزرنا إلى الصين ولم نعد نمتلكها. جزر قديمة جدًا وذات قيمة كبيرة بالنسبة لنا، لأنها تعتبر وطننا. أنا أيضا ضد وجود القوات العسكرية ، لأنه إذا كان الجميع يتذكر ، فإن دولًا مثل العراق وأفغانستان كانت متورطة في وجود قوات عسكرية أجنبية على أرضها لسنوات عديدة. إن دولا مثل الصين وروسيا تريد بطريقة ما غرس الشيوعية ومبادئها في البلاد ، وذلك يضر بالبلد كثيرا”.
اضافت الشابة العشرينية أنها ليست مع اتفاق الصين وإيران بسبب حالة الغموض التي تشوبه, وعدم نشر أي من بنوده.
وبينما يتغنى النظام الحاكم في إيران بأن الاتفاق الصيني – الإيراني الأخير يجلب كل الخير للبلاد ، فإن الشباب يتساءل إن كانت هذه الحكومة تستطيع فعل أي خير للبلاد, فلماذا لا تصنعه بيدها ، لماذا تأتي بيد الصين؟
ويقول أحد الشبان الإيرانيين الذين التقتهم “أخبار الآن” في شوارع طهران : “حسنًا ، هذه البنود ليست في مصلحتنا مائة في المائة. فإذا كان من المفترض أن يكون ذلك العقد في مصلحة إيران ، فقد كان حريا أن يفعل النظام شيئا نافعا للشعب. إذا كان من المفترض أن يكون هناك عقد لاستغلال ثروات البلاد ، فلماذا لا يكون من الداخل ، وبوجه عام, فإن أي دولة لديها موارد كبيرة هي أكثر عرضة للوقوع تحت الاحتلال ، مثل الهند وأفريقيا وإيران . أضاف: ” لماذا يجب أن نكون محتلين دائما لماذا؟”
الشباب الإيراني قلق من وجود قوة عسكرية صينية على أرض إيران
ويفسر الشاب كلامه عما يعتبره احتلالا فيقول “في الواقع ، حقيقة أن قوات عسكرية أجنبية ستدخل إيران ووفقا لاتفاق الصين وإيران علينا وضعها بين قوسين. كل هذه القوى التي ستدخل بحاجة إلى استثمارات ، يحتاجون إلى العمل ، وكل ذلك يترتب عليه تكلفة عالية ، الآن حقيقة أن النفط سيتم تصديره هو أحد البنود المدمرة في هذا الاتفاق ، لكن حقيقة أن قوات آجنبية ستقوم باستيراده فهو أمر يثير المزيد من التساؤل..
وفي النهاية لم يستطع الشاب اعطاء رأيه عن اتفاق الصين وايران قائلا ” أنا لا أستطيع إعطاء رأي جاد في تلك الاتفاقية لأن بنودها لم تنشر ولا نعرف ماهيتها وتفاصيلها . لكن من المؤكد أن الأمر يتجاوز بكثير مجرد تصدير النفط واستيراد القوة العسكرية , ما زالت هناك أشياء أخرى كثيرة في بنود هذه الاتفاقية لا نعرف عنها شيئًا.”
بينما يرى شاب إيراني آخر أن تاريخ اتفاقيات إيران حول النفط لا يدعو للتفاؤل بسبب خطورة كل الاتفاقيات السابقة ، ويقول “كما ترى ، فإن ما يطلق عليه اتفاق الصين وإيران السري ، الذي لم يتم الكشف عن شروطه بعد ولا يُعرف أي شيء عنه ، لنحدد ان كان يضر بنا أم أنه لمصلحتنا ، تستطيع ان تصف شعوري بعدم التفاؤل ، انه عدم التفاؤل على مدار تاريخنا ، حيث آن العقود الداخلية التي وقعتها شركات إيرانية في مجال النفط ، منذ زمن قاجار حتى الآن ، جعلت الناس يخافون، كما أن عقد النفط بين إيران وبريطانيا والمعاهدات الأخرى التي أبرمناها في فترات تاريخية مختلفة جعل الناس أشد خوفا. اننا ننتظر لنرى ما إذا كان سيتم توضيح شروط هذه الاتفاقية. وما هي الأضرار أو الفوائد التي يمكن أن تجلبها لنا.”
إنخفاض شعبية الحكومة الإيرانية في الشارع عزّز عدم الثقة بالاتفاقية
ويعرب شاب ثالث عن قلقه إزاء موافقة إيران على اصطحاب الصين لقوة عسكرية تدخل تحت ذريعة حماية عملية نقل النفط الإيراني, قائلا : “حسنًا ، كما ترى ، نحن نوقع وثيقة تعاون مع الصين تحت مسمى اتفاق الصين وإيران , ما يخافه الناس ويقولون إنهم يأخذونه له بعد شعبوي. نحن نوقع اتفاقية تعاون ، والآن ليس من الواضح ما هي محتويات وأقسام تلك الاتفاقية، لكن الأكيد أنه عندما يكون لديك اتفاقية تعاون كهذه مع قوة أجنبية ، فإنك عادة ما تمنحهم سلسلة من التنازلات وسلسلة من العروض لهم , وتسهل عليهم هذه المسألة. فيصبح من الطبيعي أن يأخذوا النفط من الخليج ، ومن الطبيعي أن تكون البلدان التي لديها ناقلات نفط لديها مرافقون عسكريون من جيشها لهذا النفط بشكل أساسي. لذا يطرح السؤال نفسه ، هل أصبح جيشنا ضعيفًا لدرجة أن الصين تريد جلب جيشها لمرافقة ناقلة النفط؟
ويوضح الشاب العشريني أنه ليس ضد تواصل بلاده مع العالم الخارجي ، بل انه يرحب به مع كل الدول , ولكنه يعترض على ما يصاحب التقارب الإيراني الصيني حيث قال: “التواصل مع العالم شيء جيد، وأعني مع الجميع. لكن ماذا لو كانت تلك الدولة تريد المجيء ودخول البلاد وجلب قوتها العسكرية معها وأخذ النفط؟ اذن فالموضوع لا يتعلق بعلاقات ثنائية بين بلدين” .
يضيف الشاب ” من المؤكد أن أحد الأسباب الرئيسية للخوف من تلك الاتفاقية هو ردود الفعل التي لدينا لدى الشعب لأن شعبية الحكومة الإيرانية الحالية منخفضة داخل المجتمع الإيراني ، والآن فإن أي عقد أو أداء لديها بالتأكيد سيتم انتقاده ولن يتم التعامل معه بشكل جيد. ضف إلى ذلك سبب آخر , وهو البنود المبهمة التي لم يعلن عنها من الجانبين الإيراني والصيني .”
الجيل الأكبر سنا أكثر غضبا .. النظام الإيراني عبارة عن عقود من الخذلان وعدم الثقة
بعض المواطنين ممن تتجاوز عمرهم سن الشباب التقتهم “أخبار الآن” ليعبروا عن غضب شديد محمّل بمرارة التجربة من مواقف سابقة عاشوها وعانوا فيها من خذلان النظام الإيراني على مدار أعوام ، فيقول أحدهم “بالنظر إلى السرية الشديدة التي تمارسها الحكومة في هذا الشأن باصرارها على عدم نشر بنود الاتفاقية ،إضافة للحديث المتداول عن أن الصين تعارض نشر نص هذه الاتفاقية علنًا ، فلا أعتقد أن الاتفاقية في مصلحة البلد” .
أضاف: ” أنا أقول جملة واحدة فقط ، هذه الاتفاقية تشبه اتفاقية تركمانشاي سيئة السمعة, فقد تمت دون ابلاغ الشعب أو حتى موافقة اعضاء البرلمان. لم يتم إجراء استفتاء لمعرفة ما إذا كان الشعب يوافق على الاتفاق أم لا , وهذا العقد غير مقبول في رأيي . وفي غضون 10 إلى 15 يومًا ، يتعين على الناس الخروج إلى المدن والتعبير عن اعتراضهم ورفضهم لهذه الاتفاقية المشينة.”
ويتحدث رجل آخر يعلو الشيب رأسه معبرا عن خبرة أعوام مع الانكسارات والخذلان, فيصف اتفاق الصين وإيران بلهجة يغلب عليها الحزم “رأيي أن كل هذا حدث لأنهم خونة. هذه عملية بيع للوطن. أعلم أني اتحدث بغضب فسامحوني، آمل أن يبيعوا زوجاتهم وأطفالهم يومًا ما , هؤلاء الناس خونة ووقد خانوا أمة إيران كلها . هذه الأمة لم تعد نائمة ، والجميع متيقظون ، لكن لا يمكنهم فعل أي شيء حيال الحكومة. لا يوجد شيء يمكنهم القيام به تجاه هؤلاد الذين يعملون لمصلحتهم الخاصة، فقط لمصلحتهم الخاصة. آمل أن يلحق هؤلاء بمن سبقهم من الرؤساء المستبعدين ، لأنهم لم يعودوا مؤهلين للاستمرار في الحكم .”
وعقب توقيع اتفاق الصين وإيران خرجت التصريحات الإيرانية لتبرئ النظام الصيني من دم “الإيغور” حيث نفى سفير إيران لدى الصين رضا كشاورز زاده التقارير المتعلقة بـ”الإبادة الجماعية” لمسلمي الإيغور على يد الحكومة الصينية، قائلاً إن إجراءات الحكومة الصينية أدت إلى أن يتمتع المسلمون في هذه المنطقة بـ”حياة أفضل”.