قلق من تفاقم الأزمة الإنسانية بعد ثوران بركان غوما ورئيس الكونغو يدافع عن قرار إخلاء المدينة
حذر الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي من خطر الأوضاع في مدينة غوما، بعد ثوران بركان نيراغونغو وإجلاء مئات الآلاف بشكل مفاجئ من عاصمة منطقة شمال كيفو بشرق البلاد، لكنه أكد أن الأمور تحت السيطرة، في حين تتزايد المخاوف من حدوث أزمة إنسانية حادة.
وتتعرض الحكومة لسيل من الانتقادات قيما يتعلق بالوضع الإنساني، حيث غادر نحو 400 ألف من السكان مدينة غوما، بعد ثوران بركان نيراغونغو وخلال أسبوع من الهزات الارتدادية المتلاحقة.
إنذار كاذب
ولم تتوقف المأساة عند هذا الحد، بل زادت الحكومة الطين بلة عندما قالت خطأ إن بركان مورارا الذي يعتبر فوهة في بركان جبل نياموراغيرا على بعد 25 كيلومترا شمال غوما ثار صباح السبت، قبل أن تعلن أن “إنذارًا كاذبًا” كان وراء النبأ الذي أثار حالة رعب عقب أسبوع من انفجار بركان نيراغونغو الذي تسبب بدمار واسع وموجة نزوح كبيرة.
وأكد مرصد البراكين في غوما أنه بينما يُلحظ “نشاط مكثف” في بركان نياموراغيرا الثاني، غير أنه “لم يحدث ثوران بركاني” فيه.
وفي المساء، قال الرئيس الكونغولي إن الوضع في غوما “خطر بالتأكيد، لكنه تحت السيطرة”.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي أنه “كان من الضروري للغاية إخلاء المدينة”، في إشارة إلى الإخلاء المفاجئ الذي أمر به الخميس الماضي، بينما “ما زلنا حتى الآن لا نعرف ما يمكن أن يحدث”.
وقال “غادر النازحون في أعقاب وضع غير مسبوق: الانفجار نفسه لم يتوقعه أي مرصد في العالم …، لم يره أحد، مثل هذه الأمور تحدث. … إن تدفق الحمم البركانية تحت الأرض فتح الباب أمام العديد من الفرضيات، وكلها كانت تهدد حياة مواطنينا في غوما، وكان من الضروري جدًا إخلاء المدينة”.
وقال “أفضل أن أضطر إلى رعاية الأهالي المشردين، بدلاً من أن يهلكوا جراء كارثة طبيعية”.
عقد تشيسكيدي اجتماعا لمجلس الوزراء الجمعة دعا فيه الحكومة إلى “مضاعفة جهودها لإدارة الوضع الإنساني بشكل أفضل” بعدما تصاعدت الانتقادات بشأن استجابة الحكومة للكارثة.
وكتبت صحيفة إيكو نيوز: “كان لدى السكان انطباع بأنهم متروكون لمصيرهم المحزن”، في ما وصفته بأنه “مثال ممتاز على أن الدولة غير موجودة”.
وكتبت حركة المواطنين لوتشا على تويتر “قررت الدولة إجلاء سكان غوما ونيراغونغو من دون تقديم أي مساعدة”.
تسجل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في منطقة يمزقها العنف منذ ثلاثة عقود. وتفيد منظمات الإغاثة في المنطقة، أن الأمر العاجل هو توفير مياه الشرب.
61 زلزالا هزت غوما
عاشت المدينة الواقعة على ضفاف بحيرة كيفو في ظل نيراغونغو، البركان الأكثر نشاطا في إفريقيا، في حالة رعب منذ ثار أي قبل أسبوع.
حينها قذف البركان أنهارا من الحمم التي أودت بحياة نحو ثلاثين شخصا ودمرت منازل نحو عشرين ألف شخص قبل أن يهدأ. ومنذ ذلك الحين، سجل العلماء مئات الهزات الارتدادية لكن مرصد البراكين قال السبت إنها تراجعت بشكل كبير من حيث العدد والشدة خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية.
وقال مرصد غوما للبراكين في تقريره الأخير السبت إن 61 زلزالا هزّت المنطقة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.
ولكنه أوضح أن الهزات “متسقة مع حركة الصهارة المستمرة في نظام صدع نيراغونغو باتجاه بحيرة كيفو”.
وحذر العلماء من سيناريو كارثي محتمل يتمثل في ثوران في عمق البحيرة حيث تمتزج الحمم بالمياه العميقة فتؤدي إلى إطلاق غاز خانق يغطي منطقة واسعة. ويشير خبراء البراكين إلى أن حدوث انفجار بركاني تحت البحيرة هو السيناريو الأسوأ.
فمن شأن حادثة كهذه أن تطلق آلاف الأطنان من ثاني أكسيد الكربون المذابة حاليا في أعماق المياه. وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع الغاز فوق سطح البحيرة ليشكل سحابة غير مرئية تخيّم فوقها على مستوى الأرض وتؤدي إلى إزالة الأكسجين وبالتالي خنق أي كائنات حية.
ولكن مرصد غوما قال إن هناك احتمالًا ضئيلًا بحدوث “انزلاق أرضي أو زلزال كبير يزعزع استقرار المياه العميقة في البحيرة ويتسبب بانبعاث غازات ذائبة”، وإن كان “غير مستبعد”.
وتحدث المرصد عن ثلاثة سيناريوهات محتملة للأيام المقبلة، تظل الصهارة في اثنين منها تحت الأرض – سواء استمرت الهزات أم لا. أما في السيناريو الثالث، فتتسبب الهزات الأرضية بصعود الحمم البركانية إلى السطح، ربما عبر شقوق تؤدي إلى تصدع الطرق في غوما.
غادرت نحو 80 ألف أسرة، أو نحو 400 ألف شخص المدينة منذ الخميس بعدما صدر أمر إخلاء “وقائي”.
والسبت، بدت غوما هادئة حيث شوهد عدد قليل من السيارات في الشوارع شبه المقفرة بينما لم تفتح سوى بضعة متاجر، وفق مراسل فرانس برس.
أزمة إنسانية
توجه معظم الفارين إلى ساكي، على بعد حوالى 25 كيلومترا غرب غوما حيث يتجمّع عشرات الآلاف حاليا أو إلى الحدود الرواندية في الشمال الشرقي، بينما فر آخرون بالقوارب عبر بحيرة كيفو.
ولجأ حوالى عشرة آلاف شخص إلى بوكافو على الضفة الجنوبية لبحيرة كيفو حسب حاكم المنطقة تيو نغوابيدجي، وتم إيواء كثيرين منهم لدى أسر مضيفة.
ولجأ نحو 3000 شخص من غوما إلى مخيم موقت في روجيريرو، على بعد حوالى 10 كيلومترات عند الحدود الرواندية.
وقال مسؤول في حكومة رواندا في روجيريرو لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته، إن ما يقدر بنحو 1200 منهم غادروا السبت للعودة إلى غوما. وشوهدت شاحنات عسكرية تنقل لاجئين إلى الحدود.
وقال الرئيس الرواندي بول كاغامي ليل الجمعة إن الفارين بحاجة إلى “دعم عالمي عاجل” في مواجهة الأزمة الإنسانية، مؤكدا أنه يشعر “بقلق كبير”.
وقال عامل البناء وليام بيوكوسينغي لوكالة فرانس برس “إذا ثار مرة أخرى، سنعود الى رواندا”.
لكن ماري كلير أوينيزا وهي من بين من تم إجلاؤهم، قالت إنه ليس لديها مكان تذهب إليه. وقالت المرأة البالغة من العمر 39 عامًا وفرت مع اثنين من أطفالها: “لقد احترق منزلي ولم يبق لي شيء”.
وقال أحد ضباط الجمارك بأسى السبت: “أحيانًا تكون الحرب هي السبب، والآن البركان”.