الرئيس الصيني يعترف بعزلة بكين بعد انتشار فيروس كورونا
دعا الرئيس الصيني، الإثنين، إلى تحسين الاتصالات الدولية مع العالم لإصلاح صورة البلاد التي تضررت من فيروس كورونا، ومن أجل الفوز بحرب الروايات مع الولايات المتحدة وحلفائها.
تصريحات شي جين بينغ جاءت في جلسة دراسة للمكتب السياسي في الحزب الشيوعي الحاكم، بعد تعميق الخلاف مع واشنطن ومع التصورات السلبية المأخوذة عن الصين والتي وصلت إلى مستويات قياسية في أجزاء كثيرة من العالم، وفق ما ذكرت “صحيفة جنوب الصين الصباحية“.
وهذه ليست هي المرة الأولى التي يدعو فيها الرئيس الصيني أعضاء الحزب ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة، إلى “إخبار قصص جيدة عن الصين” للعالم وتقديم البلاد في سياق إيجابي.
لكن مراقبين صينيين قالوا إن دعوته الأخيرة كانت اعترافًا نادرًا بعزلة بكين التي تفاقمت بسبب دبلوماسية “الذئب المحارب” والدعاية غير الفعالة وحملات التأثير في الخارج.
تحسين الصورة العالمية للحزب الشيوعي الصيني
وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، الثلاثاء، أن شي جين بينغ سلط الضوء على الحاجة الملحة “لخلق رأي عام خارجي إيجابي” وتكثيف الاتصالات بهذا الشأن “في ظل الوضع الجديد” لضمان صعوده.
وقال للمكتب السياسي في الحزب الشيوعي الحاكم “من الضروري تسريع بناء الخطاب الصيني ونظام السرد الصيني، واستخدام النظريات الصينية لتفسير الممارسات الصينية”.
سيكون التركيز على تحسين الصورة العالمية للحزب الحاكم ومواجهة الانتقادات بشأن سياساته القمعية في البلاد.
وقال بينغ “من الضروري إعطاء دور أفضل لخبراء رفيعي المستوى واستخدام المنصات والقنوات مثل المؤتمرات والمنتديات الدولية الهامة ووسائل الإعلام الأجنبية الرئيسية للتحدث علانية”.
وحدد الزعيم الصيني الأهداف من خلال بناء فريق من المهنيين الذين يمكنهم تلبية احتياجات الاتصالات الدولية للبلاد وتبني طرقية جديدة للتواصل مع الجماهير المختلفة.
ونقل عنه قوله: “من الضروري تكوين صداقات ، والتوحد ، وكسب الأغلبية ، وتوسيع دائرة الأصدقاء باستمرار “عندما يتعلق الأمر” بالرأي العام الدولي”.
وتعمل بكين على صد ما تعتبره روايات غربية منحازة بشكل أساسي ومشاعر سلبية، من تحميل الصين السبب في انتشار كوفيد -19، ومواجهة جهود الولايات المتحدة لتشكيل تحالف ضد الصين بسبب سياساتها في شينجيانغ و هونغ كونغ ومواقفه العدوانية على تايوان وبحر الصين الجنوبي.
“السلوك العدائي” هو السبب
ونقلت “صحيفة جنوب الصين الصباحية” عن أستاذة العلوم السياسية في جامعة نانجينغ، جو سو قوله إن الاتصالات الضعيفة والدبلوماسيين الذين لديهم سلوك عدائي يعيقون جهود الصين لإصلاح صورتها.
وأضاف “يبدو أن تصريحات شي جين بينغ مرتبطة بتحرك واشنطن لإطلاق تحقيق دولي في أصول فيروس كورونا لاستهداف الصين، التي اكتسبت زخما في الأسابيع الأخيرة”.
تتصاعد معركة بكين وواشنطن للسيطرة على الروايات العالمية منذ حرب تجارية اندلعت في عام 2018، وتصاعد الخطاب حول دبلوماسية الوباء واللقاحات.
من جهته، قال المحلل السياسي الموجود في بكين وو تشيانغ إن الصين من غير المرجح أن تتخلى عن أسلوبها الدبلوماسي العدواني، وفق ما نقلت الصحيفة.
وأضاف”تواجه الصين أسوأ عزلة دولية منذ الإصلاح والانفتاح في أواخر السبعينيات، لكن يبدو أن القيادة لم تكن قادرة على إيجاد أي حلول”.
وتابع تشيانغ “اعترف شي جين بينغ بشكل واضح بفشل الاتصالات الخارجية للصين وعزلة البلاد، والتي يمكن أن تُعزى إلى افتقار بكين للاستراتيجيات المتعلقة ببث خطاب مقنع حول القصص الجيدة عن البلاد”، مضيفا “لكنني لا أعتقد أنه سيكون هناك أي تغيير في النهج الدبلوماسي الحازم بصرف النظر عن بعض الضبط الدقيق.”
منذ أن تولى شي جين بينغ منصبه في عام 2012 – وخاصة مع تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة – استثمرت بكين بكثافة لتشجيع وسائل الإعلام الحكومية على التوسع في الخارج.
ونقلت “صحيفة جنوب الصين الصباحية” عن خبير طلب عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مصرح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام “يمكن النظر إلى “تصريحات شي جين بينغ” على أنها تقييم عام للرأي العالمي بشأن الصين، وهو أمر بعيد عن أن يكون مرضيا”.
وتابع “في حين أنه من الجيد أن يدرك قادة الدولة المشكلات التي نواجهها، سيكون من السذاجة توقع أن تُحدث وسائل الإعلام فرقًا كبيرًا في كيفية النظر إلى الصين في جميع أنحاء العالم.”
وأكد جو سو هذا الرأي، قائلا إن هناك حاجة إلى إصلاح شامل للسياسة الخارجية، وإن تحسين استراتيجية الاتصالات لن يكون كافيا بالنسبة للصين لتحسين العلاقات مع الدول الأخرى.
دبلوماسية “الذئب المحارب”
وكانت الصين تبنت خلال السنوات الماضية دبلوماسية جديدة اطلق عليها اسم دبلوماسية “الذئب المحارب”، حيث سيظهر المسؤولون الصينيون مواقف أكثر صرامة اتجاه الانتقادات الموجهة إلى بكين.
وبحسب وكالة فرانس برس، فإن “دبلوماسية الظل” الصينية لم تعد موجودة، وهي الدبلوماسية التي تبناها الزعيم الصيني الراحل دنغ شياوبينغ، القائل إن بكين يجب أن “تخفي قوتها وتتمهل”.
وأظهرت بكين خلال الفترة الماضية، صرامة واضحة اتجاه الانتقادات التي وجهت لها فيما يتعلق بطريقة تعاملها مع الوباء، الذي ظهر في ووهان ديسمبر 2019.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يى “نحن لا نختار القتال أبدا ولا نستقوي على الآخرين ولكن في الوقت نفسه لدينا مبادئ وشجاعة”.
وتابع “سنقاتل بالتأكيد ضد أي افتراء خبيث للدفاع عن الشرف والكرامة الوطنيين”.
وجاء لقب “الذئب المحارب” من عنوان فيلم صيني حول جندي من القوات الخاصة مهمته قتال المرتزقة الأجانب.
بايدن يطلب من الاستخبارات تقريرا عاجلا حول أصل وباء كورونا
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن أمر خلال الأيام الماضية، هيئات الاستخبارات بإعداد تقرير حول أصل فيروس كوفيد-19 مع استمرار الجدل حول ظهوره، وما إذا كان قد سرب من أحد المعامل في الصين.
وطلب بايدن من هيئات الاستخبارات الأمريكية “مضاعفة جهودها”، وتقديم تقرير له في غضون 90 يوما.
وتعليقا على هذه الخطوة، أدانت الصين هذه المساعي الأمريكية.