لماذا حجّمت الصين الملياردير جاك ما؟
- الصين تحاول تحجيم الأشخاص النافذين في البلاد وضرب نموهم
- جاك ما كان من المنتفضين على الواقع وانتقد أداء السلطات متهماً إياها بـ”خنق الابتكار”
- الصين تهدف بالدرجة الأولى إلى ضرب كل من لا يخضع تماماً لمصالح الحزب الشيوعي الصيني
- جاك ما أغفل أنّ المصارف في البلد الصيني، توزع القروض بأمر من الحزب الشيوعي
تسعى الصين إلى تحجيم الأشخاص الذين يحظون بنفوذ واسعٍ في البلاد، كما تهدف إلى ضربِ نموّهم وجعلهم تحت سيطرة السلطات الفعلية.
وواقعياً، فإنّ أبرزَ دليل على ذلك هو ما حصل مع الملياردير جاك ما، مؤسس مجموعة “علي بابا” التي حظيت بنجاح كبير وباتت من أبرز الشركات في الصين وحول العالم.
استهداف وتحجيم
ووسط كل هذا النفوذ، شاء جاك ما أن ينتفضَ على الواقع المفروض في البلاد، واعتبر أن السلطات تساهم في خنق الابتكار، كما انتقد النظام المصرفي التقليدي. ومنذ ذلك الحين، بدأت الحرب الفعلية على “إمبراطور علي بابا”، وانطلقت عملية تحجيمه كما أنه اختفى لفترة قصيرة أواخر العام الماضي.
وبشكل أساسي وواضح، فإنّ الصين تهدف بالدرجة الأولى إلى ضرب كل من لا يخضع تماماً لمصالح الحزب الشيوعي الصيني، وما تبيّن هو أن جاك ما بات يتمرّد على تلك المصالح ويسعى لتكريس مفاهيمه التي تتعارض مع تلك التي ترسيها السلطات. ووسط كل هذا، فإنّ بكين تريد أيضاً احباط نجاح كل الأشخاص الذين ينتقدون سياساتها خصوصاً في الاستثمارات.
وفي الواقع، فإنّ الحزب الشيوعي الصيني يريد توضح أن جاك ما ليس أكبر من الحزب، خصوصاً أن نفوذ شركته بات يؤثر على الصينيين، وقد باتت “علي بابا” شركة مؤثرة في الداخل الصيني. وهنا، انتفض الحزب الحاكم، وأراد أن يضع الحدود لجاك ما من خلال سلسلة من الاجراءات، بدءاً من التحقيق معه وصولاً إلى تقييد شركته الجديدة “آنت غروب”.
وخلال كل المراحل الماضية، كان ما عزّز صورته كمُتمرّد يقاتل النظام الصيني، ودائماً ما كان يدعم وجوده وقوته في المعارك التي يخوضها، كما أن شركاته اشتبكت مع مجموعة كبيرة من الكيانات القوية خصوصاً تلك المدعومة من الدولة. وشهدت العلاقات بين رجل الأعمال الشهير وحكومة بلاده سنوات من الشد والجذب بسبب النمو السريع لشركاته التي تعمل في المجال الرقمي والتكنولوجي.
وتعتبر القضية التي يواجهها جاك ما دليلاً واضحاً على أن الحزب الشيوعي الصيني يريدُ إحكام سيطرته على الشركات، وجعلها خاضعة لسيطرته بشكل كامل والتحّكم بها كما يحلو له. كذلك، فإنّ هذه الشركات لا تتمكن من رفض أي طلب للحزب، ما يجعل منتجاتها خصوصاً التقنية تحت سيطرة الحزب الذي يمكنه استخدامها لأغراض خبيثة.
عقاب
ومن دون أدنى شك، فإنّ ما عوقب بعدما أدلى برأي يخالف ما درج عليه رجال الأعمال في بلده. ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انتقد ما النظام المصرفي الصيني، إذ اعتبر أنّه يقدم قروضاً مقابل رهون، ما يعيق الابتكار.
وأعرب ما عن رأيه هذا خلال قمة نظمت بشنغهاي، حضرتها نخبة الفاعلين في العالم، بالإضافة إلى محافظ البنك المركزي الصيني، ورئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير، والمدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي، والحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد جوزيف ستيغليتز.
ويعتبر جون فرانسوا دوفور، مدير شركة استشارة متخصصة في الصين ومؤلف كتاب حول كواليس الرأسمالية الصينية، أنّ جاك ما، أغفل أنّ المصارف في البلد الصيني، توزع القروض بأمر من الحزب الشيوعي”.
ولفت إلى أنّ “الرأسمالية الصينية، ظهرت بتأطير من الحزب الشيوعي، إذ لا يمكن أن يقبل بظهور رجال أعمال، يمكنهم أن يعيدوا النظر في قواعد اللعب التي سنّها الحزب، الذي لديه مراقبون في الشركات والمصارف”.
ولا يكفّ مراقبون عن التذكير برجال أعمال ومسؤولين في مصارف تراجعوا إلى الظلّ أو حوكموا، في غالب الأحيان، بتهمة الفساد، ما يعني أنّ الحزب يراقب الشركات والمؤسسات المالية التي تتوفر على حضور اقتصادي وازن أو تتوفر على بيانات استراتيجية، حتى لا تظهر كأقطاب سلطة إلى جانب الحزب.
شاهد أيضاً: الصين تواصل مساعي إخفاء حقيقة ما يدور في شينجيانغ