رئيسي: نرفض إجراء “مفاوضات من أجل المفاوضات”
أعلن المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي الإثنين في مؤتمره الصحافي الأول بعد انتخابه رئيسا للجمهورية الإسلامية في إيران، رفضه إجراء “مفاوضات من أجل المفاوضات” في شأن الملف النووي، أو عقد لقاء مباشر مع الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وفي لقاء شهد حضورا إعلاميا محليا وخارجيا كثيفا، حدد رئيسي (60 عاما) الخطوط العريضة لسياسته لا سيما الخارجية منها، مؤكدا عدم وجود عقبات من جانب إيران تحول دون عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية.
وأكد رئيسي الذي تولى رئاسة السلطة القضائية منذ العام 2019 ويعد مقربا من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، أنه لطالما دافع عن حقوق الانسان، في ردّ على اتهامات موجهة اليه من معارضين في الخارج ومنظمات حقوقية، بأداء دور في إعدامات خلال ثمانينات القرن الماضي.
ومن المقرر أن يتولى رئيسي مهامه في آب/أغسطس خلفا للمعتدل حسن روحاني، بعدما حاز نحو 62 بالمئة من أصوات المقترعين في الانتخابات التي أجريت الجمعة وشارك فيها 48,8% من إجمالي عدد الناخبين، وفق الأرقام الرسمية.
وكانت نسبة المشاركة هذه الأدنى في انتخابات رئاسية تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها عام 1979.
وأشاد رئيسي اليوم بـ”حضور كثيف” في مراكز الاقتراع “رغم الحرب النفسية التي شنّها أعداء إيران”، في إشارة الى دعوات معارضين في الخارج وعلى مواقع التواصل، للامتناع عن التصويت.
وأتت الانتخابات في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية تعود بالدرجة الأولى الى العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران بعد قرار الأولى عام 2018 الانسحاب أحاديا من الاتفاق حول برنامج إيران النووي المبرم بين الجمهورية الإسلامية وقوى دولية كبرى في 2015.
لقاء بايدن؟ “لا”
وجاء انتخاب رئيسي في وقت تجرى في فيينا منذ نيسان/أبريل مباحثات بين إيران وأطراف الاتفاق، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، بهدف إحيائه من خلال تفاهم أساسه رفع العقوبات، في مقابل عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها التي بدأت التراجع عنها بعد الانسحاب الأمريكي.
وردا على سؤال وسيلة إعلام روسية عما اذا كان مستعدا للقاء بايدن في حال أثمرت المباحثات، اكتفى رئيسي بالقول “لا”.
وقطعت العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن اعتبارا من العام 1980.
وأكد رئيسي أنه لن يسمح بإجراء “مفاوضات من أجل المفاوضات”، لكنه يدعم “أي محادثات تضمن مصالحنا الوطنية”، وأن أي تفاوض يجب أن يؤدي الى تحقيق “نتائج” للشعب الإيراني.
ويلاقي هذا الموقف ما سبق أن شدد عليه خامنئي في نيسان/أبريل الماضي، بعد أيام من انطلاق المباحثات في فيينا، بتحذيره من أن “تطول” المفاوضات لإنقاذ الاتفاق، فتصبح “مضرة” لإيران.
ويتمتع الرئيس في إيران بصلاحيات تنفيذية ويشكّل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العليا، بما فيها الملف النووي، تعود للمرشد الأعلى.
واعتمد روحاني سياسة انفتاح نسبي على الغرب، أثمرت إبرام الاتفاق النووي الذي أتاح رفع العديد من العقوبات عن إيران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن مفاعيله باتت شبه لاغية مذ قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سحب بلاده منه، وإعادة فرض العقوبات.
وأبدى بايدن نيته إعادة بلاده الى الاتفاق بشرط امتثال طهران مجددا لكل بنوده.
وأكّد دبلوماسيون الأحد في فيينا بعد الجولة السادسة من المباحثات، أنّ المفاوضين باتوا “أقرب” إلى إنقاذ الاتفاق، مع بقاء بعض النقاط الشائكة.
وأبدى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الإثنين اعتقاده بأن إيران لن تغيّر موقفها من المفاوضات بتغيّر الرئيس.
وأعرب للصحافيين عن عدم اعتقاده “بأن الرئيس الجديد سيتخذ موقفا مغايرا (عن الراهن) في شأن تفاوض هو في مصلحة شعبه وبلاده”، مضيفا “لا سبب يدعوني لأعتقد ذلك. لكن لنر”.
رسالة الى الرياض؟
وتطرق رئيسي الى عناوين سياساته الخارجية التي ستقوم على “التعامل الواسع والمتوازن مع العالم”.
وفي حين لا تسجّل بوادر لأي تواصل دبلوماسي مباشر بين إيران والولايات المتحدة، بدأت منذ أشهر مباحثات بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين سعيا لإعادة وصل ما انقطع بين الطرفين.
وأكد رئيسي أن “لا عقبات من الجانب الإيراني أمام إعادة فتح السفارتين”.
وقطعت الرياض، الحليفة الوثيقة لواشنطن، علاقاتها مع طهران في كانون الثاني/يناير 2016، إثر هجوم على سفارتها في العاصمة الإيرانية وقنصليتها في مشهد (شمال شرق)، نفّذه محتجّون على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر.
ويقف البلدان على طرفي نقيض في العديد من الملفات الإقليمية، لا سيما في سوريا واليمن والعراق ولبنان.
وفي شأن حقوق الانسان، أكد رئيسي أنه لطالما دافع عنها خلال مسيرته التي امتدت عقودا في السلطة القضائية.
وأضاف “كل ما فعلته خلال سنوات خدمتي كان دائمًا موجهًا نحو الدفاع عن حقوق الإنسان”، مشيراً إلى “انتهاكات” ترتكبها دول غربية في هذا المجال.
ويربط معارضون في الخارج ومنظمات حقوقية غير حكومية باستمرار بين رئيسي وحملة الإعدامات التي طالت سجناء ماركسيين ويساريين عام 1988، حين كان يشغل منصب معاون المدعي العام للمحكمة الثورية في طهران. وكان هذا الملف من الأسباب التي أوردتها وزارة الخزانة الأميركية لدى إعلانها فرض عقوبات عليه في 2019.
وسبق لرئيسي أن نفى أي ضلوع له في هذا الملف، لكنه أبدى تقديره لـ”الأمر” الذي أصدره الإمام الراحل روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، لتنفيذ الإجراءات بحق هؤلاء الموقوفين.
وخاض رئيسي الانتخابات في مواجهة ثلاثة مرشحين آخرين لم يشكل أي منهم منافسا جديا له، لا سيما بعدما استبعد مجلس صيانة الدستور ترشيحات عدد من الأسماء البارزة من السياسة الإيرانية.