مقاتلات داعش يسرحن ويمرحن في هذه الدولة.. المساعدات تتدفق عليهم
- مقاتلات من داعش يحظين بالحرية التامة في دولة آسيوية
- حكومة تلك الدولة تقدم مساعدات لأولئك النساء العائدات من سوريا
في يوليو/تموز الماضي، ظهرت دردشة مغلقة باللغة الروسيّة على تطبيق “تيلغرام” لعضوات تنظيم داعش المحتجزات في معسكرات ضمن سوريا، وتضمنت المنشور التالي: “أيتها الأخوات من أوزبكستان، يرجى الاتصال بي بشأن المساعدة في العودة إلى الوطن. يمكنني أن أؤكد لكن أنه لا توجد مشاكل لأبناء ديننا هنا في أوزبكستان”.
وفعلياً، فإن ما يقف وراء هذا الكلام هي امرأة كانت منتمية إلى تنظيم داعش وعادت مؤخراً إلى أوزبكستان من سوريا، وتقول إنها تساعد الآن “أخواتها” على العودة إلى أوزبكستان، وتحاول جاهدة إقناع أعضاء داعش في المخيم بالعودة إلى ديارهم، وفق ما ذكر موقع “lawfareblog“.
ومن بين الحجج الرئيسية التي ساقتها تلك المرأة للعودة إلى أوزبكستان أنه لا يتم تحت أي ظرف القبض على أي شخص لدى الوصول إلى البلاد، وقالت: “مررت بالعديد من التدريبات العسكرية لتنظيم داعش، وكنت أقاتل وكنت أرتدي سترة ناسفة. لقد أبلغت أجهزة الأمن بكل ذلك، ولم يكن لدي أي مشاكل، وأنا الآن حرّة وأعيش في منزلي”.
وعندما سألها أحد الأشخاص ضمن الدردشة عن امتلاك عبيد إيزيديين وإذا كان ذلك سيؤدي إلى الاعتقال، أجابت: “لا ، هذه ليست مشكلة. هناك ضمان بنسبة 99% بأنه لن يتم القبض عليك، حتى لو كنت تمتلك عبداً. رئيس أوزبكستان لا يتلقى أوامر من أحد، وقد قال بوضوح إنه لن يذهب أحد إلى السجن”.
وفي الواقع، فإن كلام المرأة ليس بعيداً عن الحقيقة. وفي العام الماضي، عادت إلى أوزبكستان 118 سيدة ينتمين إلى تنظيم داعش، وكُنّ قادمات من سوريا وأفغانستان.
وجرى نقل بعضهنّ رسمياً إلى البلاد في حين هرب البعض الآخر من المخيم – إما بأنفسهنّ أو بمساعدة تنظيم داعش – لكن لم تدخل أي واحدة منهنّ إلى السجن.
ولا يختلف سلوك عضوات تنظيم داعش من أوزبكستان عن سلوك النساء من جنسيات أخرى ضمن التنظيم، فبعضهن امتلكن عبيداً، وشاركن بنشاط في القتال، وعملن لصالح الأمن الداخلي للتنظيم، كما أن الكثيرات منهن شاركن في الدعاية وجمع التبرعات.
وبشكل أكيد، فإن الجميع أعضاء في منظمة إرهابية، إلا أنه لم يتم تحميل أي منهنّ مسؤولية ذلك. ومن المهم أن نلاحظ أن غالبية العائدين هن من النساء، في حين لا يزال العديد من الرجال الذين انضموا إلى داعش محتجزين في سوريا أو مختبئين في أماكن مجهولة.
وفي مقابلة، أوضح الرئيس الأوزبكي شوكت ميرزيوييف سياسة العفو الحكومية، وقال: “يمكن لأي شخص أن يرتكب خطأ، ونحن بحاجة لمنحه فرصة ثانية، ويجب على الجميع المشاركة في مساعدته”، طالباً من جميع المؤسسات الحكومية بدعم أعضاء داعش العائدين إلى البلاد.
ويتم توفير مزايا لعضوات داعش عند عودتهن والتي غالباً ما تكون بعيدة عن متناول المواطنين الفقراء العاديين في أوزبكستان. وعلى سبيل المثال، تم تزويد النساء بالرعاية الطبية المجانية (بما في ذلك العمليات الجراحية باهظة الثمن للجروح التي أصيبوا بها أثناء قتال قوات التحالف)، فضلاً عن المساعدات الإنسانية الشهرية.
كذلك، حصل البعض من هؤلاء على سكن مجاني وتدريب وظيفي وحتى معدات لبدء أعمالهم التجارية الخاصة. وبما أن أوزبكستان دولة نامية، فإن مثل هذا الموقف يخلق مشاكل أمنية واضحة. وعلى سبيل المثال، تشعر العديد من النساء العائدات بالحصانة الكاملة، ويعملن الآن بنشاط على جمع الأموال لتهريب أعضاء آخرين من “داعش” من المخيمات وينشرن دعاية التنظيم عبر قنوات “تيلغرام” المختلفة. وفعلياً، فإن هذا أمر مقلق بشكل خاص بالنظر إلى هجمات طالبان الأخيرة على حدود أوزبكستان من أفغانستان.
وأثارت هذه المعاملة التفضيلية الجدل، ويأتي ذلك في وقت لا يزال فيه مئات الآلاف من ضحايا تنظيم داعش يعيشون في مخيمات للنازحين داخلياً وفي منازل مدمرة من دون مساعدة دولية. وبسبب العدد الكبير من النساء العائدات، فإن هذه المعاملة التفضيلية لأعضاء داعش تؤدي بالفعل إلى رد فعل عنيف في مجتمعاتهم الأصلية.
ويقول موقع “lawfareblog” أن الكثيرين في أوزبكستان قالوا إنهم لا يوافقون على إنفاق الحكومة ملايين الدولارات على عودة أعضاء منظمة إرهابية من سوريا بينما يحاول العمال المهاجرون، الذين يعيشون في خيام على الحدود مع أوزبكستان لعدة أشهر، العودة إلى ديارهم في وقتٍ لا توجد مساعدة من الحكومة. ووسط كل ذلك، فإنه لا يُطلب من أعضاء داعش سداد أموال للحكومة.
ومع هذا، لم يوافق معظم المسؤولين الحكوميين على العفو الشامل والفوري في البداية، وقالوا إنهم لا يستطيعون إصدار وثائق جديدة لهؤلاء النساء من دون قرار من المحكمة. ولذلك، كان على جميع النساء العائدات من سوريا أن يخضعن لمحاكمة وأن يُحكم عليهن ويمكنهن بعد ذلك التقدم بطلب والحصول على عفو رئاسي.
وفي ظل هذا الأمر، فإن الكثير من الناس لا يتفقون مع حصول عضوات داعش على العفو. وعلى سبيل المثال، عندما عاد رجل يبلغ من العمر 18 عاماً من روسيا حيث كان عاملاً مهاجراً ، تم القبض عليه لأنه كان لديه مقاطع فيديو دعائية لتنظيم “داعش” على هاتفه الخلوي. علقت والدته بغضب: “كان يجب أن يذهب ابني إلى سوريا للقتال وليس إلى روسيا للعمل مثل الناس العاديين. في هذه الحالة، لن يكون حراً فحسب، بل ربما حصل على شقة مجانية من حكومتنا”.
شاهد أيضاً: داعش ضد داعش “الاخوة ينهشون بعضهم البعض فكيف ذلك؟