القرى المعزولة هي الهدف الأول للقافلة
انطلقت من مدينة أولاد موسى بولاية بومرداس شرقي العاصمة الجزائر قافلة طبية مجهزة بالعديد من الأجهزة الطبية وسيارتي إسعاف، وتضم خمسة أطباء وممرضين باتجاه القرى المعزولة التي شهدت حرائق غابات مروعة طيلة الأسبوع الماضي.
نظمت القافلة جمعية كافل اليتيم أولاد موسى، بهدف معالجة الجرحى وضحايا الحرائق في البيوت والمستوصفات الطبية، وكان قد تم تجهيزها قبل أيام عقب انتشار فيديو لجندي جزائري على وسائل التواصل الاجتماعي يستنجد ويطلب الرحمة لزملائه الذين تحاصرهم النيران، كما قال.
حينها، فكر أعضاء الجمعية في جمع عدد من الأطباء والممرضين والمستلزمات الطبية لمعالجة من تعرضوا لحروق أو اختناقات بسبب الدخان الكثيف للحرائق، وانطلقت يوم 14 آب/ أغسطس الجاري على الساعة الثامنة صباحًا من بلدية أولاد موسى باتجاه بلدية ميشلي أو عين الحمام التي كانت من بين أكثر المناطق تضررًا من الحرائق.
عند وصول القافلة لوسط القرية، وجدت في استقبالها كثير من أبناء القرية الذين قاموا بتوجيه الأطباء إلى المرضى والمصابين لمداواتهم في البيوت، فدخلوا أكثر من خمسين بيتًا، حيث عالجوا فيها ما بين خمسين إلى ستين عائلة لم تسعفهم الظروف للجوء إلى المستشفى وأخذ العلاج بسبب بُعد المسافة والإصابات البليغة التي تعرضوا لها جراء الحرائق.
في تصريح لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر عبد المؤمن لعرابي، قال السيد رابح غازيباون رئيس جمعية كافل اليتيم أولاد موسى، إن الأطباء المتطوعين جلبوا معهم الكثير من الأدوية الخاصة بالحروق، والمضادات الحيوية، وأدوات تطبيب وأجهزة الضرورية لمزوالة عملهم من 8 صباحًا حتى 5 مساء.
وأضاف أن قافلة ثانية محملة بالكثير من المساعدات الإنسانية والغذائية تبعتهم في المساء، وتم توزيعها في قرى ميشلي وواضية وغيرها من المناطق المجاورة في ولاية تيزي وزو.
تجوب القافلة كافة القرى والمدن المتضررة على مراحل، وبدأت ببلدية ميشلي، إذ تدخل البيوت حيث وجدوا مصابين كثر يعانون من الحروق ولم يذهبو إلى المستشفيات، فقامو بمعالجة أكثر من 50 شخصًا في قريتي ميشلي وواضية.
مداواة في البيوت وقافلة إنسانية أيضًا
وأوضح صرح رئيس الجمعية غازيباون لمراسل “تطبيق خبّر” أن الحرائق حاصرت القافلة مساء ما جعلهم يمكثون في القرية حتى ساعة متأخرة من الليل حتى تم إطفاء جزء من الحرائق وفتح الطريق لهم من قبل سكان القرية للعودة للمدينة، وفي نفس القرية تعرضوا للعديد من الصعوبات للوصول إلى المرضى والمصابين بسبب الحرائق التي كانت مشتعلة حينها.
ووجدت قافلة الأطباء هذه ترحابًا واسعًا من السكان، إذ مهدوا لها طريق الدخول إلى البيوت وسألوا عن الجرحى والمصابين وأدخلوهم لمداواتهم، فيما تلقوا التبريكات من قبل الأهالي والعائلات وكبار السن، حسب ماصرح به رئيس الجمعية.
لاحقًا في المساء، تبعت القافلة الطبية أخرى احتوت على مواد غذائية وأدوية حملتها 6 شاحنات و 3 سيارات كبيرة وسيارتان صغيرتان محملة بكل المواد الغذائية والألبسة، والفرش والأغطية توجهت مباشرة لمنطقة أقبيل، بأعالي تيزي وزو، وانطلقت على الساعة 5 مساء لتصل المنطقة منتصف الليل.
وحين عودة القافلة الطبية، وبعد الأثر الذي تركته في المدينة تواصل أطباء كثيرون مع أعضاء الجمعية طالبين التطوع والمشاركة في القوافل القادمة التي ستذهب إلى تيزي وزو وسكيكدة والطارف وغيرها من المدن الجزائرية التي مستها الحرائق.
يهدف شباب الجمعية لإرسال الكثير من الأطباء والممرضين وسيارات الإسعاف والأدوية والأجهزة الطبية لكل المدن التي مستها حرائق الغابات وتعاني من نقص في الأدوية والأطقم الطبية.
قوافل جديدة في الأيام المقبلة
وفي توسيع لهذه العملية، توجه رئيس الجمعية بنداء إلى مستشفيات المنطقة، وطالبها بالتواصل مع الجمعية في حال احتياجها للمساعدات الطبية من أدوية وممرضين وأطباء وأجهزة طبية، مؤكدًا أنهم في الجمعية في أتم الاستعداد للمساعدة التامة بتنظيم عديد القوافل للمناطق النائية والبعيدة المتضررة.
وحسب ماصرح به رئيس الجمعية لمراسل “تطبيق خبّر”، ستكون القافلة الثانية موجهة لمدينة سكيكدة شرق الجزائر، التي مستها أيضًا حرائق كبرى في الغابات والجبال. وستنطلق القافلة الخميس المقبل، فيما ستكون القافلة الثالثة موجهة لمدينة الطارف أقصى شرق الجزائر.
ينحدر الأطباء الذين شاركوا في هذه القافلة من مدينة أولاد موسى، وسيشارك في القافلة المقبلة أطباء من منطقة كاب جنات، فيما تطوع الكثير من أصحاب سيارات الإسعاف طالبين المشاركة في القافلة المقبلة.
كما أنه في حال وجود عائلات متضررة وتسكن بعيدًا عن المستشفيات او المراكز الطبية الصغرى، يمكن تنظيم قوافل طبية أخرى تتنقل إليهم حتى المنازل للمداواة والمعالجة. كذلك تسعى الجمعية لتنظيم قافلة أخرى لقرى تيزي وزو بها 5 أطباء نفسانيين لمرافقة العائلات والأطفال، ومعالجتهم نفسيًا، خصوصًا وأن الحرائق تخلف صدمات لدى الأطفال الصغار، ف وقت لم يبق إلا أيام قليلة على الدخول المدرسي الذي يتطلب أن يكون الطفل فيه بكامل قوته العقلية والنفسية.
يذكر أنه بعد انتهاء يوم العمل التطوعي للأطباء في قرية ميشلي، تجمع سكان القرية وقابلوهم بالتصفيق الحار تعبيرًا عن شكرهم وامتنانهم.