انتصار “طالبان” في أفغانستان قد يكون بداية لمشاكل لها
- “طالبان” بحاجة إلى العالم لتقديم المساعدة المالية
- الجماعة يتواجه معضلة إذ أنها تحاول حكم دولة شهدت على 20 عاماً من التحديث
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً جديداً تحدث عن مخاطر تحيط بجماعة “طالبان” في أفغانستان.
ولفت التقرير إلى أنّ الانتصار العسكري لطالبان في البلاد ما هو إلا البداية لمشاكل الجماعة، فالحكومة الجديدة ستفشل لأن “طالبان” لا يمكن أن تكون براغماتية وأيديولوجية في نفس الوقت، كما أن جهود الحركة الأفغانية لتحقيق التوازن سوف يستغلها تنظيم “داعش” وجماعات أخرى، الأمر الذي يعرض الأمن الإقليمي والدولي للخطر. وعندما يحدث ذلك، فإنه سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها العودة إلى الدولة التي مزقتها الحرب.
ووفقاً للصحيفة، فإنّ داعش، الذي يعتبر “طَالبان” حركة جهادية مزيفة، يهدف إلى استغلال شد الحبل الداخلي للجماعة بين البراغماتية والالتزام الأيديولوجي. ومع هذا، يزداد عدم الاستقرار بسبب مزيج الكيانات في أفغانستان، بما في ذلك داعش وطالبان الباكستانية والقاعدة، كما أن هناك نقاشات حول بناء إمارة أو خلافة، حيث تسعى طالبان إلى نظام حكم إسلامي داخل أفغانستان بينما يسعى “داعش” إلى دولة واحدة للعالم الإسلامي بأسره.
وتحاول طَالبان إقناع العالم بأن إمارتها الإسلامية الجديدة ستكون مختلفة عن الإمارة التي أقامتها في التسعينيات. وفي غضون ذلك شن تنظيم داعش هجوماً مميتاً على مطار كابول الخميس، استهدف مسرح الإخلاء بقيادة الولايات المتحدة، وقد قُتل 13 جنديًا أمريكياً وما يقرب من 200 مدني أفغاني.
والتقى الزعيم في طالبان الملا عبد الغني بارادار يوم الاثنين في كابول، مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز. وفعلياً، تلعب تلك الوكالة دوراً رائداً في نقل آلاف المواطنين الأمريكيين جواً من البلاد. وبشكل منفصل، قال المتحدث باسم طَالبان ذبيح الله مجاهد لصحيفة “نيويورك تايمز” إنه يجب على النساء الأفغانيات البقاء في المنزل حتى يتم تدريب مقاتلي طالبان على عدم إساءة معاملتهن.
ويوضح التطوران معضلة طَالبان وهي تحاول حكم دولة شهدت على 20 عاماً من التحديث. واليوم، فإن “طالبان” بحاجة إلى العالم لتقديم المساعدة المالية التي تتوقف على الاعتراف بقادة الإمارة الجديدة. ومن هنا تأتي الجهد المحموم لإقناع العالم بأن طَالبان براغماتية، على الرغم من كونها كياناً إسلامياً راديكالياً.
وبشكل أساسي، فإنه لا يمكن لطَالبان أن تكون كلاهما في آن واحد. وبعبارة أخرى، يتعين على حركة طَالبان الأفغانية أن تتغير ولكن لا يمكنها ذلك، لأن مثل هذه التغييرات تتطلب عملية طويلة ومتعرجة، وحتى ذلك الحين يظل التحول بعيد المنال.
وقد يكون خطر التمزق حاداً بشكل خاص عندما يتعين على الحركة تغيير سلوكها فجأة لأسباب جيوسياسية. وعلى الرغم من أن قادة طالبان يدركون أن عليهم التعامل مع الولايات المتحدة، إلا أن الجماعة تعتبر أمريكا العدو. وهكذا، أثار الاجتماع مع رئيس وكالة المخابرات المركزية شكوكاً بين صفوف طالبان، الذين يُطلب منهم الخروج من سنوات أو عقود من التكييف الأيديولوجي.
ومن المؤكد أن العديد من أعضاء طَالبان قلقون بشأن التنازلات التي قد يُطلب منهم تقديمها مثل التعاون مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أو السماح للمرأة بلعب دور في الشؤون العامة. ومن المحتمل أن يؤكد قادتهم أن ذلك لن يحدث حتى عندما يخبرون العالم بقصة مختلفة.
وفي الواقع ، تنقسم القيادة بين السيد بارادار، الذي يتطلع إلى أن يصبح الرئيس التنفيذي للإمارة الجديدة ويتعامل مع العالم “بشكل عملي”، والملا هبة الله أخوند زاده، بصفته أمير المؤمنين، الذي من المفترض أن يضمن النقاء الأيديولوجي للجماعة.
ويحتفل الجهاديون في أفغانستان وباكستان المجاورة والمنطقة الأوسع بانتصار طَالبان، لكن لن يمر وقت طويل قبل اندلاع الصراعات داخل طَالبان وكذلك بين طَالبان والجماعات الجهادية الأخرى.
ويتساءل العديد من هؤلاء الجهاديين غير الأفغان عن مستقبلهم بالنظر إلى توقيع طَالبان اتفاقية مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأنهم لن يسمحوا باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل أي جماعة لشن هجمات ضد دول أخرى. فماذا ستفعل طَالبان مع حلفائها الباكستانيين والعرب وآسيا الوسطى والإيغور السابقين؟.
وبشكل أو بآخر، فإنّ مسألة طَالبان باكستان ملحة بالنظر إلى التقارب القوي بين الجماعة العرقية والقبلية والأيديولوجية مع حركة طالبان الأفغانية التي تدعمها إسلام أباد منذ فترة طويلة. وبالفعل، تريد حركة طالبان الباكستانية تكرار ما فعله نظرائهم الأفغان على جانبهم من الحدود، لكن طالبان الأفغانية بحاجة ماسة إلى اعتراف إسلام أباد الدولي كبوابة إلى العالم.
ولن تكون حركة طَالبان باكستان وحدها في الانجذاب نحو داعش، فكثيرون داخل حركة طَالبان الأفغانية، الذين خاب أملهم مما يرون أنه تنازلات أيديولوجية من جانب قادتهم، سيفعلون ذلك أيضاً. وكلما استوعبت طَالبان خصومهما والعالم، زادت خسارتها للناس. لذلك، من المرجح أن تؤدي حاجة طَالبان الأفغانية لتحقيق التوازن إلى تفككها، وستصبح الحدود الأفغانية الباكستانية ساحة معركة يظهر فيها تنظيم “داعش” والمجموعات الجهادية الأخرى، وستضطر الولايات المتحدة إلى إعادة التفكير في الانسحاب.
شاهد أيضاً: الشعب الأفغاني والتجار قلقون من إغلاق البنوك بعد سيطرة طالبان