إيران تركز على الضمانات ورفع العقوبات
- المفاوضون يحاولون التوصل إلى نص لاستعادة الاتفاق النووي
- لا يوجد الكثير من الوقت للتوصل إلى اتفاق شامل
استؤنفت في فيينا، الاثنين، محادثات إحياء الاتفاق حول البرنامج النووي لـ إيران، التي أكدت تركيزها على نيل ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأمريكي، والتحقق من رفع العقوبات عنها خصوصًا في مجال تصدير النفط.
قال المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا حول الاتفاق النووي الإيراني إنه لا يوجد أمامنا الكثير من الوقت للتوصل إلى اتفاق، لافتا إلى أنه لا يمكن تحديد جدول زمني للتوصل إلى اتفاق مع إيران، مؤكدا أن الأخيرة أحرزت تقدما في برنامجها النووي وانحرفت عن اتفاق 2015.
وأضاف: “نجاحنا يعتمد على اتخاذ قرارات صعبة في واشنطن وطهران”، مشيرا إلى أن بعض القضايا التي تمت مناقشتها في الجولة الحالية مع إيران سرية.
وأكد المنسق أن المفاوضين يحاولون التوصل إلى نص عملي لاستعادة الاتفاق النووي.
من جهته قال مندوب الصين في مفاوضات فيينا إنه يمكن التوصل لاتفاق بشأن إيران قبل شهر فبراير 2022، مشيرا إلى أن الجولة الحالية ستركز على رفع العقوبات عن إيران.
وتهدف المباحثات إلى إحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران. وردت الأخيرة بعد نحو عام من ذلك، بالتراجع تدريجيا عن العديد من التزاماتها الرئيسية بموجب الاتفاق.
وقبل ساعات من استئناف لقاءات التفاوض في فندق “باليه كوبورغ”، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان “اليوم تبدأ جولة جديدة من المباحثات في فيينا. جدول الأعمال هو مسألة الضمانات والتحقق” من رفع العقوبات الأميركية بحال العودة للاتفاق، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية “إرنا” الاثنين.
وأضاف “الأهم بالنسبة إلينا هو الوصول الى نقطة يمكننا من خلالها التحقق من أن النفط الإيراني سيباع بسهولة ومن دون أي حدود، وأن الأموال لقاء هذا النفط ستحوّل بالعملات الأجنبية الى حسابات مصرفية تابعة لإيران، وأنه سيمكننا الاستفادة من كل العوائد الاقتصادية في قطاعات مختلفة”.
وأفادت “إرنا” في وقت سابق الإثنين أن الوفد الإيراني برئاسة نائب وزير الخارجية علي باقري وصل الى فيينا، حيث سيجري “خلال الساعات القليلة المقبلة مشاورات دبلوماسية قبل الاجتماع المشترك”.
وعقدت وفود طهران وموسكو وبكين اجتماعا مشتركا “لمقارنة الملاحظات قبل البداية الرسمية للجولة الثامنة”، وفق ما أورد عبر تويتر السفير الروسي في فيينا ميخائيل أوليانوف الذي يرئس وفد بلاده في المفاوضات.
أتاح الاتفاق، واسمه الرسمي “خطة العمل الشاملة المشتركة”، رفع عقوبات كانت مفروضة على طهران، في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن واشنطن أعادت بعد الانسحاب فرض عقوبات طالت قطاعات عدة أبرزها النفط الذي كان يوفّر جزءا أساسيا من إيراداتها بالعملة الصعبة.
وأجرى الأطراف المعنيين ست جولات من المباحثات بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو، قبل أن تعلّق لنحو خمسة أشهر بعيد الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي انتهت بفوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، وتستأنف اعتبارا من 29 تشرين الثاني/نوفمبر.
رفض “هدر الوقت والطاقة”
وخلال الجولة السابعة بدءًا من تشرين الثاني/نوفمبر، تحدث دبلوماسيون أوروبيون عن تحقيق “تقدم على المستوى التقني”، لكنهم حذّروا من أن الوقت المتاح للاتفاق بات ضيقا.
من جهتها، أكدت طهران أن الأطراف الآخرين وافقوا على إضافة ملاحظات ونقاط جديدة طرحها وفدها المفاوض إلى النقاط التي تمت مناقشتها بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو.
وأوضح أمير عبد اللهيان “توصلنا الى وثيقة مشتركة حول المسألة النووية، والعقوبات. اليوم ستبدأ المفاوضات الأولى حول هذه الوثيقة المشتركة”.
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده “لدينا اليوم هاتان الوثيقتان عن رفع العقوبات والنشاط النووي، والوثيقة عن رفع العقوبات ستكون محور تركيز وفدنا من أجل مصلحة شعبنا”.
وخلال مؤتمر صحفي في مقر الوزارة، نصح خطيب زاده الأطراف الآخرين “بأن يأتوا الى فيينا عاقدين العزم على التوصل لاتفاق جيد”، مشددا على رفض طهران “هدر الوقت والطاقة”. وتابع “نأمل في أن نرى نافذة تفتح نحو فرص في هذه الجولة”.
وكان منسّق الاتحاد الأوروبي في المباحثات انريكي مورا، شدد الخميس على أهمية “تسريع وتيرة القضايا الرئيسية العالقة (…) من خلال العمل من كثب مع الولايات المتحدة”.
كما حذّر المفاوض الأميركي روب مالي الثلاثاء من أن الهامش الزمني يقتصر على “بضعة أسابيع”، محذّرا من “أزمة” بحال فشل الجهود الدبلوماسية.
أبدى جو بايدن الذي خلف ترامب كرئيس للولايات المتحدة، عزمه على إعادة بلاده الى الاتفاق، لكن بشرط عودة إيران إلى الامتثال بالتزاماتها بموجبه. في المقابل، تؤكد طهران أولوية رفع العقوبات وضمان عدم انسحاب واشنطن من الاتفاق مجددا.
وسبق لطهران أن أكدت استعدادها للعودة الى الامتثال لموجبات الاتفاق النووي، في حال تم رفع العقوبات والتزم الأطراف الآخرون بتعهداتهم.
وشملت الإجراءات الإيرانية رفع مستوى تخصيب اليورانيوم الى 60 بالمئة، بفارق كبير عن السقف المحدد في الاتفاق النووي (3,67 بالمئة).
وأكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي لوسائل إعلام روسية السبت، أن بلاده لا تعتزم التخصيب أعلى من 60% بحال فشل مباحثات فيينا.
ورأى أوليانوف أن ذلك يمثّل “رسالة إيجابية” عشية استئناف المباحثات، وذلك في تغريدة عبر تويتر السبت.
وكانت تقارير صحافية غربية أفادت أن إسرائيل – المعارِضة بشدة للاتفاق النووي والعدو اللدود للجمهورية الإسلامية – أطلعت واشنطن على معلومات استخبارية تفيد بنيّة إيران رفع التخصيب الى 90 بالمئة، وهي النسبة التي يمكّن بلوغها استخدام اليورانيوم المخصّب لأغراض عسكرية.
وجدد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد التأكيد الإثنين أن بلاده “لن تسمح لإيران بأن تصبح دولة عند العتبة النووية”.
وأضاف أمام جلسة للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست “بالتأكيد نفضّل التحرك من خلال التعاون الدولي، لكن اذا لزم الأمر، سندافع عن أنفسنا بأنفسنا”.
تتهم إسرائيل إيران بتطوير برنامج نووي عسكري، وهو ما تنفيه طهران بشدة. وسبق للجمهورية الإسلامية أن اتهمت الدولة العبرية، بالضلوع في عمليات تخريب طالت منشآت نووية.