طهران تتفاوض في الوقت الذي تتطور فيه برنامجها النووي
- الولايات المتحدة: لن يكون لدينا اتفاق ما لم تحُل بسرعة المسائل المتبقية
- فرنسا: إبرام اتفاق “هذا الأسبوع” أمر “ملح”
بعد سنوات من المفاوضات بين القوى الكبرى وطهران- حول برنامجها النووي- قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، السبت، إنه أجرى محادثات “مثمرة جدًا” مع المسؤولين الإيرانيين، وذلك على هامش زيارته إلى طهران، التي بدأها اليوم، وسط أجواء من “التفاؤل الحذر” بإمكان التوصل إلى تفاهم بشأن الاتفاق النووي.
والتقى غروسي صباح السبت، رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، وفق وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) التي أشارت إلى أنه يلتقي أيضا وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان.
وقال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية بهروز كمالوندي في تصريحات للتلفزيون الرسمي: “نتوقع أن تتم مراجعة المسائل بيننا وبين الوكالة (…) وأن يحصل تفاهم بشأن الطريقة التي ستتم من خلالها متابعة المواضيع المختلفة”.
وكان غروسي وصل الجمعة، إلى إيران في زيارة تأتي بموازاة الجهود التي تبذل في فيينا لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم في 2015، والتي بلغت مراحل حاسمة.
وأبرم الاتفاق بين إيران وكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا، وهدفت من خلاله الدول الغربية إلى ضمان عدم تطوير طهران لسلاح ذري.
وقال غروسي الجمعة: “أتوجه إلى طهران اليوم لعقد اجتماعات مع مسؤولين إيرانيين للتطرق إلى مسائل عالقة في إيران”، مؤكدا أن “التوقيت حساس لكن يمكن تحقيق نتيجة إيجابية للجميع”.
وتأتي زيارة غروسي بعد أيام من تأكيده أن الوكالة “لن تتخلى أبدا” عن جهودها لدفع طهران إلى تقديم توضيحات بشأن وجود مواد نووية في مواقع غير معلنة على أراضيها.
وتؤكد إيران أن التفاهم في فيينا لن يتحقق ما لم يتم اغلاق هذا الملف الذي تضعه في إطار “مزاعم سياسية”.
مؤتمر صحفي مرتقب
ويفترض أن يعقد غروسي مؤتمرا صحافيا عند عودته إلى فيينا مساء السبت.
وتهدف مفاوضات فيينا إلى إعادة واشنطن لاتفاق 2015، وعودة إيران للامتثال الكامل لتعهداتها النووية.
وأتاح الاتفاق رفع الكثير من العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها في ظل برنامج رقابة من الوكالة يعد من الأكثر صرامة.
لكن الولايات المتحدة انسحبت منه في 2018 في عهد إدارة دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات تسببت بأزمة اقتصادية ومعيشية حادة في إيران.
وردا على الانسحاب، بدأت طهران اعتبارا من 2019 التراجع عن التزاماتها النووية، وخصوصا زيادة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تفوق بشكل كبير السقف المحدد في الاتفاق.
ورأت صحف إيرانية، السبت، أن الاتفاق بين إيران والوكالة ممكن، مما قد يمهّد لتفاهم يعيد العمل باتفاق 2015.
وكتبت صحيفة “اعتماد”: “يمكن لإيران والوكالة الدولية التوصل إلى خريطة طريق لحل المشكلة ضمن مهلة محددة، واقفال الملف تزامنا مع دخول الاتفاق النهائي جيز التنفيذ”.
واعتبرت صحيفة “إيران” الحكومية أن العلاقة بين طهران والوكالة “في طور التحسن بفضل مبادرات وحسن نية إيران”.
وتأتي لقاءات غروسي في طهران غداة إبداء جوزيب بوريل، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي الذي يتولى تنسيق مباحثات فيينا، أمله “في تحقيق نتائج خلال عطلة نهاية الأسبوع” من أجل “إحياء اتفاق” 2015 لكنه أكد في الوقت نفسه استمرار وجود نقاط خلافية.
وأتى ذلك بعد اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني الذي أبدى استعداده “للذهاب الى فيينا عندما يتم قبول ما أسماه “الخطوط الحمر” المتبقية (…) بما في ذلك الضمانات الاقتصادية الفاعلة”.
الوزير الإيراني لم يوضح ما هي هذه الضمانات أو “الخطوط الحمر”
أكد الأطراف الأوروبيون المشاركون في مفاوضات فيينا، أن الاتفاق “قريب”، مع عودتهم إلى عواصمهم للتشاور.
وقالت رئيسة الوفد البريطاني ستيفاني القاق، عبر تويتر الجمعة: “نحن قريبون” من اتفاق، موضحة أن المفاوضين الأوروبيين “سيغادرون قريبا لإطلاع الوزراء، ومستعدون للعودة قريبا”.
وكانت نائبة المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جالينا بورتر أكدت الخميس أن المفاوضين أحرزوا “تقدما مهما”، محذرة من أنه “لن يكون لدينا اتفاق ما لم تحُل بسرعة المسائل المتبقية”.
وأكدت فرنسا أن إبرام اتفاق “هذا الأسبوع” أمر “ملح”.
إيران تتجاوز معدل التخصيب المحدد
ويرى مراقبون أن الغربيين قد يغادرون المفاوضات إذا لم يتم التوصل إلى تسوية في نهاية هذا الأسبوع.
وتأتي زيارة غروسي إلى طهران قبيل اجتماع لمجلس محافظي الوكالة اعتبارا من الاثنين، وبعد أيام من تقرير جديد لها تؤكد فيه مواصلة طهران تعزيز مخزونها من اليورانيوم المخصّب، والذي بات يتجاوز بأكثر من 15 مرة الحد المسموح به في اتفاق العام 2015.
وتفيد تقديرات في منتصف شباط/فبراير بأن إجمالي احتياطي طهران ارتفع إلى إلى 3197,1 كيلوغراما، مقابل 2489,7 كيلوغراما في تشرين الثاني/نوفمبر، بعيدا عن السقف البالغ 202,8 كيلوغراما (أو 300 كيلوغراما ما يعادل سادس فلوريد اليورانيوم).
وتجاوزت إيران مطلع العام الماضي معدل التخصيب المحدد بـ3,67 بالمئة في اتفاق 2015 ورفعته بداية الى 20 بالمئة، ولاحقا الى 60%، ما أثار قلق الغرب نظرا لأن إيران باتت قريبة من نسبة 90 بالمئة التي تتيح استخدام اليورانيوم لأغراض عسكرية.
وتعود آخر زيارة لغروسي إلى إيران إلى تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي.