روسيا تغزو أوكرانيا منذ 11 يومًا
- روسيا وأوكرانيا تُنتجان ما يقرب من ثلث صادرات القمح في العالم
- ثلثا واردات مصر من القمح من روسيا
يُهدد الغزو الروسي -ليس فقط أوكرانيا– وإنما العديد من دول العالم، عن طريق قطع بعض الشحنات الدولية من القمح، وهو ما أدى إلى حدوث نقص، ورفع سعر المحصول الحيوي، عندما أدت اضطرابات سلسلة التوريد بالفعل إلى ارتفاع تكاليف الغذاء.
تُنتج روسيا وأوكرانيا معًا ما يقرب من ربع القمح في العالم، ويطعمان المليارات من الناس في شكل خبز ومعكرونة وأطعمة معلبة، وهما مصدر رئيس لتوريد الشعير، وزيت بذور عباد الشمس والذرة، من بين منتجات أخرى.
وفي الأيام الأخيرة، تقلبت أسعار السلع الزراعية بشكل حاد، حيث تهدد التوترات حول البحر الأسود بتعطيل الشحنات العالمية من القمح والذرة والزيوت النباتية.
في هذا الوقت من العام، عادة ما يكون كيس هويزونجا مشغولاً بزراعة القمح والشعير والذرة في مزرعته في وسط أوكرانيا. ولكن، بعد أن فقد العمال في الخطوط الأمامية، ترك المواطن الهولندي صوامع الحبوب الخاصة به ليدق ناقوس الخطر بشأن تأثير الغزو الروسي على إمدادات القمح العالمية.
ارتفعت أسعار القمح إلى مستويات قياسية، متجاوزة المستويات التي وصلت إليها خلال أزمة الغذاء في 2007-2008
تُزود روسيا وأوكرانيا ما يقرب من ثلث صادرات القمح في العالم، ومنذ الهجوم الروسي على أوكرانيا، توقفت الموانئ المطلة على البحر الأسود تقريبًا.
ونتيجة ذلك، ارتفعت أسعار القمح إلى مستويات قياسية، متجاوزة المستويات التي وصلت إليها خلال أزمة الغذاء في 2007-2008.
“إذا لم يبدأ المزارعون في أوكرانيا الزراعة في أي وقت قريب، فستكون هناك أزمة كبيرة للأمن الغذائية”- هذا ما قاله المواطن الهولندي، الذي كان يزرع منذ عقدين في تشيركاسي، على بعد 200 كيلومتر جنوب كييف.
وأضاف: “إذا انخفض إنتاج الغذاء في أوكرانيا في الموسم المقبل، فقد يتضاعف سعر القمح مرتين أو ثلاثة أضعاف”.
في حين أن القمح المخزن جيدًا، مثل ذلك الموجود في مزرعة هويزونجا، يمكن أن يستمر لعدة أشهر، حذر خبراء الزراعة وصناع السياسات، من تأثير الشحنات المتأخرة على البلدان التي تعتمد على المنطقة في إنتاج القمح والحبوب وزيت عباد الشمس والشعير.
سيتعين عليهم ( أي البلدان التي تعتمد على المنطقة في إنتاج القمح والحبوب) العثور على موردين مختلفين وكل هذا يعني ارتفاع الأسعار
جوزيف غلوبر
كبير الاقتصاديين السابق في وزارة الزراعة الأمريكية
قال جوزيف غلوبر، كبير الاقتصاديين السابق في وزارة الزراعة الأمريكية، وزميل أول في معهد أبحاث السياسة الزراعية IFPRI: “سيتعين عليهم العثور على موردين مختلفين، وكل هذا يعني ارتفاع الأسعار”.
وحذر المحللون ومنظمات المعونة الغذائية من أن الارتفاع في الأسعار سيؤدي إلى ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية، الذي بلغ بالفعل أعلى مستوياته في سبع سنوات عند 7.8 في المائة في يناير – وسيكون التأثير الأكبر على الأمن الغذائي لمستوردي الحبوب الأكثر فقرا.
تستحوذ أوكرانيا على 90 في المائة من واردات لبنان من القمح وهي مورد رئيس لدول من بينها الصومال وسوريا وليبيا.
قال جيمس سوانستون، اقتصادي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، إن لبنان “يكافح بالفعل مع فاتورة استيراد مرتفعة بالفعل، وهذا لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور”.
كما تزود روسيا جارتها المطلة على البحر الأسود تركيا بأكثر من 70 في المائة من وارداتها من القمح، وفقًا لمركز التجارة الدولي.
حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، كان التضخم في تركيا قد سجل أعلى مستوى له في 20 عامًا عند 54.4 في المائة في فبراير.
قال إسماعيل كمال أوغلو ، الرئيس السابق لمجلس الحبوب التركي التابع للدولة والمدير الحالي لشركة IK Tarimussu الاستشارية: “لن تؤدي الحرب إلا إلى تفاقم تكلفة الغذاء”.
برنامج الغذاء العالمي، الذي يشتري الحبوب والأغذية لتوزيعها على البلدان الفقيرة، اشترى ما يقل قليلاً عن 1.4 مليون طن من القمح العام الماضي، 70 في المائة منها من أوكرانيا وروسيا.
قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت البرنامج يواجه بالفعل زيادة بنسبة 30 في المائة في تكلفة القمح، بسبب ضعف المحاصيل في كندا والولايات المتحدة والأرجنتين.
وأضاف أن الزيادة الأخيرة في أسعار الحبوب ستحد من قدرته على تقديم المساعدة.
من ناحيته قال عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة: “هذه صدمة غير ضرورية، وذات أبعاد هائلة”.
وقال محللون إن ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى اضطرابات في عدد من الدول حول العالم، بسبب ارتفاع الأسعار.
في المرة الأخيرة التي ارتفعت فيها أسعار القمح إلى هذه المستويات في عامي 2007 و 2008 بسبب الانخفاض الحاد في الإنتاج في البلدان المنتجة الرائدة مثل أستراليا وروسيا، انتشرت الاحتجاجات عبر ما يقرب من 40 دولة من هايتي إلى ساحل العاج.
ثلثا واردات مصر من القمح من روسيا
قالت السلطات المصرية إن مخزوناتها من القمح ستستمر حتى منتصف يونيو المقبل، وأن موسم الحصاد المحلي سيبدأ بحلول منتصف أبريل نيسان.
وكشفت بيانات رسمية، أرقام واردات مصر من القمح خلال 11 شهرا من عام 2021، والتي سجلت نحو 2.4 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام 2020 بنسبة انخفاض بلغت نحو 16.2%.
ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، المصري بلغت كمية واردات مصر من القمح نحو 6.1 مليون طن خلال الـ11 شهرا الأولى من العام الماضي مقابل 11.8 مليون طن خلال الفترة ذاتها من عام 2020 بنسبة انخفاض بلغت نحو 48.4%.
وتصدرت روسيا قائمة أعلى 10 دول استوردت مصر منها القمح خلال الـ11 شهرا الأولى من عام 2021، حيث سجلت قيمة واردات مصر منها نحو 1.2 مليار دولار وبكمية بلغت 4.2 مليون طن لتستحوذ على 69.4% من إجمالي واردات مصر من القمح.
بينما جاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية بقيمة 649.4 مليون دولار، وبكمية بلغت 651.4 ألف طن مستحوذة على 10.7% من إجمالي واردات القمح المصري.
وعلى المدى القصير، قد يكافح المزارعون الأوكرانيون الذين يواجهون الحرب، لنشر الأسمدة والمبيدات الحشرية وزراعة البذور لمحصول الربيع، وسيعتمد هذا الحصاد على المدة التي سيستغرقها الغزو الروسي، ومدة حظر الصادرات عبر الموانئ.