سيرجي أورلوف: افتعال الأزمة الإنسانية مقصود في المدينة وبوتين يريد إبادتنا
تعيش ماريوبول جحيم الحرب بكل ما للكلمة من معنى، فإنه اليوم التاسع الذي يمرّ على سكانها دون كهرباء وماء وتدفئة ناهيك عن النقص في المواد الغذائيّة وغيرها من الضرورات الإنسانيّة الحيويّة للبقاء.
يصف نائب رئيس بلدية ماريوبول سيرجي أورلوف الوضع الإنساني في المدينة بالكارثي ويقول إنها إبادة يشنّها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا، لأن الجيش الروسي يقصف كل محاولات نقل المستلزمات الإنسانية إلى ماريوبول وعليه فإفناء سكّانها مقصود. فماذا في الوضع الإنساني في ماريوبول؟ وكيف يعيش سكانها في ظل الحرب؟.
يزداد الوضع الإنساني في ماريوبول سوءاً فقد قصفت القوات الروسية يوم أمس مستشفى للأطفال في ماريوبول ودمّرته بضربات جويّة عنيفة. وقد نشر الرئيس الأوكراني فلولوديمير زيلينسكي مقطع فيديو على صفحته يتناول قصف المستشفى الأطفال وعلق عليه قائلاً: “تحت هذه الأنقاض يوجد أطفال”، متسائلاً “حتى متى سيبقى العالم متواطئا في تجاهل الأعمال الروسية”، مطالباً بـ”وقف القتل وإغلاق الأجواء فوراً أمام القوّات الروسية”. وفي وقت قال مجلس مدينة ماريوبول أن الاحتلال الروسي أسقط قنابل عدة على المستشقى ما خلف أضرار هائلة ولا يعرف حتى الآن عدد الضحايا.
أزمة إنسانية متفاقمة في ماريوبول
الوضع في ماريوبول بحسب أورلوف “سيّء للغاية ويمكنني أن أقسمه إلى شقين الأوّل طبعاً الشق العسكري والمرتبط بالحرب وفيه أن المدينة محاطة بالقوات الروسية كما لو أنها في دائرة، ولا يوجد أي طريق آمن للدخول والخروج من ماريوبول، فثمة الكثير من القوات الروسية حولها والقتال مستمر بين الجيش الأوكراني والجيش الروسي، ولكن ضمن الأراضي الداخلية فإن الجيش الأوكراني والحرس الوطني ومجلس المدينة الأوكراني والشرطة الأوكرانية يسيطرون تماماً على المدينة”.
أما الشق الثاني الذي حدّده أورلوف فيتناول الحالة الإنسانيّة للسكان ويقول إن “الوضع صعب للغاية، فقبل ثلاثة أو أربعة أيام كان يمكن القول إننا نعاني من شبه أزمة إنسانية، لكننا اليوم على يقين تام من أننا نواجه نوعاً من الإبادة لكل مواطني ماريوبول، وإبادة لنا كأمة أوكرانية. وما يؤكد ذلك أنها المرة الأولى التي نواجه فيها أزمات مماثلة فإنه اليوم السابع الذي يمرّ على المدينة وهي بدون أي إمداد بالكهرباء أو أي مصدر للمياه أو أي نظام صحي للتدفئة أو الهاتف، وكان يوم أمس آخر يوم نتلقى فيه إمدادات للغاز الطبيعي وقد تم قصفه من قبل الجيش الروسي واليوم ليس لدينا أي إمدادات من الغاز الطبيعي”.
يذيبون الثلج للحصول على المياه
يعيش الناس في ماريوبول في حالة مزرية وفق ما أوضح أورلوف “فنحن بحاجة إلى المواد الغذائية والضرورات الإنسانية الأخرى كالمياه وغيرها، فالناس يعيشون بدون مياه، يوم أمس تساقطت الثلوج فخرج الناس إلى الشوارع يجمعون الثلج لتذويبه من أجل الحصول على المياه وانتهزوا تلك الفرصة لإعداد الطعام على النار فكانوا يجمعون الخشب لتحضير بعض الأطباق وإذابة الثلج. لذلك من المستحيل تصوّر كيف يعيش مواطنينا، ويجب أن نتذكر أيضًا أن هذه البنية التحتية كانت هدفًا خاصًا للجيش الروسي لأنهم قصفوا إمدادات المياه والكهرباء مباشرة لذلك فإن الهدف هو إحداث أزمة إنسانية وحتى قتل أكبر عدد من المدنيين الأوكرانيين”.
وبحسب تقديرات أورلوف “كان عدد السكان في ماريوبول حوالي نصف مليون مواطن لا يزال 400000 منهم يعيشون فيها فيما غادر نحو 100 ألف”.
ويؤكد “ليس لدينا ما يكفي من الطعام والمياه في المدينة، لذلك فإن مجلس المدينة يمكنه أن يعمل على نقل بعض المياه التي نجمعها على الأرض لتوزيعها على لمواطنين، لكن المشكلة أنه ليس لدينا ما يكفي من الديزل لنقل هذه المياه إلى بعض المناطق، لذلك فالمسألة حرجة والوضع الإنساني الداخلي يعتبر قضية حاسمة بالنسبة لماريوبول”.
وأضاف “نحن لدينا القدرة على نقل الغذاء والأدوية ومستلزمات الأطفال من غذاء أو دواء، لكن المشكلة هي أن روسيا لا تسمح بإنشاء ممر إنساني بسبب القصف المستمر. فقد قمنا اليوم بمحاولة رابعة لنقل بعض المساعدات الإنسانية إلى ماريوبول وإتاحة الفرصة لمواطنينا بإخلاء المدينة لكن القصف دمر كل شيء ودمر قدراتنا وسلامتنا، لذلك ليس لدينا وقف ثابت لإطلاق النار في ماريوبول. نتحدث مع الروس ونتفق معهم على إنشاء ممر إنساني ووقف إطلاق النار، لكن لا يحصل شيئ من ذلك لأن الجيش الروسي يواصل القصف بالمدفعية وبجميع أنواع الأسلحة وقد تم ذلك في مواقف مختلفة”.
وتوجّه أورلوف برسالة إلى العالم قائلا “أريد أن يعرف كل الناس في العالم أننا بلد مسالم، عملنا في ماريوبول على تطوير المدينة كمدينة حديثة وقمنا بالعديد من المشاريع العظيمة وكان السكان سعداء جداً. قبل 13 يومًا بدأ القصف المروع على مدينتنا المسالمة ومن ثم على بلدنا المسالم، نسأل لماذا؟ لماذا يجب أن نعاني بسبب ما يفكر به بوتين، وما هي فكرته؟ لقد أدركنا أن فكرته هي أن تكون أوكرانيا خالية من الأوكرانيين، لذلك نحن على يقين تام أنه لا يريد رؤيتها ويريد تدمير أوكرانيا كأمّة. يقول إنني لا أعرف مثل هذه الأمة أوكرانيا لذلك سوف يقتل أكبر عدد من الأوكرانيين. ولهذا السبب سوف نقاتل، سنقاتل هنا من أجل الحرية، وسوف نقاتل هنا من أجل تطورنا، وسوف نناضل من أجل الاستقلال، ونطلب من المجتمع الدولي أن يدرك أن بوتين يبيد أوكرانيا وهو يقتل الأوكرانيين، ويريد تدمير هذه المدينة تمامًا، لذلك فإن ذلك في رأينا جرائم مروعة وبالتالي يجب أن يعاقب على هذا الأساس”.