ميانمار.. الجيش استولى على السلطة مطلع 2021
- فر مئات الآلاف من مسلمي الروهينغا منذ العام 2017
- هرب ما لا يقل عن 730 ألفا من الروهينغا إلى بنغلاديش
عامٌ وأكثر على انقلاب الجيش في ميانمار، واستيلائهِ على السلطة، بعد نحو عقدٍ من موافقته على تسليمها إلى المدنيين.
ومنذ اليوم الأول، أثار الانقلاب موجةَ خوفٍ في عموم البلاد، التي رزحت تحت ثِقل نحو 50 عامًا من حكم الأنظمة العسكرية القمعية، قبل أن تتحول إلى نظام الحكم الديمقراطي في العام ألفين وأحد عشر.
الجيشُ لم يتنظر طويلا، حتى بدأ في إجراءاته القمعية، والتي بدأت باعتقال أونغ سان سو تشي وسياسيين آخرين في الصباح الباكر لانقلابه، تذكيرا للجميع بالأيام الصعبة التي كان يأمل أغلب مواطني هذه الدولة، في أنهم تخلصوا منها إلى الأبد.
وقبل انقلابه، كان يعمل الجيش على حملة عسكرية شرسة ضد مسلمي الروهينغا، وهو ما دفع مئات الآلاف منهم للفرار. حتى أصبحت موضوع قضية إبادةٍ جماعية في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
الولايات المتحدة اعتبرت أن العنف الذي مارسه الجيش في ميانمار ضد أقلية الروهينغا يرقى إلى مستوى “الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية”- في تحول لموقفها الذي اتخذته الإدارة السابقة.
قال مسؤولون أمريكيون، لوكالتي فرانس برس رويترز، الأحد، إن الولايات المتحدة تعتبر أن العنف الذي مارسه الجيش في ميانمار (بورما) ضد أقلية الروهينغا يرقى إلى مستوى “الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية”.
وذكرت رويترز إن المدافعين عن هذه الخطوة يؤكدون أنها “يجب أن تعزز الجهود لمحاسبة المجلس العسكري الذي يدير ميانمار الآن”.
وفر مئات الآلاف من مسلمي الروهينغا من ميانمار (بورما) ذات الأغلبية البوذية منذ العام 2017 بعد حملة عسكرية أصبحت الآن موضوع قضية إبادة جماعية في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
ونقلت رويترز عن المسؤولين قولهم إن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، سيعلن القرار، الاثنين، في المتحف التذكاري الأمريكي للهولوكوست في واشنطن، والذي يضم حاليا معرضا عن محنة الروهينغا.
ويأتي ذلك بعد نحو 14 شهرا من تولي بلينكن منصبه وتعهده بإجراء مراجعة جديدة للعنف.
وشنت القوات المسلحة في ميانمار عملية عسكرية في عام 2017 أجبرت ما لا يقل عن 730 ألفا من الروهينغا المسلمين على مغادرة منازلهم وإلى بنغلاديش المجاورة، حيث رووا عمليات القتل والاغتصاب الجماعي والحرق العمد.
في عام 2021، استولى جيش ميانمار على السلطة في انقلاب
وجمع مسؤولون أمريكيون وشركة محاماة خارجية أدلة في محاولة للاعتراف بسرعة بخطورة الفظائع، لكن وزير الخارجية، حينها، مايك بومبيو رفض اتخاذ قرار.
وخلصت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة في عام 2018 إلى أن حملة الجيش شملت “أعمال إبادة جماعية”، لكن واشنطن أشارت في ذلك الوقت إلى الفظائع على أنها “تطهير عرقي”، وهو مصطلح ليس له تعريف قانوني بموجب القانون الجنائي الدولي.
ونقلت رويترز عن مسؤول كبير ثان، لم تكشف اسمه، في وزارة الخارجية، قوله “إنها إشارة حقيقية للعالم وخاصة للضحايا والناجين داخل مجتمع الروهينغا وعلى نطاق أوسع إلى أن الولايات المتحدة تدرك خطورة ما يحدث”.
ومنذ الحرب الباردة، استخدمت وزارة الخارجية الأمريكية رسميا هذا المصطلح ست مرات لوصف المذابح في البوسنة ورواندا والعراق ودارفور، وهجمات تنظيم داعش على الأيزيديين والأقليات الأخرى، ومؤخرا العام الماضي، بسبب معاملة الصين للأويغور وغيرهم من المسلمين. وتنفي الصين مزاعم الإبادة الجماعية.
وسيعلن بلينكن أيضا عن تمويل إضافي بقيمة مليون دولار لآلية التحقيق المستقلة في ميانمار (IIMM)، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة مقرها جنيف تجمع الأدلة للملاحقات القضائية المحتملة في المستقبل.
وقال مسؤول أمريكي لرويترز إن هذا الأمر “سيعزز موقفنا ونحن نحاول بناء دعم دولي لمحاولة منع المزيد من الفظائع ومحاسبة هؤلاء”.
وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عقوبات على المجلس العسكري ومصالحه التجارية لكنهم لم يتمكنوا من إقناع الجنرالات باستعادة الحكم المدني بعد أن تلقوا دعما عسكريا ودبلوماسيا من روسيا والصين.
كما تحقق المحكمة الجنائية الدولية، وهي محكمة منفصلة في لاهاي، في ترحيل الروهينغا من ميانمار، وتجمع الآلية الدولية للهجرة في جنيف أدلة يمكن استخدامها في محاكمات مستقبلية.
وتعارض ميانمار التحقيقات ورفضت التعاون، مؤكدة أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص قضائي وأن قرارها بإطلاق تحقيق تأثر بـ “الروايات المشحونة عن المآسي الشخصية المروعة التي لا علاقة لها بالحجج القانونية المعنية”.
ونقلت رويترز عن جون سيفتون، مدير الدفاع عن آسيا في هيومن رايتس ووتش، إن جيش ميانمار واجه “عواقب حقيقية قليلة على فظائعه، سواء ضد الروهينغا أو غيرها من الأقليات العرقية في ميانمار”.
وقال سيفتون إنه بالإضافة إلى فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على المجلس العسكري يتعين على الولايات المتحدة الضغط من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يحيل جميع جرائم الجيش المزعومة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف أنه إذا استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد القرار كما هو مرجح فيتعين على واشنطن أن تقود التحرك في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال: “يجب أن تقترن إدانات ميانمار بإجراءات ملموسة”.
وقبل أن يتخذ بلينكن القرار هذا الشهر، ناقش المسؤولون ما إذا كان إلقاء اللوم على حكومة ميانمار – وليس على وجه التحديد جيشها – في الفظائع يمكن أن يعقد الدعم الأميركي للحكومة الديمقراطية المخلوعة في البلاد، وفقا لمصدر مطلع على الأمر.
واختارت وزارة الخارجية إلقاء اللوم على الجيش، حسبما قال المسؤول الكبير الثاني في الوزارة.
ونقلت رويترز عن المسؤول الأمريكي قوله: “ليس من الواضح إلى أي مدى كانت القيادة المدنية تسيطر على الأعمال التي كانت تحدث في ولاية راخين، وبالتالي هذا هو المكان الذي ينتهي فيه التصميم في هذه المرحلة”.
وسافرت سو تشي، التي أجبرت على تقاسم السلطة مع الجنرالات، إلى محكمة العدل الدولية في عام 2019 لرفض تهم الإبادة الجماعية التي وجهتها غامبيا.
وقالت إن البلاد ستقاضي أي جنود يتبين أنهم ارتكبوا انتهاكات، لكنها أكدت أن الانتهاكات المزعومة لا ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، التي يجب إثبات وجود نية محددة لتدمير جماعة ما.