عريفوف: نشارك في القتال ضمن الجيش وتحت القانون والناتو غير موجود هنا
يرفض مسلمو أوكرانيا أدلجة الحرب وزجّ الدين فيها معارضين من يدّعون أن على المسلمين مساندة روسيا في حربها ضد الغرب في أوكرانيا، فرئيس مجلس مسلمي أوكرانيا سيران عريفوف يشدّد على أن الحرب في أوكرانيا ليست مع الغرب كما يسوّق لها الروس، بل هي اعتداء روسي ظالم على أوكرانيا، وعلى من يريد قتال الغرب أن يفعل ذلك في الدول التي يعتدي فيها الغرب على المسلمين لا في أوكرانيا.
يواجه مسلمو أوكرانيا مصير غيرهم من المواطنين، القتل والتهجير والنزوح فكيف يتعايش هؤلاء مع الحرب وما هو موقفهم منها؟.
يقول عريفوف إن “أغلب المسلمين هم إما في المناطق الآمنة نسبياً أو خارج أوكرانيا“، أما عن نسبة مشاركتهم في الحرب فيقول إن أوكرانيا هي “دولة فيها قانون ونظام، ما يعني أن ليس كل من يريد أن يشارك في الحرب يذهب من تلقاء نفسه ويشارك فهو يجب أن يكون ضمن الجيش النظامي لأوكرانيا، وطبعا هناك عدد من المسلمين فهم مواطنون أوكران وإذا كانوا مطلوبين في الجيش فطبعا هم يشاركون. هناك بعض المتطوعين، ولكن حتى المتطوع هنا يكون تحت القانون ما يعني أن قضية المشاركة في الحرب منظّمة بحسب القانون الأوكراني”.
وعما إذا كان مسلمو أوكرانيا يتلقون الدعم من الدول الإسلامية قال “إن أوكرانيا ليست دولة مسلمة وأغلبية سكانها غير مسلمين، فحتى الآن لم نر أي مشاركة أو دور كبير لمؤسسات إسلامية أو دول إسلامية بشكل عام، هناك بعض المساعدات التي وصلت من عدة مؤسسات إسلامية وبعض المساعدات من تركيا أو من جمعيات إسلامية في أوروبا أو غيرها أو بعض الدول العربيّة، ولكن حتى الآن هي مساعدات محدودة وإن ذلك متوقّع بحكم أن المسلمين أقلية هنا في أوكرانيا”.
وأضاف “بدأت الحرب منذ 25 يوماً تقريباً ونحن نتواصل مع دول ومؤسسات إسلامية منذ ذلك الحين، حصلنا على بعض المساعدات ولكن هي ما زالت محدودة ولا تكفي لحاجات المسلمين، فهناك مئات الآلاف من المسلمين الذين نزحوا إلى المناطق الآمنة، ومن الصعب علينا أن نؤمّن لهم السكن فهذا يحتاج إلى تمويل كبير، طبعاً نحن نحاول أن نؤمّن لهم بعض الغذاء والدواء بحسب إمكانيّاتنا ولكنها إمكانات محدودة. بعض المسلمين بقوا في مناطق الحرب في مدينة خاركوف وكييف والمناطق الجنوبية التي تتعرّض للقصف والقتال، ونحن نحاول أن نرسل لهم مساعدات من أدوية وغذاء”.
مسلمو روسيا
مع بداية الإجتياح الروسي أصدرت المرجعيات الإسلامية في أوكرانيا بياناً توجهت فيه إلى مسلمي روسيا خصوصاً المسؤولين بينهم كمفتين ومشايخ وعلماء غير أن ذلك لم ينفع لأنه بحسب عريفوف “إن روسيا دولة ديكتاتورية والنظام هناك يقهر الناس إذ ليس لديهم حرية للتعبير ولا حرية رأي، لذلك نحن نشكر بعض الشخصيات الإسلامية في روسيا لأنها سكتت وإن ذلك أفضل لأننا نعلم يقينا أن في روسيا ثمّة قوانين تجرّم كل من يتكلم برأي مخالف لبوتين ونظامه، فلذلك نحن نشكر الشخصيات الإسلامية التي صمتت، ويجب أن نقول للأسف الشديد هناك بعض الشخصيات الإسلامية بعض المفتين الرسميين، كمفتي روسيا ومفتي جمهورية الشيشان وغيرهم طبعا تكلموا بكلام لا يرضي الله سبحانه وتعالى حتى أعلنوا أن قتال المسلمين مع الجيش الروسي ومشاركتهم في الاعتداء على أوكرانيا وقتل المدنيين وقتل مسلمي أوكرانيا أو قتل مدنيين وقتل الأبرياء بشكل عام هو شيء مشروع في الإسلام، حتى أنهم زيّفوا بتأويلات غير مقبولة بعض الآيات القرآنية”، مضيفا “طبعا هذا كله غير مقبول ونحن نعلم أن تلك الشخصيات الرسمية هي للأسف جزء من نظام بوتين، حاولنا أن نجادلهم ونناقشهم لكن للأسف لم نقابل إلا بالإتهامات ولم نر منهم رد فعل منطقي”.
كما شدّد على أن “أوكرانيا لم تهدّد أحد ولم تعتد على أحد كما لم تشكّل خطراً على روسيا كل هذا الكلام ليس إلا بروباغاندا يسوّقها الإعلام الروسي وهي دعاية غير صحيحة فأوكرانيا أضعف من روسيا وتدافع عن نفسها بوجه الإعتداءات الروسية ولذلك لا يجوز للمسلم أن يقف مع المعتدي الظالم”.
قتال الغرب في أوكرانيا
انتقد عريفوف الآراء التي تدعو المسلمين إلى المشاركة في الحرب إلى جانب روسيا لمقاتلة الغرب في أوكرانيا معتبراً أن في ذلك الموقف شيء من التلبيس “فعندما يقولون إن الغرب مستعمر ومحتل وقتل المسلمين فهذا كلام صحيح ولا شك في ذلك، ولكن السؤال المطروح هنا هل إن روسيا تقاتل الغرب حقيقة هنا في أوكرانيا؟ لا، فروسيا تقاتل الشعب الأوكراني، هي لا تقصف دولاً مثلا بريطانيا أو أمريكا وإسرائيل، هي تقصف مدناً أوكرانية 100%، والمقتولين هم 100% أوكران وليس الغرب ولا الناتو، فالناتو غير موجود في أوكرانيا. نعم إن الغرب يدعم أوكرانيا ولكن ليس حباً بها إنما لأن مصلحته تقتضي محاربة روسيا فثمّة مصلحة سياسيّة”.
ويتوقّع عريفوف أن تتدهور أحوال المسلمين في أوكرانيا إذا ما ربح بوتين الحرب، ويستند في توقّعه هذا إلى أحوال المسلمين في روسيا والقرم، ويقول “نحن كمسلمين في أوكرانيا نتمتع بكل الحريات والإمكانيات، يمكننا أن نقوم بالدعوة إلى الإسلام كما نقوم بعبادة الله سبحانه وتعالى، ولنا إمكانيات كبيرة جدا في العمل الاجتماعي وحتى السياسي وغير ذلك، ولنا حرية التعبير وحرية الرأي، وهذه أمور كثيرة معدومة في روسيا، فهناك حتى الأئمة في المساجد يخطبون بالخطب التي تلقى قبولاً من المخابرات الروسية، والمفتي لا يتكلم إلا بما يؤمر به من قبل المخابرات وليس هناك حرية رأي وتعبير فأي مسلم يتكلم بما لا يرضي المخابرات الروسية أو النظام الروسي يُعتقل ويدخل السجن”.
وأضاف “هناك المئات من المسلمين الذي خُطفوا وقُتلوا تعذيبا وهناك عشرات الآلاف من المسلمين في السجون. طبعا نحن كمسلمين في أوكرانيا لا نريد تلك الظروف ولا نقبلها فقد رأينا ما حلّ بالمسلمين بعد احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم، فقد تمّ إعدام وقتل العشرات من المسلمين وقد عُذبوا وسُجنوا وفي السجون الآن أكثر من 200 أو 300 مسلم محكومون بـ 15 أو 17 أو 19 عاماً لمجرد التعبير عن آرائهم السياسية وقد تمّ إغلاق العديد من المؤسسات والمدارس الاسلامية، ونحن نعلم أنه إذا احتلت روسيا أوكرانيا فستطبّق السياسيات نفسها”.
الواضح حتى الآن أن أوضاع مسلمي أوكرانيا مع طول أيام الحرب لن تكون أفضل من أوضاع شركائهم في الوطن، فالحرب تدمّر الجميع مهما كان لونهم أو دينهم أو عرقهم.