غزو أوكرانيا يتسبب باستقالة شخصيات بارزة معارضة لسياسة بوتين
أثار الغزو الروسي لأوكرانيا موجة استقالات لشخصيات بارزة في روسيا رفضاً للحرب التي دفعت الغرب إلى فرض عقوبات مشددة على موسكو.
ودانت شخصيات روسية عامة غزو أوكرانيا، وتركت مناصبها في مؤسسات وشركات مملوكة للدولة، ما قد يشير إلى انقسامات لدى مسؤولين رسميين بشأن الحرب حسبما أفادت وكالة “أسوشيتد برس“.
وكان بوتين انتقد معارضي سياساته، ووصفهم بأنهم “حثالة وخونة”، سيلفظهم المجتمع الروسي “مثل بعوض”.
أناتولي تشوبايس
وعددت الوكالة شخصيات بارزة استقالت بسبب الحرب، بينهم أناتولي تشوبايس الذي أكد الكرملين ، تقارير إعلامية عن استقالته، علماً أنه كان مهندس حملة الخصخصة التي أطلقها بوريس يلتسين، أول رئيس للبلاد في حقبة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وأفادت التقارير بأن تشوبايس استقال بسبب الحرب، لكنه لم يعلّق علناً على الأمر.
تشوبايس الذي كان موفد بوتين لدى المنظمات الدولية بشأن التنمية المستدامة، معروف جيداً في روسيا، إذ شغل مناصب بارزة لنحو 3 عقود.
وأشارت “أسوشيتد برس” إلى معلومات أفادت بأن تشوبايس أوصى الحكومة بتوظيف بوتين، خلال عهد يلتسين، في خطوة اعتُبرت بشكل واسع نقطة انطلاق مهمة في المسيرة المهنية لبوتين، الذي أصبح رئيساً لروسيا في عام 2000، عندما تنحّى الأول.
وشغل تشوبايس أيضاً منصب نائب رئيس الوزراء، بين عامَي 1994 و1996، والنائب الأول لرئيس الوزراء في عامَي 1997 و1998.
وأوردت صحيفة “كوميرسانت” الاقتصادية الروسية، أن تشوبايس شوهد في إسطنبول الأسبوع الجاري، ونشرت صورة لرجل يُشبهه أمام جهاز للصرف الآلي في تركيا. يذكر أن تركيا استقبلت منذ بداية الغزو، كثيرين من الروس الساعين إلى مغادرة بلدهم.
أركادي دفوركوفيتش
شغل أركادي دفوركوفيتش منصب نائب رئيس الوزراء الروسي، وهو الآن رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج. وانتقد غزو أوكرانيا، في تصريحات أدلى بها لمجلة Mother Jones الأميركية، أثارت انتقادات من حزب “روسيا المتحدة” الحاكم.
وقال دفوركوفيتش: “الحروب أسوأ الأشياء التي قد يواجهها المرء في الحياة.. أيّ حرب.. في أيّ مكان.. الحروب لا تقتل فقط أرواحاً لا تُقدّر بثمن.. الحروب تقتل الآمال والتطلّعات، وتجمّد العلاقات والصلات أو تدمّرها.. بما في ذلك هذه الحرب (الغزو الروسي)”.
وأضاف أن الاتحاد الدولي للشطرنج “يتأكد من عدم وجود نشاطات شطرنج رسمية في روسيا أو بيلاروسيا، وأنه لا يُسمح للاعبين بتمثيلهما في مناسبات رسمية أو مصنّفة، إلى حين انتهاء الحرب وعودة اللاعبين الأوكرانيين لممارسة الشطرنج”، علماً أن الاتحاد فرض حظراً لستة أشهر على لاعب روسي بارز، نتيجة دعمه العلني لبوتين.
بعد يومين على تصريحات دفوركوفيتش، طالب قيادي في حزب “روسيا المتحدة” بإقالته من منصبه رئيساً لمؤسسة “سكولكوفو” المدعومة من الدولة، والتي أعلنت بدورها الأسبوع الماضي، أن دفوركوفيتش قرّر التنحّي عن منصبه.
ليليا جيلدييفا
كانت ليليا جيلدييفا منذ فترة طويلة، مذيعة في شبكة “إن تي في” التي تموّلها الدولة، وأيّدت سياسات الكرملين طوال عقدين.
وبعد وقت وجيز على الغزو، تركت جيلدييفا وظيفتها وغادرت روسيا. وقالت لموقع The Insider الأسبوع الجاري، إنها قرّرت “وقف كل ذلك” في اليوم الأول للغزو (24 فبراير الماضي).. وتحدثت عن “انهيار عصبي فوري”، وتابعت: “طوال أيام لم أستطع السيطرة على مشاعري. ربما كان القرار واضحاً على الفور.. لن يكون هناك مزيد من العمل”.
وذكرت جيلدييفا أن التغطية الإخبارية على شبكات التلفزيون الرسمية تخضع لسيطرة مشددة من السلطات، مضيفة أن تلك القنوات تتلقى أوامر من مسؤولين.
واعترفت بأنها وافقت على ذلك منذ عام 2014، عندما ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وبدأت بدعم تمرّد انفصالي في شرق أوكرانيا. وتابعت: “عندما تستسلم تدريجياً لنفسك، لا تلاحظ عمق السقوط.. وفي وقت ما، تجد نفسك وجهاً لوجه مع الصورة التي ستنتهي في 24 فبراير”.
زانا أجالاكوفا
أمضت زانا أجالاكوفا أكثر من 20 عاماً في القناة الأولى الروسية الأولى المملوكة للدولة، وعملت مذيعة ثم مراسلة في باريس ونيويورك ودول غربية أخرى، بحسب “أسوشيتد برس”.
ظهرت تقارير إخبارية بشأن استقالة أجالاكوفا من وظيفتها، بعد 3 أسابيع على الغزو. وعقدت الأسبوع الجاري، مؤتمراً صحافياً في باريس، أكدت خلاله هذه التقارير وشرحت أسباب قرارها.
وقالت: “بلغنا مرحلة أن نتابع قصة شخص واحد فقط، أو مجموعة أشخاص من حوله، عندما نشاهد الأخبار على التلفزيون. كل ما نراه هم أولئك في السلطة. في أخبارنا، ليس لدينا البلد، ولا روسيا”.
وتطرّقت أجالاكوفا إلى ضمّ شبه جزيرة القرم في عام 2014 ودعم الانفصاليين في أوكرانيا، مشيرة إلى أنها “لم تعد قادرة على الاختباء من الدعاية بعد الآن”، ولو بوصفها مراسلة في الخارج.
وقالت إنه وجب عليها أن “تتحدث فقط عن الأمور السيئة التي تحدث في الولايات المتحدة”. وتابعت: “تقاريري لم تتضمّن أكاذيب، ولكن هذه هي الطريقة التي تعمل بها الدعاية: يتعامل المرء مع حقائق موثوقة، ويخلط بينها، ويخرج بكذبة ضخمة. الحقائق صحيحة، لكن مزيجها هو دعاية”.