سجن إيفين.. تاريخ أسود وحاضر مرعب
أظهرت مقاطع فيديو على الإنترنت فيما يبدو دخانًا يتصاعد من سجن إيفين بالعاصمة الإيرانية طهران الذي يحتجز فيه سجناء سياسيون، فيما سمع دوي إطلاق نار وإنذار يوم السبت.
قبل سنوات من سيطرة نظام الملالي على الحكم في إيران، أنشأ الشاه محمد رضا بهلوي سجن إيفين عام 1971، لكن ماسمي بـ “الثورة الإسلامية”، التي قادها الخميني عام 1979 ورثت السجن وحولته إلى مركز تعذيب لآلاف السجناء السياسيّين.
يحتوي السجن الذي يقع شمال العاصمة الإيرانية طهران، على مجموعة من غرف الاستجواب تحت الأرض، ويتعرض المعتقلون فيه للتعذيب بانتظام، لإجبارهم على التوقيع على اعترافات، وفق تقارير منظمة العفو الدولية.
تدير السجن قوات من الحرس الثوري، ويخضع مباشرة لرعاية المرشد الحالي علي خامنئي حاليا، رغم الوصاية النظرية لإدارة السجون بوزارة العدل بالحكومة الإيرانية.
نزلاء السجن يتوزعون بين معارضين للنظام الحالي، والمحتجين على الأوضاع المعيشية، كما يستضيف ذوي الجنسية المزدوجة، الذين تلاحقهم التهم الملفقة غالبا، بالعمالة والتجسس.
ترفض السلطات الإيرانية بشكل قاطع الاطلاع عن كثب على وضع السجن من الداخل، رغم مطالبات المنظمات الحقوقية، وحتى بعد انتشار فيروس كورونا، في إيفين، رفضت طهران طلبات متكررة لمنظمة الصحة العالمية لمعاينة السجناء.
وحتى وقت قريب كان السجن مسرحا للتعذيب بعيدا عن أنظار العالم والإيرانيّين، وبعدما اكتظ عام 2009 بالمعتقلين إثر الاحتجاجات غير المسبوقة في إيران، وما تعرض له المعتقلون من تعذيب، انتشرت روايات الناجين منهم لتفضح ما يجري في دهاليز السجن.
هذا الوضع دفع السلطات حينها في عهد الرئيس أحمدي نجاد إلى السماح بتركيب كاميرات مراقبة في إيفين، لكن صلاحيات الاطلاع عليها تبقى محصورة في الجلادين بالسجن المرعب.
ومع ذلك استمرت الانتهاكات داخل السجن، وذكرت تقارير للمقرر الخاص للأمم المتحدة جافيد رحمان، مرارًا وتكرارًا أن سجن إيفين هو موقع لتعذيب السجناء.
وحذر رحمان مطلع العام الحالي من عمليات تعذيب السجناء السياسيين والمعتقلين بتهم مختلفة، داعيا إلى اتخاذ إجراءات ضد النظام الإيراني لوقف الانتهاكات.
لكن نداءات الحقوقيّين والسياسيّين لوضع حد لتلك الانتهاكات لم تلقَ آذانا صاغية لدى النظام في إيران، الذي ظل ينكر ما يجري، زاعما أن الأمر مجرد حملات من الإعلام الغربي، لتشويه صورة إيران.
وظل السجن وفيا لتاريخه الأسود، من إنشائه واتخاذه من قبل طهران موقعا رئيسيا لإيواء السجناء السياسيين الإيرانيين، حيث شهد مجزرة عام 1988، ضد معارضي النظام، والتي قتل فيها حوالي 30 ألف شخص.
ورغم أن السجن عند إنشائه كان مخصصا لإيواء 320 سجينًا فقط، إلا أن النظام الإيراني ترك آلاف السجناء يقبعون فيه لسنين، قبل أن يقدمهم لمقصلة المشانق، بعد دورات تعذيب مؤلمة، ومفضوحة.
ويتم إجبار سجناء إيفين – والعديد منهم رهائن وسجناء سياسيون – بصورة روتينية على تحمل التعذيب وسوء المعاملة الجسدية الواسع والإساءة النفسية، بما في ذلك الخضوع لاستجوابات قاسية بلا هوادة والتهديدات بالعنف والإعدام، والسجن فترات طويلة في الحبس الانفرادي، وغيرها من المعاملة غير الإنسانية القاسية والمهينة، حسب تقرير سابق لصحيفة “واشنطن بوست”.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أنه في الغالب يُحتجز السجناء رفيعو المستوى في الحبس الانفرادي أو زنازين صغيرة مع عدد قليل منهم، ولكن أغلب المعتقلين يعيشون في غرف مكتظة اكتظاظًا بالغًا، حيث ترتفع درجات الحرارة ارتفاعًا كبيرًا وسريعًا بصورة لا تطاق خلال فترة الصيف.
ويحتوي السجن على مجموعة من غرف الاستجواب تحت الأرض حيث –وفقًا لمنظمة العفو الدولية – يتعرض المعتقلون للتعذيب بانتظام لإجبارهم على التوقيع على اعترافات، تقودهم إلى المشانق في أكثر الأحوال.
ويحمل قسم النساء في هذا السجن نصيبا كبيرا من الانتهاكات اليومية، بتعريضهن للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية، ومنع العلاج في المستشفيات، وفق تقارير منظمة العفو الدولية العام الماضي.
وتُجرى إعدامات بعد محاكمات سريعة عبر الشنق في فناء داخل السجن، تزيد سجل إيران الأسود في الإعدامات، كثاني أعلى نسبة إعدام في العالم.
ولطالما انتقدت جماعات غربية مدافعة عن حقوق الإنسان سجن إيفين، وأدرجته الولايات المتحدة على القائمة السوداء في عام 2018 بسبب “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها إن سلطات سجن إيفين، تستخدم التهديد بالتعذيب والتهديد بالحبس، لأجل غير مسمى، وتعذيب الأقارب والخداع والإذلال والاستجوابات اليومية المتعددة التي تستمر لخمس أو ست ساعات، والحرمان من الرعاية الطبية وزيارات ذوي السجناء لمعتقل إيفين.