وثائق بنما كشفت فضائح مالية لزعماء ومشاهير
في عام 2015، اتصل مُخبر باسم “جون دو” بصحيفة “سود دويتشه تسايتونغ” الألمانية وسرّب أكثر من 2.6 تيرابايت من البيانات السرية، ومصدرها شركة المحاماة موساك فونسيكا ومقرها بنما.
حصلت الصحيفة على 11.5 مليون وثيقة، وأشركت معها في الاطلاع عليها جمعية الصحفيين الاستقصائيين.
عملت الجمعية مع صحفيين آخرين من 109 مؤسسات إعلامية في 76 دولة، من بينها صحيفة الغارديان البريطانية، من أجل تحليل الوثائق خلال فترة عام.
ويعد هذا التسريب الأكبر في التاريخ، إذ يفوق ما سربه موقع ويكيليكس حيث كشفت الوثائق النقاب عن 214000 جهة وشخص، من بينها شركات ومؤسسات.
وتغطي المعلومات التي تضمها الوثائق الفترة منذ عام 1977، وحتى شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 2015. وتمثل رسائل البريد الإلكتروني الجزء الأكبر من الوثائق المسربة، لكن كشف النقاب أيضا عن صور لعقود وجوازات سفر.
فتح التسريب الباب على مصراعيه أمام عدة تساؤلات، من بينها كيف يستخدم الأغنياء وأصحاب النفوذ الملاذات الضريبية الآمنة لإخفاء ثرواتهم.
وبعد ثماني سنوات من الكشف عن الفضيحة المالية العالمية بدأت في مارس آذار من العام الحالي أول محاكمة ضد 27 متهما في بنما على رأسهم مؤسسا الشركة، يورغن موساك ورامون فونسيكا مورا، حيث يواجه المتهمون اتهامات بغسل الأموال من خلال إنشاء 215 ألف شركة وهمية في الملاذات الضريبية.
من هي أبرز الأسماء التي ورد ذكرها في الوثائق؟
تتحدث الوثائق عن 12 من قادة العالم الحاليين أو السابقين، و128 سياسيا وموظفاً حكوميا، إضافة إلى أسماء بارزة في عالم الرياضة وفقا للاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين وقد أطاحت الوثائق فعلياً بالعديد منهم على رأسهم رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف والرئيس الأرجنتيني السابق موريسيو ماكري
وقامت مصارف وشركات ومساعدون مقربون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لم يرد اسمه هو شخصيا في التحقيق، بتهريب أموال تزيد عن ملياري دولار بمساعدة من مصارف وشركات وهمية، وهو ما اكسبهم نفوذا خفيا لدى وسائل الاعلام وشركات صناعة السيارات في روسيا. واتهم الكرملين “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين” الذي قام بالتحقيق بشن هجوم يهدف الى زعزعة استقرار روسيا.
وأقر بوتين شخصيا بان المعلومات التي تضمنتها “اوراق بنما” صحيحة لكنه اكد انها لا تكشف اي امر غير قانوني، متهما الولايات المتحدة بالوقوف وراء هذه “الاستفزازات”.
وجهت التحقيقات اصابع الاتهام الى عائلات الرئيس الصيني شي جين بينغ وعدد من كبار المسؤولين وقالت انهم استخدموا شركات اوفشور لاخفاء ثرواتهم، ومنهم ثمانية من الاعضاء القدامى او الحاليين للجنة الدائمة الواسعة النفوذ للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، وأربكت هذه القضية شي الذي يتباهى منذ تسلم منصبه اواخر 2012 بعزمه على مكافحة الفساد
ميسي وآخرون
كانت حصة العائلة الرياضية وخصوصا كرة القدم في أميركا اللاتينية كبيرة بعد الكشف عن اوراق بنما بينهم أصحاب نفوذ داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا وعلى رأسهم رئيس الاتحاد الحالي السويسري جاني اينفانتينو وكذلك، خوان بيدرو دامياني الذي شغل منصب عضو لجنة الاخلاقيات التابعة للاتحاد حيث تحول من محقق الى مشتبه فيه.
كذلك ورد اسم رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم السابق الفرنسي ميشيل بلاتيني الذي أسس شركة في بنما.
لكن الاسم الأبرز على القائمة يبقى النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي والذي يملك بالشراكة مع والده شركة وهمية مقرها في بنما تدعى “ميغا ستار انتربرايزز” لم تكن معروفة في السابق لدى المحققين الاسبان الذي كانوا يحققون في مخالفات ضريبية للاعب برشلونة السابق.
بعد هذه الفضيحة المدوية وما سرب من وثائق أدرجت بنما بسبب ذلك، على القائمة السوداء للملاذات الضريبية التي وضعها الاتحاد الأوروبي.
ووفق وكالة الأنباء الفرنسية، لم تكن بعض أحكام قوانين مكافحة غسل الأموال في بنما قد دخلت حيز التنفيذ بعد عندما برزت القضية، ما قد يجعل الإدانة أكثر صعوبة.
ففي بنما، لم يصبح التهرب الضريبي جريمة إلا منذ عام 2019 وعلى مبالغ تتجاوز 300 ألف دولار سنويًا، بينما في السابق لم يكن التهرب الضريبي يعتبر جريمة، بل مخالفة إدارية بسيطة.