اشتباكات بيروت… الولايات المتحدة تحض على “وقف التصعيد”
حضت الولايات المتحدة الخميس على نزع فتيل التوتر في لبنان بعد اشتباكات دامية في بيروت خلال تظاهرات ضد القاضي المكلف التحقيق حول انفجار مرفأ بيروت.
وقال المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحافيين “نضم صوتنا إلى السلطات اللبنانية في دعوتها إلى التهدئة ووقف تصعيد التوتر”.
وقتل ستة أشخاص وأصيب ثلاثون على الأقل بجروح الخميس في اشتباكات مسلحة تخللها تبادل لإطلاق النار والقذائف الصاروخية تزامناً مع تظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت.
وقال برايس “يعتمد مستقبل الديموقراطية في لبنان على قدرة مواطنيها على التعامل مع المسائل الصعبة وهم واثقون بسيادة القانون”.
وأردف “يجب أن يكون القضاة بعيدين عن العنف والتهديدات والترهيب، بما في ذلك تلك الصادرة عن حزب الله”.
واتهم حزب الله وحركة أمل “مجموعات من حزب القوات اللبنانية”، أبرز الأحزاب المسيحية التي شاركت في الحرب الأهلية ويعد اليوم معارضاً شرساً لحزب الله، بـ”الاعتداء المسلح” على مناصريهما.
واعتبر حزب القوات اللبنانية اتهامه “مرفوضا جملة وتفصيلاً”.
ستة قتلى في اشتباكات مسلحة على هامش تظاهرة ضد المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت
وقتل ستة أشخاص وأصيب ثلاثون على الأقل بجروح الخميس في اشتباكات مسلحة تخللها تبادل لإطلاق النار والقذائف الصاروخية تزامناً مع تظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، في تصعيد يُنذر بإدخال البلاد في أزمة جديدة.
وتعرض القاضي طارق بيطار خلال الأيام الأخيرة لحملة ضغوط قادها حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، اعتراضاً على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللها مطالبات بتنحيته.
وتحولت مستديرة الطيونة، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب بيطار، الى ساحة حرب شهدت اطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح ابنية، رغم تواجد وحدات الجيش وتنفيذها انتشارا سريعاً في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990).
وقال الجيش اللبناني في بيان مساء الخميس إنه “أثناء توجّه عدد من المحتجين إلى منطقة العدلية للاعتصام، حصل اشكال وتبادل لإطلاق النار في منطقة الطيونة- بدارو”، بعدما كان أعلن في وقت سابق عن تعرض محتجين لرشقات نارية أثناء توجههم إلى قصر العدل.
وقال الجيش إنه “دهم عدداً من الأماكن بحثاً عن مطلقي النار، وأوقف تسعة أشخاص من كلا الطرفين بينهم سوري”، من دون أن يحدد هوية الأطراف التي بدأت إطلاق الرصاص او انتماءاتها.
وأعلن وزير الداخلية بسام مولوي بدوره أن “الإشكال بدأ باطلاق النار من خلال القنص” ما أسفر عن “إصابات بالرأس”.
وأسفر الاشتباكات، وفق وزارة الصحة اللبنانية، عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 32 آخرين بجروح.
وقالت مديرة الطوارئ في مستشفى الساحل في الضاحية الجنوبية لبيروت مريم حسن لوكالة فرانس برس أن بين القتلى الذين وصلوا إلى المستشفى امرأة في الرابعة والعشرين من العمر أصيبت جراء طلق ناري في الرأس خلال تواجدها في منزلها.
في شوارع مؤدية إلى مستديرة الطيونة، شاهد مصور لوكالة فرانس برس الخميس مسلحين، بينهم مقنعون، من حركة أمل وحزب الله وقد وضع بعضهم شارات تؤكد انتماءهم الحزبي، يطلقون النيران باتجاه أبنية يتواجد فيها قناصة، فيما لم يكن الطرف الآخر واضحاً للعيان.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صباحاً صوراً لأطفال يجلسون أرضاً في إحدى القاعات المدرسية، فيما وجه سكان خلال النهار نداءات لإجلائهم من المنطقة.
وأعاد المشهد إلى الأذهان بالنسبة لكثيرين ذكريات الحرب الأهلية المؤلمة. وقالت مريم (44 عاماً) “تخيلت نفسي طفلة صغيرة مختبئة في رواق المنزل”.
وخلال كلمة متلفزة، قال رئيس الجمهورية ميشال عون “ما شهدناه اليوم في منطقة الطيونة، مشهد مؤلم وغير مقبول أعادنا بالذاكرة إلى أيامٍ طويناها”.
وأضاف “ليس مقبولا أن يعود السلاح لغة تخاطب بين الافرقاء اللبنانيين إنّ الشارع ليس مكان الاعتراض، كما انّ نصب المتاريس أو المواقف التصعيديّة لا تحمل هي الأخرى الحل”، مؤكداً أن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت سيبقى “أولوية”.
وأعلنت الحكومة الجمعة يوم إقفال عام حداداً على أرواح القتلى.
ويقود حزب الله وحليفته حركة أمل الموقف الرافض لعمل بيطار، ويتهمانه بـ”الاستنسابية والتسييس”.
ويخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط إلى عزل بيطار على غرار سلفه فادي صوان الذي نُحي في شباط/فبراير بعد ادعائه على مسؤولين سياسيين.
ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، تقدم أربعة وزراء معنيين بشكاوى أمام محاكم متعددة مطالبين بنقل القضية من يد بيطار، ما اضطره لتعليق التحقيق في القضية مرتين حتى الآن.
وعلق بيطار الثلاثاء التحقيق بانتظار البتّ في دعوى مقدمة أمام محكمة التمييز المدنية من النائبين الحاليين وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الاشغال السابق غازي زعيتر، المنتميان لكتلة حركة أمل.
وأفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس أن محكمة التمييز المدنية رفضت الدعوى، وبالتالي يستطيع بيطار استئناف تحقيقاته. وهذه المرة الثانية التي يرفض فيها القضاء دعوى مماثلة ضدّ بيطار لعدم اختصاص المحكمة النظر فيها.
وكان مقرراً أن تعقد الحكومة بعد ظهر الأربعاء جلسة للبحث في مسار التحقيق، غداة توتر شهده مجلس الوزراء بعدما طالب وزراء حزب الله وحركة أمل بتغيير المحقق العدلي. إلا أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قرر تأجيل اجتماع الأربعاء إلى موعد يحدد لاحقاً بانتظار التوصل إلى حل.
وظهر الخلاف داخل الحكومة بعد إصدار بيطار الثلاثاء مذكرة توقيف غيابية في حق خليل لتخلفه عن حضور جلسة استجوابه مكتفياً بإرسال أحد وكلائه.
وتسبّب انفجار ضخم في الرابع من آب/أغسطس 2020 بمقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزت السلطات الانفجار الى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم بلا تدابير وقاية. وتبين أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة.
ويتظاهر ذوو الضحايا باستمرار دعماً لبيطار واستنكاراً لرفض المدعى عليهم المثول أمامه للتحقيق معهم، بينما تندّد منظمات حقوقية بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.